الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلم -الخلاص من شوشانك- رسالة في الحياة والأمل

أيوب الوكيلي

2020 / 2 / 1
الادب والفن


داخل سجن الشاوشانك إما أن تنشغل بالحياة أو تنشغل بالموت هكذا قال البطل "أندي" لكن صديقه يحذره من الأمل حيث يقول، مورجان فريمان: " اسمح لي أن أقول لك شيئاً يا صديقي .. الأمل شيء خطير .. الأمل من الممكن أن يقود الإنسان للجنون".

بعد مشاهدة فلم الشاوشانك ترامت إلى ذهني مجموعة من التساؤلات الوجودية والعقلية، هل الفلم هو مجرد رسالة في الأمل أم أنه تجربة فنية عميقة استطاعت أن تعكس عمق الحياة الإنسانية ورصد أهم معالمها من معاناة وتحديات، ومن أهمّ الأسئلة التي دارت في ذهني بعد أن انتهيت من مشاهدة فيلم "TheShawshank.Redemption" عن ماذا يتحدث بالضبط الفيلم؟ وما الرسالة التي يريد أن يوصلها لنا؟ إنه يتحدث عن الحرّية والصّداقة والظلم والعدل والتّصميم والإرادة واليأس والحبّ والخيانة والفرح والنّدم والشّوق والإحباط، حيث تمكن المخرج أن يبرز الكثير من المظاهر المعقدة في حياة الإنسان في قالب فني مبدع رغم اختلاف أشكلها وألونها وطبيعتها الوجودية.

يشكل فيلم الشاوشانك تجربة تتحر فيها النفس عن طريق الأمل، فكرته الرئيسية هي أن تحرير نفسك من العقد والقيود، وخاصة عقدتي المكان والزمان اللتان تدخل الناس في حالة من اليأس والملل القاتل الإنسان، وغيرها من العقد المادية أو المعنوية.
حيث يحيل الفيلم في العمق على تجربة إنسانية متميز، تعكس بعدا وجوديا يرتبط بمعنى الحياة، لأنه حين نواجه تحديات الحياة بكل أشكالها و أنوعها، لدينا خياران في التعامل معها، إما أن نكون مكسورين ونخضع لظروف ونبدأ في الندم والسخط على القدر والظروف والدخول في حالة السأم والملل، و إما أن نواجه التحديات بنوع من الأمل الذي يدفعنا إلى التفكير في الحلول الممكنة لمواجهة هذه الظروف والتحديات عن طريق البحث عن معاني ودلالات تدفعنا إلى مواجهتها عبر الأمل والتفاؤل بالمستقل.
هنا تكمن براعة شخصية البطل آندي الذي استطاع أن يواجه حكمه بالسجن مدى الحياة بمقاربة مختلفة عن المعتاد، حيث اعتمد على قوته الذاتية في مواجهة هذا الوضع، منذ دخوله لسجن وهو يفكر في الكثير من الإمكانات والاحتمالات بنوع من الهدوء لا يدرك أحد من السجناء أو الجنود الأشياء التي يخطط لها، وفي هذا السياق يقول أندي "الأمل شيء جيد و ربما هو أفضل الأشياء جودة، وليس هناك شيء جيد يموت".
و من أفضل المشاهد في الفيلم، حين يجد آندي اسطوانة عند مدير السجن فيقوم بتشغيلها في مكبرات الصوت، لتصل الموسيقى الأوبر لأذن كل سجين، وسط دهشة السجناء، وحين يُأمره السجان بإيقاف الموسيقى، يرفع الصوت أكثر ثم يسترخي، هذا الأمر إشارة ضمنية إلى أننا يجب أن نحافظ على نقطة الأمل في نفوسنا مهما كانت الظروف و التحديات التي نمر بها.

أن تبقى مملوء بالسعادة الداخلية التي لا يستطيع أحد من العالم الخارجي أن يتحكم فيها، إنها تجربة عميقة تعكس التنوع المعرفي والعقلي الذي يميز الوجود الإنساني، لهذا نجد أن التعاطف مع شخصية آندي يحمل في طياته نوع من التقاسم المشترك بين المتلقي الذي يحس بظلم الحياة وغياب الأمل، لكنه يجد في شخصية البطل أندي نموذج للإيمان بالمستقبل وقدرته على الثقة في فكرته المستحيلة من منظور السجناء والجمهور، كان يمضي يومه في التخطيط للهروب من السجن لمدة طويلة دامت تسعة عشر سنة، وهو يحفر النفق من أجل الهروب والذهاب للحياة في الجزيرة التي كان يحلم بها.

كما أن آندي حول كل البؤس الموجود داخل السجن إلى نقطة قوة عبر مساعدة السجناء و تطوير علاقاته وخدماته داخل السجن، وقد كان الأمل هو الذي يصبّره لاجتياز يوم بائس آخر، الأمل هو ما جعله يحتمل نحت أحجار الشطرنج، وغلاظة المأمور، والأشغال الشاقة، والمعاملة الرديئة، والوجوه الجافة، والإحساس المهول بالقهر، استطاع أن يخلصه من مأموره المتدين النصاب، المتستر على كل ما كان يحدث داخل السجن من خروقات لحقوق الإنسان، ومن اعتداءات جنسية وبدنية ضد النزلاء.

يريد أن يعلمنا الفلم درسا مهما في الحياة، أن الأمل والحرية هما جوهر الوجود الإنساني لهذا يجب المواصلة وعدم الاستسلام مهما كان الحال والظروف التي نجود داخلها، يريد أن يقول لنا أنّ السعادة والحرية قد تخلقها في ذهنك أينما كنت، فلا تقيّد بأسوار ولا بظروف ولا بمكان أو زمان، حتى لو سلبوا منك كل شيء، لكنهم لن يستطيعوا سلب حريتك الداخلية لأنك الذي تعطي لوجودك معنى ودلالة داخل الحياة، لأن أندي كان حرّا في السجن، بينما بعضنا سجين وهو “حرّ” خارجه! جنّتك وسعادتك في داخلك فلا تبحث عنها كثيرا في الخارج، لا تجعل ظروف الحياة “تمأسسك”... لا تخف من نظام العالم الذي يجبرك على اتّباعه دون رغبة منك بل قاومه قدر ما استطعت، لا تتخلّى عن حرّيتك طواعِيَة وتستسلم.. عِش بالأمل والحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا