الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام السياسي بين الأبعاد والواقع

الأسعد بنرحومة

2020 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لاسلام السياسي:
أُطلق مصطلح الاسلام السياسي على كلّ فكرة تجعل من الاسلام هو مصدر الحكم وأساس الدولة ، لذلك عادة ما التصق هذا الشعار بالحركات الاسلامية عموما وبتلك التي ترفع شعار "الاسلام هو الحل " . وهو شعار عام مبهم لا يكشف عن حقيقة مدلوله ومعناه . فالحركات الاسلامية المعنية بهذا الشعار سواء منها "الاخوان المسلمون" أو غيرها كالحركة الاسلامية في السودان أو تجمع المحاكم الشرعية في الصومال أو طالبان في أفغانستان أو غيرها في ظاهرها هي تطالب بتطبيق الشريعة في جميع مظاهر الحياة من الحكم والاقتصاد وحتى الحياة الاجتماعية والفكرية في المجتمع ، لكنّ حقيقتها وبعد دراسة أدابياتها وما خطّته من كتابات مختلفة يجعلها حركات قاصرة فارغة المحتوى بدون برامج ولابدائل ، هذا علاوة عن افتقارها للرؤية الشاملة والنظرة الاستشرافية والدراسات الاستراتيجية لجميع مناحي الحكم ومجالاته المختلفة ، قضاء ومال واقتصاد وتعليم وادارة وغيرها.... أما ما وُجد من برامج عند بعضها كحركة النهضة في تونس أو جبهة الاصلاح أو حركة اللقاء أو غيرها فهو لا يخرج عن الاطار العام لباقي الحركات والأحزاب الأخرى التي عادة ما يصفونها بالعلمانية والليبرالية، والتي ترفع عناوين الدولة المدنية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وغيرها، ولا نجد في أهدافها ما يخصصها حقّا بالمشروع الاسلامي أو يختزلها في خانة ما يعرف ب " الاسلام السياسي ".
أما بالنسبة لتلك الحركات الدينية المتشدّدة كالسلفية أو تلك التي ترفع السلاح على الدولة بحجة تطبيق الدّين واسقاط دول الكفر كالسلفية الجهادية وتنظيم القاعدة بمختلف أشكاله من فرع بلاد الرافدين أو المغرب العربي أو جند الخلافة أو غيرها ، فهي تنظيمات فهي تجمعات يغلب عليها العواطف والمشاعر وخالية من أي فكر أو برنامج ، وهي مجال خصب للاخراق من جميع الجهات المحلية والدولية، وأرضية مواتية للتوظيف بمختلف أشكاله وفي مقدمته التوظيف السياسي كما حصل في تونس سواء عند حرق المدرسة الأمريكية أو اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي ، أو كما حصل في الشام واليمن وليبيا من تبرير التشريع للتدخل الخارجي وتبرير الاحتلال أو اتهام الخصم السياسي بأنه ذراع للارهابيين كما يحصل اليوم مع حكومة السراج في ليبيا وحكومة الثني ، أو مثلما يحصل في سوريا .
هذا علاوة أنّ بعض هذه الجماعات وصلت فعلا للحكم وسيطرت على الدولة لكنها كشفت عن خلوّها من البرامج بمختلف أنواعها وليس اقتصار الامر على خلوها من برنامج نابع من "الاسلام السياسي" وذلك سواء من الحركات الدينية المتشددة مثلما هو الحال مع المحاكم الشرعية في الصومال عندما وصلت للحكم بعد الاطاحة بحكومة زياد بري واستبعاد جماعة محمد فرح عيديد، أو ما ينتمي للحركات المعتدلة على غرار حزب العدالة والتنمية في تركيا أو حركة العدل والاحسان في المغرب ومعها حركة العدالة والتنمية التابعان للاخوان ، وقبلهما الحركة الاسلامية بزعامة حسن الترابي التي شاركت عمر البشير في الحكم.
فمصطلح الاسلام السياسي اليوم فاقد لأي مشروع يصنفه على هذا الأساس ، وهو كغيره من جلّ الحركات الوطنية الأخرى والقومية والاشتراكية يقوم على شعارات بدون مضامين يجعله أرضية خصبة للتوظيف والاختراق وتشريع التدخل الخارجي الى جانب خطر الفوضى والصراع .
واصرار هذا النوع من الحركات على تبني فكرة " الاسلام السياسي " وعدم رفضها يعود بالأساس بسبب ما يقدمه لها من شرعية شعبية ودعم قاعدة عريضة من الجماهير لها لانها تدغدغ مشاعرهم وتلهب عواطفهم وأحاسيسهم بخطابات حماسية وعناوين كبيرة لا تعادي مقدساتهم ولا تمس موروثهم الثقافي والحضاري .
أما الاصرار الخارجي على وصف هذه الجماعات بالاسلام السياسي وخاصة بعد انطلاق ثورات الربيع العربي من تونس في 2011 وبعد وصول الاسلاميين للحكم في تونس ومصر خاصة ، فالغرض منه تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها :
• اعطاء رسالة لشعوب المنطقة أن هذه الفترة هي فترة " الاسلام السياسي " المعتدل على غرار فترة القوميين والشيوعيين في الستينات والسبعينات
• فصل الجماعات المعتدلة التي تتبنى مشروع الاسلام السياسي عن تلك المتطرفة والتي تتبنى العنف كالقاعدة وداعش وغيرها
• البحث عن حكم يحظى بدعم أكبر عريضة من الشعب وهو ما يساعد على تنفيذ البرامج والاملاءات الخارجية فلا تظهر كونها مفروضة خارجيا وهو أقرب مع الاسلاميين منه لغيرهم
• عند الفشل وظهور الأزمات التخويف من الاسلام كمشروع سياسي ومن أصحابه بما يجعلهم يتحملون المسؤولية لوحدهم عن غيرهم في الفشل.
ورغم خطورة هذه الاهداف الا أن أصحاب مشروع الاسلام سياسي يصرون على القبول بمواقعهم حرصا منهم على مصالحهم الشخصية وأهدافهم الضيقة على حساب المصلحة العليا للشعب والدولة . وهم بموقفهم هذا يساهمون بشكل كبير في تشويه الدين والعقيدة ، وفي هدم أي مشروع حقيقي يُبنى عليهما ، هذا علاوة عن مزيد بثّ اليأس والانتكاس ليس في الشعب بل في الأمة جميعها ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يكشف عن مقترح روسي لـ -سلام واقعي- في أوكرانيا


.. قمة سويسرا للسلام.. حشد دولي كبير في محاولة لعزل روسيا




.. حرائق إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا جنوب لبنان


.. بعد سنوات من التخطيط.. مسار ركوب الأمواج الاصطناعي يفتح أبوا




.. حصاد ثقيل لسبعة عشر عاما من حكم حماس في قطاع غزة | #نيوز_بلس