الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقليلية الأدبية في القصة القصيرة الأميركية-4

محمد نجيب السعد

2020 / 2 / 4
الادب والفن


جذور التقليلية الأدبية عند همنغواي
بدأت علاقة همنغواي بالصحافة والقصة القصيرة في وقت مبكر من حياته. في عامه الأول في مدرسة أوك بارك الثانوية عام 1916 ، التحق همنغواي بمقرر في الصحافة والكتابة ركز بشكل خاص على القصة القصيرة. أدارت معلمة المقرر وأسمها الآنسة بيغز المقرر كما لو كان مكتبًا لصحيفة يعمل وفقاً لمبادئ التقارير الصحفية "أكتب قصتك بأكملها في الفقرة الأولى ؛ وقم بتطوير التفاصيل حسب أهميتها ؛ اترك الأشياء الأقل أهمية حتى النهاية ". في نفس الوقت تقريبًا ، بدأ همنغواي في كتابة قصص قصيرة. نشرت مجلة المدرسة المسماة التابيولا Tabula إحدى قصصه الأولى ، "حكم مانيتو" في عدد فبراير 1916. واصل همنغواي الكتابة للصحيفة ، وظهرت له قصة أخرى في عدد أبريل بعنوان "مسألة لون" . يشير تشارلز فنتون * الى أن تدريب همنغواي الحقيقي لم يبدأ الا في مرحلة صحيفة ترابيز Trapeze المدرسية . في الواقع ، لم تكن لقصص همنغواي المبكرة علاقة قوية بما سيكتبه لاحقاً .قرر همنغواي بعد فشله في الألتحاق بالجيش ، الألتحاق بالصحافة وأستطاع تأمين عمل له في صحيفة كانساس سيتي ستار Kansas City Star بعد وساطة من عمه الذي كانت تربطه علاقة برئيس التحرير .
كانت صحيفة كانساس سيتي ستار واحدة من أشهر الصحف الأميركية في ذلك الوقت . يومها كانت الصحافة الأمريكية في طور التخلص من النثر الرتيب والثقيل الذي ساد في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.حرصت الصحيقة على أنتهاج أسلوب خاص بها وأصدرت دليلاً للكتابة في الصحيفة كان يقدم لجميع الصحفيين الذين يلتحقون بها بغية الألتزام بمئة وعشرة قواعد ، مثلاً استخدم جمل قصيرة. استخدم فقرات أفتتاحية قصيرة. استخدم اللغة الإنجليزية القوية. كن إيجابيا وليس سلبيا.بالأضافة الى قواعد تتعلق بالقواعد النحوية وعلامات الترقيم وغيرها . أستجاب همنغواي بشكل إيجابي وسريع لهذه القواعد ، وسرعان ما أصبح مراسلاً معروفاً بسبب نشاطه. في وقت لاحق طوع همنغواي بعض هذه القواعد وأستخدمها في كتابة قصصه ورواياته ،خاصة المبكرة .من القواعد الأخرى اللافتة للنظر "تجنب استخدام الصفات، خاصة تلك المفرطة." من خلال تجنب أستخدام مثل هذا النوع من الصفات ،تجنب همنغواي أي أحكام مفروضة على القراء وتجنب الغلو ، وهذه أفكار ستطفو في الحوارات التي جمعته مع جيرترود شتاين وعزرا باوند ، والتي ستجد في النهاية طريقًا إلى قصصه. شجعت صحيفة كانساس سيتي ستار مراسليها على تطوير أسلوب دقيق واقعي وموضوعي بشكل متزامن ، إلى جانب سرد يركز على حميمته وتأثيره الإنساني. كانت الفكرة هي كتابة شيء أكثر قوة وتأثيراً . ضمت فترة التدريب التي أمضاها في الصحيفة تبني همنغواي ما يعرف بالتحول الساخر أو النهاية المغلقة غير مترابطة في قصصه وهي طريقة سيتركها لاحقًا. بنفس القدر من الأهمية طور همنغواي أسلوباً له في الصحيفة يجمع بين الجملة القصيرة ، التي تم تجريدها من عناصر الغلو ، مع قليل من الصفات أو بدونها ، والتي كانت دقيقة ومباشرة.
غادر همنغواي صحيفة كانساس سيتي ستار بعد ستة أشهر ليلتحق بالصليب الأحمر الأميركي في أيطاليا، الا أنه أصيب هناك ، وبعد فترة علاج في المستشفى عاد الى موطنه لينضم في العام 1920الى صحيفة تورنتو ستارToronto Star الأسبوعية ثم اليومية وأمضى معهم أربعة سنوات .وفقًا لتشارلز فنتون وكوبلر ، كان الأمر في التورنتو ستار مختلفًا تمامًا عن كانساس ستار ، حيث افتقرت الأولى الى دليل كتابة خاصة بها وركزت على ترفيه للقراء أكثر من غنى المعلومات ، وسمحت للكاتب بحرية التعبير بشكل لم يكن مألوفاً في عمله الأول. كانت تورنتو ستار أيضًا تهتم كثيراً بالتسويق وطلبات القراء ، مما منح همنغواي الفرصة لكسر القواعد التي تعلمها في صحيفة كانساس. كان يكتب "مقالات" توضيحية مطولة ومفصلة تقدم دروسًا في كيفية صيد الأسماك أو التخييم دون أي اعتبار يذكر للقيمة الصحفية لما يكتب.
في تورنتو ستار قام بتطوير عملية تقوم على تسجيل الملاحظات ومن ثم يعيد خلق تلك الملاحظات في فقرات تتميز بالدقة القريبة جدا من التصوير الفوتغرافي . ومع ذلك ، فإن نهجه الوصفي في مجموعته القصصية المعنونة "في زماننا" كان أشبه بالرسم ، وهو نتيجة لطريقة متقنة ومدروسة مصممة لدعم طموحاته الخاصة داخل القصة. يمثل هذا النموذج البسيط الفرق بين قصصه ونتاجه الصحفي. هذا يقودنا إلى الحديث عن العلاقة بين قصص همنغواي ومقالاته الصحفية . لتوضيح هذه العلاقة نعقد مقارنة بين ثلاثة نصوص أٌخذت من تقريرين صحفيين ومن قصة، الأول أبرقه همنغواي الى صحيفة تورنتو ستار والثاني من تقرير أطول بكثير أُرسل إلى نفس الصحيفة بالبريد، والأخير من مجموعة في زماننا . نبدأ بالبرقية:
“في مسيرة مذهلة لا تنتهي ، يتحشد مسيحيو تراقيا الشرقية في الطرق المؤدية إلى مقدونيا. يبلغ طول الحشد الرئيسي الذي يعبر نهر ماريتزا في أدريانوبل عشرين ميلًا. عشرون ميلا من العربات التي تجرها الأبقار والثيران والجواميس المغطاة بالمياه الموحلة ، مع رجال ونساء وأطفال يترنحون من التعب ، وبطانيات فوق رؤوسهم ، ويمشون بلا نظر تحت المطر بجانب ما لديهم من متاع .
هذا الحشد الرئيسي يكبر بالذين ينضمون اليه من المناطق الداخلية. إنهم لا يعرفون إلى أين يذهبون. تركوا مزارعهم وقراهم وحقولهم البنية اليانعة وانضموا إلى حشد اللاجئين الرئيسي عندما سمعوا أن الأتراك قادمون. كل ما يمكنهم فعله هو الاحتفاظ بأماكنهم في هذا الموكب المروع يقودهم رجال سلاح الفرسان اليونانيين المليئين بالطين كما يفعل الرعاة الذين ينخزون بأبقارهم أثناء قيادتها.
إنها مسيرة صامتة. لا شيء حتى ولا الهمهمات. كل ما يمكنهم فعله هو الاستمرار في الحركة. ازياء الفلاحين الجميلة مبتلة بالوحل . علقت الدجاجات من أرجلها على العربات .والعجول تصطدم بالماشية المسحوبة كلما توقف سير الحشد. رجل مسن يجر نفسه حاملاً خنزيراً صغيراً ومنجلاً وبندقية ، مع دجاجة مربوطة بمنجله. يضع زوج بطانية على امرأة على وشك الولادة في إحدى العربات لإبعاد المطر المنهمر. هي الشخص الوحيد الذي يصدر صوتًا. ابنتها الصغيرة تنظر إليها في رعب وتبدأ في البكاء. ويستمر الموكب في الحركة.
المثال الثاني مأخوذ من تقرير حول نفس الحدث:
"مشيت مسافة خمسة أميال مع موكب اللاجئين على طول الطريق ، تتمايل الإبل وترغي،عبرت عربات تجرها ثيران مكدسة بالفرش والأثاث والمرايا والخنازير المربوطة،أمهات تجمعن تحت البطانيات مع أطفالهن، وكبار السن من الرجال والنساء جلسوا في العربات التي تجرها الجواميس تاركين أقدامهم تتأرجح،وأعينهم شاخصة على الطريق وروؤسهم مطأطأة؛ بغال الذخيرة، محملة بمجاميع من البنادق المربوطة ببعضها مثل رزم القمح ، وتمر بين الحين و الحين سيارة فورد فيها ضباط يونانيين ، عيونهم محمرة ومهيجة من قلة النوم ، ودائماً يسير الفلاحون التراقيون البطيئون والمطرقون و المغمورون بالوحل تاركين بيوتهم وراءهم.
أخيرًا ، الفصل 11 من مجموعة "في زماننا" :
" أرتفعت المآذن شامخة تحت المطر بين البيوت الطينية خارج أدريانوبيل . و لثلاثين ميلاً أزدحمت العربات في طريق كاراجيتش. كانت الجواميس والماشية تجر العربات عبر الوحل. لا نهاية ولا بداية. مجرد عربات محملة بكل ما لديهم من متاع . مشى الرجال والنساء المسنون ، مبللون يدفعون الماشية للتحرك. جرى نهر الماريتزا أصفر اللون الى مقربة من الجسر . تكدست العربات على الجسر والجمال تحاول المرور بينها . تجمع رجال سلاح الفرسان اليونانيون على جانبي الحشود . تقرفصت النساء والاطفال في عربات مكتظة بالفرش والمرايا وآلات الخياطة والحزم. كان هناك امرأة لديها طفل مع فتاة صغيرة تحمل بطانية وتبكي. ومريض خائف ينظر إليها. تواصل المطر بالهطول طيلة عملية الأجلاء. "
يكمن الفارق الرئيسي بين النهج الصحفي والقصصي في العلاقة بين طرق التعبير عن الواقع. تهدف المقالة الصحفية توصيل معلومات دقيقة: هذا الهدف الأساسي هو وصف الأحداث بإمانة وذلك واضح في المثالين الأولين أعلاه اللذين يحتويان على إشارات واقعية أكثر من نظيرهما القصصي وهناك المزيد من المعلومات التي تضع النص في سياقه التاريخي. هذا يعني أن إزالة السياق التاريخي الدقيق كان خطوة مهمة في كتابة الوصف القصصي. يدرك همنغواي ، مثله مثل الحداثيين الآخرين ، أن الفن يمكن أن يتجاوز الواقع ، ليخلق - بكلمات همنغواي الخاصة - شيئًا "أكثر صدقًا من أي شيء حقيقي" ، وهو أمر من شأنه أن يعالج إحباطاته بسبب التقرير المرهون بمكان وزمان محدد. بتجريد الوصف القصصي من جزء كبير من السياق التاريخي ، سعى همنغواي إلى توسيع مغزى القصة بتجاوز مجرد الأشارة الى صعوبات عملية الأجلاء للتأكيد على محنة الأنسان المهجر بشكل عام ، ومنهم من وصفتهم شتاين الجيل الضائع .
