الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعيّ الأخير يذهبُ إلى البصرة

سعدي يوسف

2006 / 6 / 2
الادب والفن


وقالتْ لهُ : أســرَفْتَ !
كلُّ مدينةٍ حللتَ بها أغفلْتَ عن يومِها ذِكْــرَهْ
كأن مَدارَ الكوكبِ اختلَّ سَــيرُهُ
فلم يبقَ من ذاكَ الـمَدارِ ســوى البصرةْ …
*
ولكنني فكّــرتُ …
إن صديقتي تقولُ صواباً ؛ كيف أنسى دِيارَها ، حديقتَها ، والشُّرفةَ ؟
الصيفُ أرسلَ الرسائلَ . والكرسـيُّ مازالَ يقصدُ البِـيانو . الفتـى
الهنديُّ يلقي سلامَهُ ســريعاً، وأعلى دوحةِ الســرْوِ حطَّ طائرٌ
عجيبٌ… أ مِن فردوسِ " لِــيــزا " أســافِـرُ ؟
*
تعلّمتُ أن أحكي ، فلستُ مُـكَـتِّـماً هواجسَ لَـيلي الأربعيـنَ :
أنامُ في جناحَي غُرابٍ . والسعالي ضجيعتي . ومن دميَ المسفوحِ لـونُ
الحوائطِ … انتهيتُ إلى أن أرضعَ التيسَ . أن أرى تماسيحَ من قارٍ تغَنِّي .
وأن أرى خــيولاً علـــيها من عــيونٍ حوافرُ …
*
وتـسـألُـني " لِـيزا " ، وقد أطبقَ الدُّجى : سـمعتُكَ تهذي …
كنتُ أحسَبُ أنني أهيمُ بِوادي الجِــنِّ ! هــل كنتَ نائماً بِوادي
الذئابِ ؟ الليلَ تختضُّ … ناضحاً شفيفَ دَمٍ … مستنفَـدَ الصوتِ .
ربما سنفعلُ شيئاً في الغَـداةِ . كأنني أراكَ إلى حيثُ انتويتَ تغادرُ …

*
القصّـةُ ، وما فيها ، يا أصحابي ، ويا رفاقي ( لا أدري إنْ كــنتـم
لا تزالون تستعملون كلمــة " رفيق " … لا يهمّ ! ) أن الشيوعـيّ
الأخير ، ذهبَ قاصداً البصرةَ ، بــعدَ أن ودّعَ حبيبته " لِـيزا " التي
أوصتْـه بألاّ يدخل البصرةَ ، بعد طولِ غياب ، إلاّ تحت الراية الحمراء .

*
في البصرةِ راياتٌ ســود
في البصرةِ راياتٌ بِيض
في البصرةِ راياتٌ من نخلٍ ذي أعجازٍ خاويةٍ …
لكنْ في البصرةِ ، أيضاً ، وبلا أيّ كلامٍ ( أرجوكم ! ) : راياتُ الـملِـكةْ
أعلى من كل الرايات !
((المقصودُ بالملكة هنا : إليزابَث الثانية ( الأولى ، كانت تموِّل القرصانَ فرانسس دْرَيك
في القرن السادس عشر ، الميلادي طبعاً ) وإليزابَث الثانية هي ملكة انجلترة والبـصرةِ
وما جاورَها في القرن الحادي والعشرين ))
*
وهاهي ، ذي ، إذاً …
أسطورةُ الراياتِ تتبعُ فُوّهاتٍ من بنادقِ أهلِها !
لكنني ، وأنا الشيوعيّ الأخيرُ ، أظلُّ أحملُ رايتي الحمراءَ …
هل ضاعتْ بنادقُنا ؟
نسِيناها؟
اتّخذْنا غيرَها ؟
أَمْ أننا ضعنا وقد ضاعتْ بنادقُنا ؟
سلاماً للنصيرةِ !
للنصيرِ !
لفِتْـيةٍ رفعوا على الـقُنَنِ الغريبةِ والروابي ، الرايةَ الحمراءَ
سوف نعودُ للقممِ !
الصباحُ الـجَهْـمُ يُطْلِقُ بُوقَنا :
بوقُ القيامةِ نحنُ …
أحراراً
شيوعيينَ
نرفعُ رايةً مرويّـةً بدمٍ وأوحالٍ
وندخلُ أرضَنا …
………………..
………………..
……………….
سنكونُ أجملَ من نهايتِنا …


لندن 25/5/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف