الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيدة من تل ابيب ، ربعي المدهون

مهند طلال الاخرس

2020 / 2 / 3
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


الرواية تقع على متن 324 صفحة من القطع المتوسط وهي من اصدارات المؤسسة العربية للدراسات والنشر وهي الرواية المعلنة في القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية 2010.

فكرة الرواية تدور حول فلسطيني مقيم ومتجنس في بريطانيا يعود الى قطاع غزة عن طريق "اسرائيل"، بعد غياب 38 عاما. عادل البشيتي احد الابطال المتداخلين للرواية يسافر الى غزة للبحث عن ليلى، وفي مرحلة لاحقة يقرر البطل المتداخل الاخر في الرواية وليد دهمان زيارة غزة ايضا لذا تجد نفسك تقرأ روايتين اثنتين في رواية واحدة، وهكذا يجد القارىء نفسه يسير بين السطور مع شخصيتين اثنتين تتقاسمان دور البطولة في هذه الرواية وتصوغان احداثها، بحيث يسمع صوتين متوازيين يبنيان عالم هذه الرواية ويؤلفون شخوصها دون اغفال دور الراوي في احداث التوازن المطلوب بين الاصوات والشخصيات وربط العوالم والاحدث.

الرواية تبدا احداثها واصواتها الحقيقة من ركوب الطائرة في مطار هيترو بلندن بغية التوجه الى مطار تل ابيب ومنه الى غزة، يصعد وليد دهمان الى الطائرة ويبدا بإنتظار وترقب من سيجلس بجانبه، فيكون نصيبه بعد مرور اناس كثر صبية شقراء في الثلاثين من العمر ، وكالعادة في مثل هكذا مواقف طويلة السفر تحتاج للثرثرة فيحصل التعارف، واثناء الحوار والنقاش بينهما في الطائرة عبر رحلة تستغرق خمس ساعات يتعرف عليها وليد وعلى اسمها فيكتشف انها ممثلة اسرائيلية تدعى دانا وتسكن في تل ابيب ، "السيدة من تل ابيب" ومن هنا جاء عنوان الرواية.

يقوم الكاتب من خلال نصه بإسترجاع عوالم طفولته في قطاع غزة وصولا الى لندن ثم العودة الى غزة ومن ثم العودة مجددا الى لندن.

الرواية متعددة الالسن والاصوات والآراء ايضا، وتقدم حوارات وصور لمواقف اهتم الكاتب باستعراضها ومناقشتها عبر سطور الرواية؛ مثل الموقف من صدام حسين وصواريخه التي ضرب بها اسرائيل وعادات كثيرة مثل الثأر وحرية المراة والحب وزيارة القبور والشحدة دون ان يغفل ايضا عن نقد هذه السلوكيات بأساليب نموذجية ورائدة في معالجة الخلل وايصال الرسالة كحادثة الشاب منى المتحول جنسيا والذي يذكر الراوي بأيام الشقاوة.

ينجح الراوي في استعراض الكثير من صور الحياة الاجتماعية وينجح اكثر في تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني على المعابر والمطارات واشمئزازه من كل انواع الحدود سواء في معبر رفح او مطار بن غوريون، ويقدم صور مفرطة بالحساسية والاسى لاوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال، كل ذلك طبعا ضمن حكايا قصيرة أخاذة وممتعة وجذابة، ويكمن سر جاذبيتها في سلاسة اللغة المستخدمة وبساطة مفرداتها وجماليتها وقدرة الراوي على التنقل بصيغ الحوار القصيرة كقطع جميلة تزين لؤلؤاً أجّمل .

الرواية تتلمس من احداثها وشخوصها اثر الشتات والمنفى على قلم الكاتب، حتى ان اهم الافكار واكثرها استفزازا والتي ناقشتها الرواية ناقشتها من زاوية المنفى (والاغتراب) ومدى تأثير تلك الغربة والمنفى في معتقدات ابطال الرواية وهذا كله يقودنا الى البحث بعمق والتمعن اكثر الى اثر البيئة والاغتراب في تشكيل الوعي عند الفلسطيني في الشتات.

وتبعا لهذا المنظور وهذه الرؤية فإننا نقف في موضع المتسائل؛ هل تقديم المحتل(الاسرائيلي) بوصفه الآخر في النصوص الادبية وخاصة كما ورد في شخصيات عدة في الرواية يخدم القضية الفلسطينية ام يسيء لها بحيث يتساوى الضحية والجلاد؟ وهل النص الادبي الفلسطيني المغترب مضطرا لان يقدم انسانيته امام الغرب بهذا الشكل المتسامح والمتساهل والجالد للذات والذي يحاول استرضاء الغرب بكل الاشكال التزاما بواقع الجغرافيا السياسية؟ ام هل هناك من بين ظهرانينا نحن العرب الفلسطينيون ادباء وكتاب وشعراء ممن يبحث عن موطيء قدم له في عوالم اخرى اكثر رحبا وافقا من عالمه العربي المزدحم بالقهر والفقر؟ ام انها حِكمة الفلسطيني بعد ان تعلم لغة الخطاب، ولعبت عليه شتى صنوف الدهر وتعاقبت عليه اسوأ انواع الفصول والايام وأثخنته الاحزان والالام والاقلام والبنادق وتركت فيه وسما ووشما لايزول؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأميركي: دمرنا محطة تحكم و7 مسيرات للحوثيين في اليمن


.. درجات الحرارة بالعراق تتجاوز الـ50 والمختصون يحذرون من الأسو




.. ما آخر تطورات العملية العسكرية بحي الشجاعية شمال غزة؟


.. رقعة| تدمير الحي الإداري برفح نتيجة العدوان الإسرائيلي على غ




.. وزارة الداخلية الإيرانية تعلن التوجه إلى جولة ثانية من الانت