محاولة همنغواي لإعادة خلق التجربة عند القارئ تبدأ في الملاحظة الفعلية لموضوعه. باتباع هذه العملية المتقنة ، سيحاول بعد ذلك عزل العوامل التي أثارت مشاعره والتعبير عنها بأوضح صورة ممكنة حتى يتم إعادة خلقها في ذهن القارئ. هذا يعني أن الواقعية الأدبية القائمة على التواصل مع "العالم الحقيقي" لم تكن طموحه الوحيد. بدلاً من ذلك ، كان هدفه هو تجربة تأثيرها العاطفي ، والتعبير عنها بإخلاص ، بحيث "يشعر" القارئ بذلك ، ويستوعبها في عالمه العاطفي بحيث تستمر لفترة أطول بكثير من "الحقائق" الأقل أهمية لما يحدث وهكذا تصبح حقيقية بالنسبة لهم. يرجح همنغواي الشعور على الفهم ، ومحاولة إعادة خلق هذا الشعور في قارئه هي إحدى اللحظات الحاسمة الرئيسية لجذور جمالية التقليلية. بدأ همنغواي في ابتكار أسلوب يسمح بالتعبير الواضح دون عوائق عن الإحساس كأساس لإعادة خلق التجربة في قارئه. كان همنغواي يروي الحدث كي يعيد بدقة خلق "الحقيقة" . إن الأسلوب "البريء" أو الإبلاغ الموضوعي متوقع منه أسر إستجابة ذاتية كبيرة مخطط لها والتعبير عنها وإعادة خلقها عند القاريء. من المفارقات ، لأن النثر أجرد وخال من العاطفة يمكن عندها خلق تلك الإستجابة العاطفية .أن الحقيقة لا تستند إلى الدقة الواقعية ، ولكن الى الأصالة العاطفية. كانت إحدى الطرق في ذلك هي استئصال الصوت السردي القوي ، الصوت الذي يتحكم في وجهة نظر القارئ. ادعى تشارلز فنتون أن همنغواي كان لديه فهم غريزي لجمهوره. من خلال مقالاته الخاصة بتورنتو ستار ، نرى ذلك واضحاً ، خاصة في فهمه الدقيق للعلاقة بين كندا وأمريكا ، حيث يمكنه بسهولة وبساطة تبديل الولاءات.ومع ذلك ، لخص مايكل رينولدز الموقف النقدي المشترك المتمثل في أن تأثير تورنتو ستار الرئيسي هو أنها وفرت الوقت والمال الذي جعل كتابة القصة ممكنًا. هذا يرجع جزئيًا إلى طبيعة العمل: كان همنغواي صحفياً مستقلاً يعيش في الولايات المتحدة معظم الوقت. لم يكن محاصراً بتفاصيل العمل في الجريدة اليومية. وبدلاً من ذلك ، كان حراً في السفر والكتابة واستيعاب التأثيرات الأدبية والثقافية ، وهي عناصر أثبتت تأثيرها بنفس القدر على كتاباته.
