الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدور المصرى الغائب وتأجيج الصراع الإقليمى فى الشرق الأوسط وإفريقيا

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2020 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


دور المصرى الغائب و تأجيج الصراع الإقليمى فى الشرق الأوسط وإفريقيا
أثارت مناسبة منح مهرجان زيمبرأوبر/دارأوبرا فى مدينة دريسدن الألمانية، وسام سان جورج ، للرئيس عبدالفتاح السيسى، الجدل بشأن الدور المزعوم للرئيس المصرى فى محاولة تحقيق السلام الإقليمى فى الشرق الأوسط وإفريقيا ، وبصرف النظر عن الإنتقادات الشديدة الموجهة لسياساته الداخلية، وفى حدود السياسات الخارجية التى إستندت عليها الجائزة، فهل هى حقاً سياسات ساهمت فى تحقيق السلام الإقليمى ، أم على العكس من ذلك، حيث أدت سياسات الحياد، والتركيز على الداخل، وغياب خيار الردع الإستراتيجى فى الخارج، إلى خلق حالة من الفراغ الإستراتيجى، والإخلال الشديد بموازين القوى فى الإقليم، ساهم فى تفاقم ثلاث أزمات كبرى من أزمات الشرق الأوسط ، فى اليمن وسوريا وليبيا، بالإضافة إلى مشكلة النيل الإفريقية، وأدت فى النهاية إلى غياب دور مصر الإقليمى وماترتب على ذلك من مشاكل جيوسياسية كارثية.
فبإستثناء اليمن التى كان تقزيم دور مصر فيها خطيئة سعودية بشكل أساسى، عندما رفضت مبادرة القوات العربية المشتركة التى تقدمت بها مصر فى مارس 2015، بعد الإنقلاب الإيرانى الحوثى بأشهر قليلة، وكانت فى الواقع أنسب الطرق الناجعة للرد على هذا الإنقلاب وماأعقبه من تداعيات كارثية، حيث إنسحبت فجأة من التوقيع على بروتوكول إنشاء تلك القوات فى أغسطس من نفس العام 2015، بعد أن أطلقت عاصفة الحزم، وتطلعت لقيادة المنطقة من خلال حلف إسلامى سنى يضم باكستان وتركيا وقطر، وإكراه مصرعلى الإنضمام إليه بالضغط الإقتصادى، الذى وصل ذراه بقطع إمدادت المحروقات الشهرية عنها فى العام التالى مباشرة 2016 ، تلك الأزمة التى لم تنتهى إلا بعد أن تبينت السعوودية عقم مسعاها فى تزعم حلف يضم نظم كتركيا وقطر،وعادت مرة أخرى إلى الحليف المصرى، الذى كان قد قرر الإنزواء وعدم المشاركة فى أية أحلاف عسكرية أخرى ، كما كان الصراع اليمنى نفسه ، قد تطور إلى حالة معقدة من الحرب المفتوحة، الغير قابلة للحسم مؤقتاً.
لكن السعودية لم تكن حاضرة فى سوريا وليبيا ، فهنا كان نظام السيسى يعبر عن سياساته الخارجية الحيادية بحرية وبإختيار إرادى، فى مواقف غامضة ملتبسة، حيث إرتكب فى سوريا خطيئتين سياسيتين لايمكن غفرانهما، الأولى هى عندما منح العالم فرصة رد الإعتبار لمصر مرة أخرى، وعند تأسيس مقترح إنشاء المناطق الآمنة لإيواء اللاجئين السوريين، برعاية التحالف الدولى ، بأن يكون الجيش المصرى المحايد المحترف هو حاميها ، وليس قوات التحالف الإسلامى السنية المذهبية التى إقترحتها السعودية، فقد رفض السيسى هذا الإقتراح بحجة الحرص على عدم الزج بالجيش المصرى فى مغامرات خارجية ، لكن الواقع أنه كان يخطئ فى حق مصر وجيشها ودورها الإقليمى الطبيعى ، وفى حق الشعب السورى الذى كان يحتاج للمساعدة ، وفى حق الإقليم المضطرب، وفى حق العالم الذى كان يسعى لفرض الحل السياسى بدلاً من الحل العسكرى الذى إختاره بوتيين وحلفائه، لقد إختار السيسى مناصرة حلف الطغيان فى الواقع، وترك السلاح يتكلم، حيث كان ذلك أقرب إلى طبيعته الشخصية، وإلى خياراته الطبيعية، وهو ماأثبتته الأحداث بعد ذلك ، فى تعامله مع الخطيئة الثانية، عندما رفض منح الأكراد بعض المعونة العسكرية فى مجال الدفاع الجوى، محدودة الخسائر البشرية، عندما هاجمهم طيران أردوغان، وقضى على مقاومتهم الباسلة، وأنشأ منطقته الآمنة، التى سرعان ماأصبحت وكراً لجهادى الإخوان ، خصومه المفترضين، لكن الواقع أنه مرة أخرى، كان قد إختار حلف الطغيان، بدلاً من كردستان الحرة.
أما فى ليبيا فقد كانت الخطيئة أعظم من كل الخطايا الأخرى، حيث أدى التأخر فى تقديم دعم عسكرى ملموس لقوات شرق ليبيا، وبحجج واهية تلائم منهج السلامة الشخصى وليس السياسى ، من أجل إسترداد غربها وتطهييره من الميليشيات، إلى حلول أردوغان وميليشياته وإتفاقاته السياسية والإقتصادية إلى المشهد الليبى فى طرابلس، والتى أدت فى النهاية إلى تهديد أمن وسلامة كل منطقة البحر المتوسط والشرق الأوسط وإفريقيا.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد كان لسياسة الإنسحاب تلك ، تأثيرها على الملف الإثيوبى الإفريقى أيضاً ، حيث رصد صانع القرار الإثيوبى، تراجع الدور الإقليمى المصرى المتزايد جنوباً وشمالاً ، فمضى فى مشاريعه المائية بتسرع ، دون مراعاة لأمن وسلامة جيرانه ، مما أصبح يهدد بنشوب حرب إفريقية فى أى لحظة ، والخلاصة هى إنه فى العلاقات الدولية ، ليس كل سلام سلاماً، وليس كل هجوم عدواناً، ففى السياسة كما فى الحياة، الوقاية خير من العلاج، والردع خير من الهجوم، ويبقى الدرس الأكبر فى النهاية ، هو أن تغييب الدولة ومؤسساتها ونخبتها السياسية ، لصالح مزاج رجل واحد ،لا يترتب عليه فقط مثل هذا العبث بمكانة شعبها ومقدراته، ولكن أيضاً بأمن الإقليم وتوازناته ، فمن ديكتاتور إلى آخر، تختلط الأوراق ، ويضيع المنطق السياسى ، وتتحول حياة الناس إلى شقاء وفوضى!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عامل داخلى مهم
هاني شاكر ( 2020 / 2 / 3 - 05:10 )

عامل داخلى مهم
_______

يقدر عدد كبير من المحللين العسكريين و الاستراتجيين ان العقيدة القتالية فى الجيش المصرى قد تدنت جدا ... بسبب الفساد المتفشي فى القيادات

يضاف إليه حالة الخوف من تمرد بعض قطاعات القيادات الوسطي

هل هذا صحيح ؟ خاصة ان هذه الفرضيات توافق الملاحظات و الإستنتاجات الواردة فى المقال

...


2 - الرد على الأستاذ هانى شاكر تعليق رقم 1
عبدالجواد سيد ( 2020 / 2 / 3 - 10:43 )
الأستاذ هانى الحقيقة موضوع الجيش المصرى فى عهد السسى يحتاج إالى رسالة كاملة، الجيش مهمته أصبحت تنحصر فى الحفاظ على أمن الحدود المباشرة فقط المباشرة فى سيناء والصحراء الغربية فقط دون الإشتباك فى أ ى عمليات عسكرية بعيدة مع التركيز على قمع التمردات الداخلية المحتملة والإستغراق فى العمل الإقتصادى، هذه مهمة الجيش الحالية لكن النظام نفسه تحكمه حسابات دقيقة أخرى تجعله يتبنى سياسة الإنزواء وعدم المشاركة الإقليمية الخوف من تمرد الحيش نفسه خاصة فى ظل فقدان قطاع كبير من تأييد شعب 30 يونيو أيضاَ الخوف من أى إنتكاسة أو ثمن باهظ فى أى تدخل إقليمى أيضا عدم وجود أو غياب توجه أو مذهب سياسى للنظام نفسه فلصالح من سيتدخل للشعوب أو للحكام لبوتيين أم لترامب ، الشئ الواضح فقط له هو الحفاظ على الحكم المطلق والإمتيازات والهدوء الداخلى بصرف النظر عن تداعيات مايدور حوله أو عن أى توجه نحو المستقبل مموضوع كبير أستاذ هانى يحتاج لمقال منفصل تحياتى وشكراً على مرورك الكريم

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي