الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس باستراتيجية عنف التيار الصدري يمكن العبور بالعراق الى بر الامان

اسماعيل شاكر الرفاعي

2020 / 2 / 7
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


تشير تجربة استقلال العرب بحكم انفسهم ، بعيد الحرب العالمية الثانية ، الى ان كل الذين حكومهم بقسوة شديدة : كانوا بلا مواهب سياسية حقيقية ، ولا يوجد بينهم من كان متسامحاً وذا عقل غير مغلق على محليته وطائفته ولهجة قبيلته او مدينته . والى الوقت الذي انفجرت فيه ثورات الربيع العربي عام ٢٠١١ : كان طغاة العرب قد استكملوا بناء المؤسسات الامنية لانظمتهم السياسية ، ولكنهم فشلوا في بناء أية مؤسسة سياسية وطنية متكاملة كمؤسستي الدستور والبرلمان ، أو أية مؤسسة قادرة على حماية حريات مواطنيهم ، واطلاق العنان لخيالهم ومواهبهم …

وعبر تاريخ العراق الحديث ( تأسست دولته على يد البريطانيين عام ١٩٢١ ) كان حكام العراق اشد قسوة وأقل رحمة : اذ كلما اشتد تلاقي المصالح وتشابكها الاقتصادي بين الداخل والخارج ، كلما اشتدت ضغط الحاكم على الحركة الوطنية التي بدأت بالتشكل ، خاصة في خمسينيات القرن المنصرم الذي بلغ التشابك بين الاقتصادين الداخلي والعالمي ذروته بعد رفع كمية تصدير النفط وارتفاع اسعاره نسبياً …

ولم تجد الازمة المتصاعدة بين الداخل الوطني والخارج حلاً لها الا على يد الجيش العراقي الذي تحرك لتغيير نظام الحكم في ١٤ تموز ، لقد انجز الجيش الكثير على المستوى الوطني كالاصلاح الزراعي ومجانية التعليم والقرار رقم : ٨٠ ، الا ان الجيش في العراق وفي سواه من الاقطار العربية قد فتح باباً للانقلابات العسكرية لم يقفل لحد الان ( من حركة جمال عام ١٩٥٢ الى الثورة السودانية ٢٠١٩ والتي لم تسلم من تدخل العسكر وحصر السيادة بين يديه ) . كان مشهد العنف ايام حكم حركة الضباط الاحرار بقيادة عبد الكريم قاسم صارخاً ، خاصة في المدن المختلطة دينياً وقومياً كالموصل وكركوك ، بما يشير الى ان الحاكم العسكري الجديد لم يستطع تثوير علاقة المواطنين بين بعضهم البعض اجتماعياً وثقافياً ، وفيما بينهم وبين الدولة والارتفاع بها الى مستوى علاقة المواطنة : وهي المسألة التي طلت بلا حل ، فأثرت بقوة على تماسك المجتمع واكلت من لحمته بعد الانقلاب الفاشستي في ١٩٦٣ وما تلاه من انقلابات عسكرية …

الحكم الذي تلا حرب التغيير والاحتلال عام ٢٠٠٣ : مشوه بنيوياً ومتناقض على مستوى خطابه السياسي وشعاراته ، فالمرحلة التي تم الاعلان عن ولادتها : مرحلة الديمقراطية والفيدرالية والمواطنة ، ولكنها على المستوى العملي تفتقد لادوات التنفيذ المناسبة : فليس بالمقدس الديني يمكن ارساء اسس نظام سياسي لم يوجد نفسه في الغرب الا بعد حرب طويلة اجتماعية وثقافية ضد المقدس تحديداً . لقد دخل العراق بعد ٢٠٠٣ في نفق ، لم تستطع اطرافه وليس بامكانها اخراجه منه …

في الحالات الشبيهة بالحالة العراقية يتم عادة صبغ الاطار الخارجي لما يجري بدهان : التوافق أو الديمقراطية التوافقية ، ولكن مسار تطور الاحداث في العراق مزق هذه الصباغة البائسة فتجلى المشهد على حقيقته عنفاً متواصلاً وحرباً الاهلية مضروب عليها ستاراً من الصمت ، لقد انهدمت مع مجزرة النجف آخر الاعمدة التي كان يروج لها البعض من الرومانسيين والحالمين : بان رمزها وزعيمها مقتدى الصدر سائر الى تحقيق خلاص العراق …

ومقتدى الصدر الذي استلم مقاليد البلاد بقوة التواثي وسكاكين وبنادق تياره المصبوغ بالازرق : لا يختلف في قسوته على العراقيين عمن سبقوه من الحكام العراقيين والعرب : فهو مثلهم متواضع الموهبة ولا يتصف بالحلم وبالحكمة المطلوبة ، وخصوصيته بينهم انه يستلم اوامره من قوة محلية وليس من قوة كبرى كامريكا على عادة الحكام العرب المعروفة : في اشارة واضحة الى اان التنطيمات الاسلامية والميليشياوية منها بالذات تعتمد ضيق الافق الطائفي في ادارة الشؤون العامة …








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدم المنازل الفلسطينية وتوسيع المستوطنات.. استراتيجية إسرائي


.. مجدي شطة وا?غانيه ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. قتلى واقتحام للبرلمان.. ما أسباب الغضب والاحتجاجات في كينيا؟


.. الجنائية الدولية تدين إسلامياً متشدداً بارتكاب فظائع في تمبك




.. فرنسا.. أتال لبارديلا حول مزدوجي الجنسية: -أنت تقول نعم لتما