غالبًا ما تلعب حياة همنغواي دورًا رئيسيًا في نقد أعماله ، سواء أكان جيدًا أم سيئًا. في أفضل الأحوال ، يمكنها أن توفر أساسًا مثمرًا للغاية لدراسة المخرجات الأدبية ، ويشكل الأساس لبعض الدراسات مثل كتاب كارلوس بيكر " همنغواي الكاتب والفنان " ومقال ويليام ب. واتسون بعنوان "رجل عجوز على الجسر: صناعة القصة القصيرة" ، حيث يقول أن تجارب همنغواي في نهر إبرو في إيطاليا في عام 1917 هي المسؤولة مباشرة عن أصول هذه القصة. لقد بذل العديد من النقاد جهودًا كبيرة لإقامة روابط بين حياة همنغواي وقصصه ، حتى لو كانت استنتاجاتهم ، كما يعترفون في كثير من الأحيان ، مجرد تكهنات .قد يبدو تأثير حياة همنغواي على التطور الجمالي للتقليلية واضحاً في مجموعة في زماننا حيث نرى "المعاملة القصصية" لتجاربه ، خاصة الحرب العالمية الأولى. أصيب همنغواي في الجبهة أثناء عمله كسائق سيارة إسعاف في إيطاليا في عام 1918. ظهرت الحرب في العديد من الفواصل المبكرة ، لا سيما الفصول الأفتتاحية لقصص المجموعة ، مثلاً الفصول 1-7 بالأضافة الى قصص "على الرصيف في سميرنا" ، منزل الجندي "و بشكل غير مباشر في قصة " نهر ذو قلبين كبيرين" . وبشكل أكثر تحديدًا ، يهتم بالجندي المصاب. في "الفصل السادس " ، يقف المصاب نيك آدمز على الحائط ، وهي صورة يتردد صداها مع الجندي المجهول للفصل التالي ، "الفصل السابع" ؛ ويتم نقل البطل المصاب في قصة " قصة قصيرة جدًا" إلى أسطح المنازل في بادوا للراحة قبل إجراء العملية. تظهر هذه الشخصية في رواياته وقصصه، من فريدريك هنري في "وداعاً للسلاح" ، إلى جيك بارنز في " الشمس تشرق أيضاً" . تلك الإصابات ستكون نفسية وجسدية. يجد كريبس في قصة "منزل الجندي" صعوبة في التأقلم عند عودته إلى وطنه ، وكذلك نيك آدمز في " نهر ذو قلبين كبيرين ". يمتد سبب الإصابة إلى ما بعد الحرب ليشمل الإصابات الناجمة عن مصارعة الثيران التي تحتل العديد من المقاطع الأخيرة.*
بناء على ذلك فأن التجربة المباشرة تشكل جزءًا لا يتجزأ من جمالية همنغواي. عند الحديث عن المواضيع التي يكتب حولها ، من المهم أن نلاحظ أنه يختار أستكشاف تجارب جديدة بديلاً عن تطور خياله من خلال التعليم . ونتيجة لذلك ، ذهب متطوعًا في الحرب التي كان يمكن تجنبها في ذلك الوقت كمواطن أمريكي. بعد ذلك بوقت طويل و هو يقدم النصائح للكتاب الشباب كان يقول "عليك أن تراها وتشعر بها وتشمها وتسمعها. في البداية ، شعر همنغواي أنه بحاجة إلى تجربة الحقائق العاطفية المباشرة التي سيكتب عنها. ولكن هذا ربما يكون بالضرورة قد أفسح المجال لطريقة استكشاف الأصالة العاطفية دون تجربة الأحداث مباشرة
بعد الحديث عن الصحافة و تجارب همنغواي الشخصية نتحث الأن عن التأثيرات الأخرى . كان همنغواي على اتصال بالعديد من الشخصيات الأدبية المهمة خلال فترة تدريباته ، وأبرزها أثناء إقامته في باريس ، ولكننا سنبدأ بشيكاغو و لقائه مع شيروود أندرسون. قُدم همنغواي إلى شيروود أندرسون في شيكاغو عندما بدأ أسم أندرسون بالبروز بعد نشر مجموعته القصصية " ويزنبيرغ ، أوهايو (1919). كان همنغواي مهتماً بأندرسون لأن الأخير جمع أسلوبًا طليقاً وغير مقيد وموضوعاً أثيراً لدى همنغواي وهو "امريكيو الريف العاديين" . كما تأثر على ما يبدو بفكرة المبدأ الرابط ، وهو الخيط المشترك الذي يتم مده في نسيج القصص القصيرة التي تبدو متباينة ومنفصلة. كان خيط أندرسون هو المكان وسيكون خيط همنغواي هو نيك آدمز. كان أندرسون تأثيرًا مبكرًا ويمكن رؤية تأثيره بشكل واضح ، لا سيما في العلاقة بين قصة "أبي" لهمنغواي وقصة أندرسون "أريد أن أعرف لماذا" (نُشرت عام 1921 في انتصار البيض).
أثناء إقامة همنغواي في شيكاغو ، كانت "الواقعية الجديدة" لثيودور دريزر وسينكلير لويس وفاتشل ليندساي وكارل ساندبرج هي الحركة الأدبية المهيمنة. مع ذلك ، حوّل همنغواي انتباهه إلى أوروبا ، وكان عليه توسيع معرفته الثقافية خلال رحلة له إلى باريس في ديسمبر 1921. أنصب التركيز في تطوير همنغواي على أستبدال الصحافة بالنصائح الأدبية باعتبارها الشكل الأكثر تاثيراً . واصل همنغواي الكتابة لصحيفة تورنتو ستار كمراسل متجول ، ولكن كما أشار تشارلز فنتون ، كان عمله لكسب العيش لإعالة نفسه وزوجته وابنه وبدأ يومها العمل الصحفي بالركود. اشتكى همنغواي إلى شيروود أندرسون: "كل هذه الأشياء الصحفية تدمرني"! سابقاً كان أندرسون النموذج الذي أختاره همنغواي ، ولو لفترة وجيزة . الآن كان على جيرترود شتاين وعزرا باوند اختيار همنغواي . كان لبحث جيرترود شتاين عن طريقة لالتقاط الواقع المعاصر تأثير دائم على همنغواي. كانت أفضل كلمة لوصف هذا الأسلوب هي التركيز . عند قراءة مخطوطة هيمنغواي لسيول الربيع ، أخبرته أن يبدأ من جديد و"يركز". كانت نصيحة قابلة للتطبيق على قصصه القصيرة. "التركيز" يمكن تفسيره بطريقتين. أولاً ، يعني تطوير عملية عقلية سمحت بالانتقاء النشط لمصدر من عدة مصادر ، وثانياً ، مراقبة المصدر والتعبير عنه بإخلاص.
عندما طلب همنغواي من عزرا باوند قراءة دفاتر ملاحظاته ، قدم له باوند 50 نصيحة مميزة ومحددة للغاية. شملت تلك النصائح ماذا تعني الكتابة الجيدة والكتابة السيئة ، وخاصة استخدام الصفات. يكتب همنغواي في "وليمة متنقلة " أن باوند كان الرجل الذي علمني عدم الثقة في الصفات". بالنسبة لباوند ، تتضمن الصفات تقييمًا جماليًا يمكن تحقيقه بشكل أفضل من خلال إنشاء صورة ، تقدم مركباً فكريًا وعاطفيًا في لحظة من الزمن" ؛ ويضيف : لا تستخدم كلمة زائدة ، لا تستخدم صفة لا تكشف شيئًا." النقطة المركزية هنا هي فكرة صفة "الكشف" ، والتي يمكن أن تعارض "الحل". اعتقد باوند أن وضوح التعبير قد تشوش بسبب استخدام الصفات بدلاً من تعزيز ذلك الوضوح . سعى باوند لاستبدالها بسلسلة من الكلمات التي تخلق كلمة/صورة بشكل أكثر دقة ووضوح وحساسية والتي جعلت الصفة زائدة عن الحاجة.• Charles Fenton The Apprenticeship of Ernest Hemingway
• JF Kobler. Ernest Hemingway: Journalist and Artist
• Carlos Baker. Hemingway: a Life Story
• Michael S. Reynolds Hemingway Biography
• William Watson. Old man at the Bridge








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل