الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضية الفلسطينية … الى اين ؟!

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2020 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


منذ عشرات السنين وعلى امتداد العمر الزمني لنكبة فلسطين ، والعرب يأنفون من التعامل مع اسرائيل وكأنها بصقة معدية ، حتى بعد ان اصبحت حقيقة ساطعة على الخريطة ، و دولة قوية متطورة بل يكاد تقدمها ان يبز اعظم الدول في العالم في مجالات شتى رضينا ام لا ، وما انكار ذلك كمن ينكر وجود الشمس في رابعة النهار … !
والعرب وانظمتهم يخافون الاقتراب منها خوفاً من قذفهم بالتخوين ، وما اسهله ؟ مضحين بمصالح شعوبهم التي قد تقتضي التقارب مع الدولة العبرية لحسابات اقتصادية او سياسية او علمية او غيرها ، واكراما للفلسطينيين عسى ان يفعلوا شيئاً حقيقياً وواقعياً لقضيتهم يدفع بها الى اعلى ليتمكن الشعب الفلسطيني من انشاء دولته ويعيش الجميع بسلام ، وتنتهي المأساة التي تتفاقم يوما بعد اخر بسبب الرفض الفلسطيني المتكرر دون تقديم تفسير او خطة لتبرير هذ الرفض او تعويض الخسارة او الخسارات المتلاحقة !
وكل ما تقوم به ( القيادات )الفلسطينية هو مسك العرب من اعناقهم ، ومراقبة هذه الدولة او تلك ومنعها من الاقتراب من بعبع التطبيع مع اسرائيل ، والا فانها ستكون في مرمى شعوبها المبرمجة والمشبعة بثقافة التخوين والنتيجة معروفة … اما هم فحبايب مع الاسرائيلين ولهم معهم تفاهمات واخذ ورد … الخ . بل ان الكثير منهم لا يخفون اعجابهم باسرائيل وما تحققه من تقدم حتى فضَّل البعض منهم اللجوء اليها والعيش فيها على العيش في ظل انظمة مستبدة ومتخلفة تبحث عن حلول لمشاكل حاضرها في كهوف الماضي البعيد !
وتتابعت الايام والسنين والحال على ما هو عليه حتى تحولت او حُولت القضية الفلسطينية الى جرح ميت لا يؤلم ! حتى من قبل الكثير من الشعب الفلسطيني نفسه ، بعد ان زادت مآسي العرب ومعاناتهم بحيث اصبحت تتخطى المأساة الفلسطينية في قسوتها وخسائرها وتدميرها بكثير ، فاصبحت عندنا نكبات عربية وليس نكبة واحدة والحبل على الجرار ، واخذت الشعوب العربية تنظر الى القضية الفلسطينية وكأنها تهون على ما استجد من مآسي مروعة في سوريا والعراق واليمن ومجموعة دول ما يسمى بالربيع العربي ، والجرح لا يزال ينزف حتى بات يهدد دولا بالتمزق وشعوبا بالموت البطئ !
اضطرت بعض الانظمة الى اقامة علاقات وتفاهمات بالضرورة مع اسرائيل تحت الطاولة خوفاً من الرقابة الفلسطينية الصارمة حتى اصبحت العين الفلسطينية مركزة على العرب اكثر منها على اسرائيل …
والفلسطينيون اصحاب القضية منقسمون ايديولوجياً ، يتبادلون الاتهامات بالتخوين والتخاذل … الخ من الاسطوانة المملة … وكالعادة يحملون الانظمة العربية وشعوبها مسؤولية الخسائر التي آلة اليها قضيتهم مستهينين بما قدمته الدول العربية وشعوبها من تضحياة تملأ جرابي التاريخ بل تصيبه بالتخمة ، وهو كل ما يستطيع العرب ان يقدموه في ظل امكانياتهم وتخلفهم وعجزهم في صنع حتى ولو طلقة دون الرجوع الى العقل الغربي الحليف لاسرائيل ، والذي يمتلك ناصية العلم التي حُرمنا منها او عجزنا عن نيلها او حتى الاقتراب منها لاسباب عجز فطاحل العلم والمفكرين والخبراء من وضع اليد عليها فدونت ضد مجهول !!
واليوم اصبحت الشعوب العربية بفضل منصات التواصل الاجتماعي على دراية وعظيم ادراك لكل ما يجري من حولها ، وحتى ما سيجري على الساحة العربية والعالمية ، فلانت القبضة الرسمية المتحكمة باعناق هذه الشعوب واصبح لها ( موقف ) واستقلال في الرأي بعد ان كانت تُساق من قبل انظمتها كالقطعان الى حروب ومغامرات اقل ما يمكن ان يقال عنها انها عبثية ، غبية وخاسرة سلفا ، والانظمة تدرك ذلك تماماً ، ولكنها كالعادة مستعدة ان تضحي ببضعة الاف من افراد شعبها ، وهدر ثروته التي هو بامس الحاجة اليها من اجل الحفاظ على سلطانها ومجاراةً لسياسة العنتريات الغير محسوبة التي يتبعها القادة العرب لا لشئ الا لارضاء الفلسطينيين ، واثبات انها انظمة ثورية منخرطة في الهم العربي وقضيته المركزية لا غير !! حتى اصبحت القضية الفلسطينية هي الترمومتر الذي يقيس حرارة وحماس هذا النظام او ذاك نحو ما يسمى بالقضية المركزية ، وانتعشت سوق المزايدات الرخيصة وارتفعت اصوات العنتريات المراهقة والغبية من هذا التيس او ذاك الزعيم ، وزأر ونبح هذا وذاك دون ان يحسبوها صح مما جرَّ على شعوبهم ودولهم وحتى على انفسهم ما جرى ، والمعروف الى القاصي والداني !
اما اسرائيل فهي تعمل بصمت ودون جعجعة منتهجة وبدهاء نغمة السلام والتعايش ، ومستغلةً نزعة الغباء والتناحر عند العرب ، ومنتهجةً ايضا وبذكاء النهج الديمقراطي العلماني المدني اساسا لدولتها ، وهي وجبة دسمة يسيل لها لعاب الشعوب العربية المسكينة التي تتخبط وترزح تحت انظمة مزاجية ومستبدة تتبع توجه الحاكم المرضي ، او حزبه دون اي اعتبار او اهتمام لرأيها او الاخذ بما تريد وترغب …
لذلك ترى وبوضوح الاعجاب الانفعالي وحتى التعاطف مع دولة اسرائيل ، والانبهار بما تحققه في مجالات شتى ، ووصل الامر بالبعض منهم الى السفر اليها والجهر باعجابهم وحبهم لاسرائيل وشعبها ، والذي فتح الطريق الذي كان موصدا امام الكل للسفر الى اسرائيل ومشاهدة النموذج الديمقراطي المدني المتطور والرقي الاجتماعي والعمراني ، او هكذا يبدو في آلة الاعلام الاسرائيلي الموجه بذكاء وعن قصد الى شعوب المنطقة المحرومة والعطشى لهكذا نموذج .
وبعد صفقة القرن او تصفية القرن التي انهت او تكاد ، القضية الفلسطينية التي لم يتبقى منها سوى اسمها ، هناك ربما بصيص من امل لم تفارقه الحياة بعد ! والكل يريد وبانتظار كشف حساب مع القيادات الفلسطينية الموجودة والهاربة ، وما قدمته وما هي خططها لانقاذ ما يمكن انقاذه والخروج باقل الخسائر ، والا فعقارب الساعة لا تتوقف والزمن لا يرحم والمراجعة ضرورية والشجاعة اكثر ضرورةً لاخذ موقف يحافظ على البقية الباقية !
وعندما اجتمع البرهان رئيس المجلس الرئاسي في السودان الجائع المحاصر والمدموغ بصفة الارهاب ، والذي يدفع فاتورة غباء وتهور حكم الاخوان الاسود مع نتنياهو لساعتين لاسباب ودوافع معروفة ضمناً ، وتصب في صالح السودان كما صرح البرهان ، وهي اكيد حاجة السودان للتقنية التي تمتلكها اسرائيل في الزراعة والري وتدوير المياه … الخ ورغبة السودان الجديد كما اكثر الدول العربية الى الانفتاح على العالم ، وبناء علاقات صحية مع دوله دون حساسية تاريخية مفرطة ، والتي حان وقت التخلص منها ومن عقدها الى الابد … صدحت حناجر التخوين المرضية ثانية وتناثرت الاتهامات رذاذاً ، وبدأت الاستنطاقات والمحاكمات مع المتداخلين السودانيين في نشرات الاخبار وعلى منصات التواصل ، وانفجر الغيظ في صدور البعض كما تنفجر الزائدة ، وكأن البرهان اول من يصافح نتنياهو ! ومن يتكلم او يفتح فمه بكلمة حق يُتهم بالخيانة وحتى التكفير ويتوعدونه بالويل والثبور وهذا هو سر تخلفنا وتراجعنا في كل المجالات ، وسنبقى صرعى الواقع الذي خلقناه بأيدينا نستنشق هواءً فاسداً ما لم نتخلص من هواجسنا وعقدنا التاريخية ، والا ستنهار آمالنا واحلامنا حجراً بعد حجر !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟


.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د




.. مطالبات بايدن بالتراجع ليست الأولى.. 3 رؤساء سابقين اختاروا


.. أوربان يثير قلق الغرب.. الاتحاد الأوروبي في -عُهدة صديق روسي




.. لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.. فرنسا لسيناريو غير مسب