الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة تشرين الشبابية وافاق المستقبل

وثاب داود السعدي

2020 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


هل يعقل ان ينصب أصحاب أحزاب نهب المال العام رئيسا للوزراء يقصف رقابهم ويلقيهم تحت براثن رجال العدالة لينزلوا العقاب اللازم بهم ويسترجعوا ما سرقوه عنوة من الشعب العراقي. هذا منتهى الهراء. فهذه الأحزاب تمسك بأسنانها ومخالبها بعنان السلطة، ولن تتخلى عنها الا مرغمة مدحورة. ولن يتم ذلك الا بإجبار مجلس نواب الفساد على حل نفسه واجراء انتخابات مبكرة.
من السذاجة وعدم المسؤولية التعويل على أي اصلاح، مهما كان تافها، او على ابسط المضايقات لكبار السراق والمجرمين التي يمكن ان تنتج من تعيين رئيس وزراء ينصبه المتنفذون من طبقة الفساد الحاكمة مهما كانت صفاته حتى لو كان نبيا من الأنبياء.
أحزاب نهب المال العام التي تتمسك بامتيازاتها لن تسمح لأي كان ان يهدد او يضعف مواقعها، وأكبر دليل على ذلك انها لم تسمح للسيد عادل عبد المهدي ان يضع أيا من مشاريعه الإصلاحية، التي تضمنها برنامجه الحكومي، قيد التنفيذ، ومنعته حتى من تشكيل وزارة متكاملة او استوزار من لا تعمده أطرافها بمائها الملوث.
منذ اندلاع الثورة الشبابية العظيمة في اكتوبر الماضي، وعباقرة الفساد ووعاظ السلاطين يبحثون عن أنجع الوسائل لإخماد الثورة وقمع شبابها. فلجأوا الى أبغض الوسائل وأكثرها جرما، فاغتالوا المئات وجرحوا الالاف ولم يجديهم ذلك نفعا، حيث دحرهم تصميم الثوار وتآزرهم ودعم الشعب العراقي لهم.
ثم اخترعوا تمثيلية اخراج قوات الاحتلال الأمريكي من العراق، وهم على يقين جازم بان ذلك لن بتحقق. وكيف له ان يتحقق وما وجودهم في السلطة، منذ 2003، سوى بنعمة قوات الاحتلال الأمريكي. هذا الاحتلال البغيض زرع هذه الزعانف التافهة في قلب السلطة في العراق لثقته المطلقة انهم في نهاية الامر رهن اشارته. فتحرر العراق الحقيقي من الاحتلال يعجل بنهاية هذه السلطة البائسة.
القوى الوطنية والديمقراطية هي التي وقفت منذ البداية ضد الاحتلال ومشروع بريمر والسياسة الاستعمارية الامريكية في العراق، بينما انغمر ممثلو الطغمة الحاكمة في تقبيل خدود وايادي المحتل الأمريكي واهداء السيوف لأكثر ممثليه شراسة.
اجلاء القوات الأجنبية، أي كان مصدرها وسبب تواجدها، هو هدف ثابت للقوى الوطنية. ولم تكن العاصفة في الفنجان التي أطلقتها أحزاب السلطة سوى احدى الاعيبها لإجهاض الثورة
أطلق الثوار منذ الوهلة الأولى تصورا واعيا لإخراج العراق من المصيبة التي اوقعته عصابات السلطة فيها. وأصبح الشعار الأساسي للثورة هو حل مجلس النواب واجراء انتخابات مبكرة.
هذا المطلب المركزي عكس وعيا عاليا لدى الثوار. ولأنه الحل الوحيد الذي يمكن ان يفضي الى دحر طبقة الفساد ونظام المحاصصة والطائفية.
بدون حل مجلس النواب واجراء انتخابات مبكرة ليس هناك أي اصلاح او تغيير يرتجى.
إضافة الى ذلك فان هذا الشعار المركزي شكل نقلة نوعية أساسية في الوعي الجمعي للشباب، الذين بغالبيتهم عزفوا عن الانتخابات السابقة لاتهم لم يجدوا في المرشحين من يمثلهم.
ولكنهم أعلنوا جهارا نهارا انهم سيكونون في قلب المعترك، بكل زخمهم، لإنقاذ العراق من براثن السراق والمجرمين.
ولكن الطبقة الحاكمة جعلت من تسمية رئيس وزراء محور الصراع. واستطاعت بأجهزتها الإعلامية وعملائها تحويل مركز ثقل التظاهرات من المطالبة بحل مجلس النواب الى قضية تسمية رئيس وزراء.
واخذ البعض يبشر بتسميه رئيس وزراء مؤقت لحين اجراء الانتخابات. وبدأ الكثير من المتظاهرين بترشيح أسماء لهذا المنصب. ومع الأسف انجر لهذه اللعبة بعض الديمقراطيين الذين يتسمون بالوعي ولكنهم سقطوا في حبائل رجال الطبقة الحاكمة.
هذا الانزلاق في مركز ثقل اهداف الثورة حصل، في حين لم تصدر اية بادرة من الطبقة السياسية الحاكمة باتجاه تلبية هذا المطلب الأساسي وهو حل مجلس النواب.
وبعد أربعة أشهر على اندلاع الثورة وشهرين ونصف على استقالة رئيس الوزراء، يتمخض جبل قوى الفساد ليلد رئيس وزراء محملا بكل أعباء السلطة الحاكمة.
وفي يوم تنسيبه اتحفنا بخطبة رنانة منح فيها الوعود التي ليست له اية طاقة لتنفيذها. وعلى راس هذه الوعود اجراء انتخابات مبكرة.
هل من المعقول ان يعد رئيس الوزراء بتلبية اهم مطالب الثوار وهو شخص لا قدرة له نهائيا على تحقيق ذلك. فالدستور ينص بدون أدني شك، وفقا للمادة (٦٤( بان حل مجلس النواب هو فقط من صلاحيات المجلس وحده ولا يتم الا بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه. فكيف تسنى لرئيس الوزراء المعين ان يعد بما لا قدرة ولا طاقة له عليه.
مماطلات القابضين على السلطة في تسمية رئيس الوزراء كان القصد منها ابعاد مركز الثقل عن الهدف الرئيسي، وهو الوحيد الذي يهدد الطبقة الحاكمة، الا وهو الانتخابات المبكرة، واشغال الثوار بلعبة اختيار رئيس وزراء.
هذا المشروع نجح الى حد كبير بفعل وسائل اعلام أحزاب السلطة وانسياق البعض الى هذه اللعبة.
الان نجد بعضا من الثوار او من مناصريهم يطالبون بإعطاء فرصة لرئيس الوزراء الجديد. كأنما من المعقول انه سيقوم بالإصلاحات المنشودة.
كلا وألف كلا. ولكن إذا اعتبر البعض ان بعض الإجراءات كفتح أبواب التعيين لبضع مئات او سجن بعض أعضاء حواشي امراء النهب والسلب كافيا، فان في ذلك خيانة لأهداف الثورة وتخل عن دماء الشهداء وضحايا إرهاب مليشيات أحزاب السلطة.
أحزاب نهب المال العام ومجلسها النيابي سترفض بدون أدني شك تلبية مطالب الثوار في اجراء انتخابات مبكرة. وستكشر هذه الأحزاب أكثر وأكثر عن انيابها العدوانية، فعلى الثوار استنباط أساليب ووسائل جديدة ومبتكرة للإطاحة بهذه الطبقة الحاكمة.
مهما كان مستقبل ثورة تشرين، فان القوى التي اضرمتها ستظل تغلي في احشاء الشعب العراقي لحين تحقيق أهدافها عاجلا او اجلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيستاني عين محمد علاوي لرئاسة وزراء العراق
طلال الربيعي ( 2020 / 2 / 3 - 10:26 )
الفيديو هذا يتحدث عن تعيين السيستاني محمد علاوي لرئاسة وزراء العراق وكذلك عن تعاطي مقتدى الصدر بشدة للمخدرات وامور مهمة اخرى.
https://www.youtube.com/watch?v=slIXJoUi4VQ&feature=youtu.be&fbclid=IwAR17xJ0qfSuChpi_Oold84X7tyFbI-ZENLb5tHGjvSSCIE0LV145go5y7ow
وهذا الصدر زعمت قيادة ما يسمى الحزب الشيوعي العراقي انه سيحقق شعار -وطن حر وشعب سعيد-!

اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و