الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأدب الأمازيغي والقمع المؤسساتي

محمد أسويق

2006 / 6 / 2
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


تجدر بنا الإشارة في بداية هذا المستهل كي نشير على أن الأمازيغ لم يسبق أن عانوا الفراغ الثقافي والتاريخي والفكري طوال حياتهم الإجتماعية التي تشهد لها مختلف العصور والحقب …بل ظلوا دوما يحتفظون بوعائهم الثقافي المعبر عن مستوى تحضرهم وعن سلوكهم الجمعي…
فأبدعوا في مختلف الأجناس الأدبية والفلسفية :كالقصة والشعر والألغاز والمسرح………وسجلوا ضمن التراث العالمي حضورا قويا ووازنا. سواء تعلق الأمر بمستوى اللفظ أو المعنى أوبالجمالي وفي علاقته الوطيدة بالمعرفي الإنساني….
والتجربة التاريخية والادبية هذه حاولت أن تعرف بهم ككيان يحب المعرفة والأدب ويمقت الظلم والإستغلال….وفعلا كانت جل ممارساتهم تؤكد بالمطلق هذاا التصور الذي هو من شيم الامازيغ إلى حدود اليوم.
فهذا الحضور الوازن والمعبر المصاحب بالنضج والعبقرية والإتزان. هو الذي حتم على كل من هيرودوت وهوميروس…… بأن يتناولوا في كتاباتهم الحضارة الأمازيغية ولو بشكل مقتضب .واعتبروها على حد رأيهم شيئ في منتهى النخوة والشجاعة..يستحق الإعتناء به لإستخلاص التجارب لباقي الشعوب التي مازالت تتعثر في روث البداوة…
طبعا وكما سلف الذكركانت لجل انتاجاتهم وابداعاتهم الشفوية مضامين ذات نزعة انسانية محضة وتاريخية صرفة ومرجعية متجذرة في الصحراء الكبرى كما في الحوض المتوسطي..وخارج البلد الأصلي عبر الاحتكاك التجاري والملاحة البحرية أو عبر عامل المثاقفة . وكانت هذه الإنتاجات الفكرية ماهي إلا ترجمة لقيمهم وطموحاتهم وتفكيرهم …….في قالب حضاري يعرف كيف يمنح لكل جنس خصوصياته الفنية والجمالية وهذا راجع اساسا إلى القدرات أو الجينات التي تحتويها اللغة الأمازيغية .وهي التي جعلتها تعيش حتى اليوم رغم القمع والتهميش الفظيع…فحين توحي لنا الجداد أو فتيات القبيلة المحنكات ببعض النصوص الشعرية أو الأحاجي يبهرنا السرد المتناغم مع الحدث بلغة البيان داخل تشكل وتشاكل الجرس الموسيقي.. فنأسف على هذا الحرمان اللا مبر علميا. وكان من حقه ان ينعم بالحضور المؤسساتي قدر الإمكان.. لا لكوننا أصحاب هذا الإبداع بقدرما أن بإمكانه ان يساهم في الثقافة البشرية وفي تخليق الحياة الإنسانية…..
وقد مثل هذه التجربة شخصيات مهمة مثل :ابوليوس في روايته المشهورة الحمار الذهبي وسين أغوسطين في كتاباته المتعددة الداعية للسلام والحرية ونبذ القمع ككتاب مدينة الله…..الذي اتخذتهم اليوم المسيحية مراجع مهمة ومصادر أساسية. نظرا للقيمة المعرفية والإنسانية …. كذالك تيرتيليون في مجال القانون الذي كان يرافع ضد روما..إلى غير ذالك من المثقفين الذين لم يشملهم البحث بكثرة المؤامرات والطمس والتشويه واحراق المكتبات كما كان يحدث ابان الغزو الأموي لعامة شمال إفريقيا كما يشير لذالك ليون الافريقي في وصف إفريقيا وحتىمرحلة ماقبل الإسلام التي انتعش فيها الادب الأمازيغي كمايشير إلى ذالك عثما الكعاك في كتابه البربر. والتي مثلت نهضة فكرية مهمة بأدمغة كانت مازالت بكرا وعذراءا. لم يطوح بها الغزو بعد إلى المنافي كما بعد مجيئ عقبة الذي غزى سوس بشكل بشع كما يروي البكري وابن عذاري
وهذه ألأدب الأمازيغي الإنساني كان في حد ذاته شكل للمقاومةوالتحدي لإثبات الوجود من خارج موسسات الدول المتعاقبة على حكم شمال إفريقيا.
والمبدع الامازيغي هنا كان يمثل دور المؤرخ والإعلامي والباحث الإجتماعي….. حتى وإن حاولت المؤسسات الرسمية إقصاءه وتهميشه. فحاول أن يصنع من إبداعه تارخه الحقيقي كما أن يصنع من ذاته كل ما من شأنه ان يقيه شر الضياع
..وعلى هذا الاساس نجد لحدود اليوم تهميش مقصودعلى مستوى المؤسساتي للأدب الامازيغي ككل في زمن تكاثرت فيه الشعارات الحقوقية التي يتم تفعيلها بشكل استاليني . وأن أدبنا وثقافتنا محرومة من أبسط شيئ من ولوج المدرسة المغربية والجزائرية والتونسية والليبية……لتظل منتجعا لثقافة الاوثان والوءد…علما أنه لو لم تحتوي على ماهو هام ومهم لما أدخلت رواية أبوليوس إلى مدرجات الكليات بالغرب ولما استعان الفراعنة بالمفكرين الأمازيغين لإنقاذ عروشهم من الإنحطاط…..
فنظرة الدونية تجاه هذا الكيان الرمزي مآله الحقد والتخلف والإنغلاق والجشع….وطغيان الذات على ماهو أسمى سببه التخلف الذي تجتره الأمة العربية وباقي الأليغارشيات…. التي ترفض التعايش مع الآخر ماعدا جواري و سبايا موسى ابن نصير
وحتى نقف على الحقائق المريرة في ظل الخطابات الرسمية الصاخبة التي تدعي على أنها في تصالح مع الماضي والتكفير عن الجرائم …إما بصنع المعاهد أو بإصدار بعض المذكرات الوزارية
لكن هذا الخطاب المروج في ظل التهافت الإعلامي لن يمنع الأمازيغ من الإستنكار وكشف الحقائق اليومية الذي يتعرض له أدبهم وثقافتهم ولا تحظى بأدنى تقدير يذكر. حيث منطق منع الجمعيات كالشبكة الأمازيغية ..ومنع تسجيل الأطفال في الحالة المدنية…. وعدم استعمال حرف التيفيناغ في الوثائق الرسمية بدل لغة الإستعمار
وعلى مستوى المغرب تبقى مجهودات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ضعيفة للغاية ولا ترقي إلى مستوى المطلوب وتتحكم فيها الإرتجالية لقطع الطريق على الحركة الأمازيغية في بعدها الإحتجاجي وأن أي مشاهد للنشرة الإخبارية سيندهش كيف لدقيقتين أن تلبي رغبة ملايين الناس بكل أحداث العالم وأن الجليات الإسبانية والفرنسية تأخذ حقها في الحظوظ خير منها. أما فيما يتعلق بالأمازيغية داخل المنظومة التربوية فالأمر مهزلة بامتياز : من غياب التعميم إلى ضعف البرامج والنصوص الرديئة والتكوين الضعيف للمعلمين ……مع غياب الجرءة وإقصاء النصوص التاريخية.
ونافلة القول إن تعامل المعهد مع هذه الأخيرة يتم بشكل محتشم . لأن الإعتراف الشكلي فرضته الضرورة فقط وليس موقفا مبدئيا نابعا من القناعة .فإن كان قولنا فيه مبالغة. فهل يكرم المبدعون والباحثون. وهل تتحمل وزارة الثقافة نفقات الطبع للباحثين والمهتمين….وهل تقف عند كل من أسدى خدمات جليلة لهذا التراث: كمحمد مودروس وعمر واهروش ويمنى الخمالي وسلام الريفي…. مع حفظ الذاكرة للمعلمات البارزةذات الصيت الدولي
كل ماهنالك أن الأمر مسرحية لامتصاص الغضب الجماهيري وإفراغ الحركة الأمازيغية من محتواها النضالي إما بالتهميش أو الإغراء
وإننا لا نود الدخول في متاهات خرافية اليوم بل نسعى ونطمح إلى من سنقذ الموقف على عجل .لأن الأمر أمام زحف العولمة لم يعد يحتمل الإنتظار والصبر… وان الشعارات الجوفاء سرعان ما تنفضح وتنكشف
فتفعيل الأمازيغية يبدأ:من الترجمة الفورية لمطالب الحركة الأمازيغية والترجمة الحرفية دون قراءة تاويلية لميثاق اكادير مع الدسترة التي ستعتمد العرف الإجتماعي… ومنح الظمانات السياسية والستورية لتجاوز الموقف السلبي مع الإلتزام المبدئي لماجاءت به المواثيق الدوية مع منح صلاحيات واسعة للجهة لتدبير الشأن الثقافي والإقتصادي ………لان لاأمازيغية في ظل هيمنة المركز الذي يجهل المعطى الحقيقي للجهة كعنصر حيوي في تدبير التنمية
وسيادة القمع المؤسساتي هو قبل كل شيئ مس بالكرامة الإنسانية فهل سيجتمع القمع والديمقراطية ام بينهما البرزخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا