الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيعنا... واهل الثياب البيض !!!

عبداللطيف بلمعطي

2020 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


مرت تسع سنوات على مسمى الربيع العربي ولم تبارح نتائجه غير تكريس لوضع بائس اقتصاديا وسياسيا وحتى مجتمعيا، وها هي ذكراه اليوم تقارب استكمال عقدها الأول، لم يتغير شيء لم ينهض المجتمع لم تتبدل الأحوال الى الأحسن كما انتظرتها زمرة المتفائلين يومها... بل أنتج ربيعنا حفنة من الانتهازين الذين اختصروا السياقات الهوليودية لأيامه في مساومات المطالب الخبزية.
ولعل المتتبع لشرارة الفتيلة الأولى التي اينعت بموجبها زهور ربيعنا، قد وجد أنها لم تزد عن كونها مجرد مطالب ارتبطت في مجملها بمسألة البحث عن الوجود الفرداني المتمثل في لقمة العيش (الخبزة)، وكفى. تلك اللحظة التي انفلت فيها القيد الناظم لمكونات مجتمعاتنا العربية، التي لم يهيئ أهلها قاطبة على المستوى الفكري لخوض مثل هذه التحولات الـمُـصدعة سياسيا ومجتمعيا؛ بل فُتحت علينا أبواب جهنم التي وعد بها المتمردون من كل حدب وصوب، وانهالت ألسنت نيرانها بيننا تؤدبنا ذات اليمين وذات الشمال، كما أضحى الكثيرون منا يرجون عودة القهر المنظم بدل القهر المشتت.
لقد أبدلت السنوات البعدية لربيعنا الخبزي رغبة الكثيرين في التغير، واستكان الجميع لحاله قُرفصا، يبحث عن خلاصه وجوده الفرداني؛ وابتعد الجميع عن مفاتيح جهنميات الربيع، حتى أصبح الكل يبرع في خياطة امثلة الاستكانة والهوان. في هذه اللحظة بالذات خرجت الفئران من جحورها تبحث عن حبات قمح ربيعينا هل نضجت أم أنها لازالت كما كانت عليه قبل مجيء الربيع، علها بذلك تقطف شيء من زهرته ضامنة من خلالها استمرارية استعلاء وجودها بيننا.
نظر الكثيرون إليها نظرة المشمئز الحائر الرافض الثائر... لكن مرارة تجربة ربيعنا بالوطن العربي كانت أكبر وأشد، من أن تجعل العديدين يعبرون عن أراءهم التي تبنونها من قبل في شكل مواقف ثورية من جديد، سواء اكانت هذه المواقف تنزيلا على أرض الواقع أم مجرد تنظيرات اعتكف أًصحابها في المكاتب ومقاهي والصالونات... أمام هذا الوضع الملجم بتطوراته راهنية المرحلة، لم يكن في مقدور أحد منا الرد على هذه الفئران حين خروجها، أو معاودة الكرة من خلال احياء تجربة نضالية أخرى، فالتزم الجميع الصمت.
في أرضنا خلصت الترنحات الأولى لحراك الربيع العربي، إلى لمة حاضنة بخبرة وحنكة سياسية ربما افتقدت اليها العديد من بلدان الوطن العربي، وسارت الأحوال الى الهدوء المضطرب بين الرغبة في التطلع لما هو قادم أو المكوث حيث ما هو قائم، حينها انكشف أمامنا أهل اللحي والثياب البيض وأعلنوا في المنابر لنا قائلين، يا أهل الديار في الله وفينا خير المقام ومستقبل السنين. غاب الله، غاب الله، غاب الله... ولبث فينا القوم أكلين شاربين وولى ربيعنا العربي عنا غير مجيب.
بيننا نحن عامة القوم خرجت الأفواه المنتصرة والمهللة من أتباع الثياب البيض بنصرة الله معلنة فينا الفتح المبين، واي فتح هو !!! فقد مرت الأيام والشهور والسنوات ولم تستبدل الأحوال غير استبدال الثياب البيض بالسراويل. وأضحت الوجوه المشعتة المغبرة منيرة من خيرات أرض الله مزهرة ناضرة. اللهم لا حسد، بل بارك الله لهم فيما أكلوا وشربوا وأقروا وسنوا من شرائع وقوانين الوضع الكئيب، واوكلناهُ عليهم حسيبا رقيبا فهم الأعلم أكثر منا بقضائه المستقيم.
لم ينتج ربيعنا غير قادة الثياب البيض بل صنع فينا من لم نقدمهم علينا مناضلين، هؤلاء الذين أجادوا وأبدعوا في فن الجمود على الموجود والردة والقبول بأنصاف الحلول غير مرة. وأداروا الوجه البائس الينا في كل نكسة مهطعين مقنعين، قبلنا منهم كحل لا بديل عنه دمعهم الخائنة المبين، الا أن دواخلنا لم تقبل قط نكساتهم المتواليات فينا...
أما نحن أصحاب ما خط من هذا القول الفقير، فقد ماتت نزعتنا الغيوانية يوم وجدنا الكلمات الصادحة بالوضع الأليم تغنى في الصالونات والفيلات على نغمات الطبلة والرقص المجين. مللنا ومل الوطن منا ومن مفاهيمنا وقراءاتنا للتغير، وولى الربيع عنا غير مجيب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا