الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يسعى لشق المعارضة في سورية

معقل زهور عدي

2006 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


من يسعى لشق المعارضة؟


رغم السلبيات المتعددة التي رافقت صدور اعلان دمشق فقد كان له فضل وضع مسألة وحدة المعارضة في موقع متقدم أكثر من أي وقت مضى ، ولهذا السبب – اضافة لأسباب أخرى – فقد انصبت الجهود نحو نقد الاعلان بهدف تصويبه وترسيخ دلالاته الايجابية ، وتخليصه من الأخطاء ومكامن الالتباس والزلل ، وقد سهل تلك المهمة ماورد في الاعلان ذاته من كونه نصا مفتوحا مما يحمل وعدا لاشبهة فيه بقابليته للتطوير والنقد .
شيئا قشيئا ، ومع تواتر النقد ، وتمركزه حول نقاط محددة ، واتساع قاعدته التي أصبحت تضم غالبية كتلة التجمع الوطني الديمقراطي شعر تيار اليسار الليبرالي أن في غير مقدوره الاستمرار في تجاهل رأي الأكثرية ، والضرب بها عرض الحائط ، فكان ان انحنى للعاصفة ووافق على صدور التوضيحات .
لقي صدور التوضيحات ارتياحا واسعا لدى أوساط التجمع الوطني الديمقراطي وأصدقائه وطيفا يمتد عبر التيارات القومية واليسارية والوطنية – الديمقراطية داخل سورية وخارجها ، واعتبرت في حينها تصحيحا ضروريا وكافيا يعيد وضع العربة على السكة ، ويبعدها عن مخاطر الانزلاق .
قبل التيار القومي واليساري والوطني – الديمقراطي بالتوضيحات رغم الأصوات التي صدرت هنا وهناك والتي طالبت بدمج التصحيحات بالنص الأصلي ، مخافة النظر اليها باعتبارها ذات قيمة أدنى ، أو مجرد هوامش على متن الاعلان ، وبالتالي سهولة الانتكاس عنها والتنكر لها فيما بعد ، لكن الغالبية قدمت ضرورة قبولها كما هي ،ساعية لوحدة كلمة المعارضة ، وعلى أمل ان يعاد النظر في صياغة الاعلان في أول مؤتمر وطني شامل .
منذ صدور التوضيحات لم تخف أوساط اليسار الليبرالي استياءها لما اضطرت للقبول به ، بل وعدم التزامها به ضاربة عرض الحائط يأبسط التقاليد الديمقراطية التي لايمكن تأسيسها سوى على احترام القرارات التي يتم اعتمادها ، والتي بغير احترامها يعود العمل الوطني لينتكس نحو التشرذم ، باصرار الأقلية على فرض آراءها ، وخروجها على الشرعية .
لقد رصد كثيرون هذا الجهد المحموم على الصعيد الاعلامي لتكريس منابر معينة – يفترض انها تتمتع بحس ديمقراطي وتعكس الرأي والرأي الآخر – للترويج للهجوم على التوضيحات بمختلف الطرق وتحت شتى العناوين ، لكن ذلك كله يبقى شيء وفتح النار على التوضيحات بصورة رسمية من قبل افتتاحية جريدة الرأي في عددها الأخير شيء آخر مختلف.
تمثل افتتاحية جريدة الرأي وجهة النظر الرسمية لحزب الشعب الديمقراطي التي يفترض ان تكون ملتزمة بما تم اقراره بطريقة ديمقراطية ضمن اطار التجمع الوطني الديمقراطي واعلان دمشق ، فما هي غاية تلك الافتتاحية ؟
وماذا تريد القول ؟
يعلم الجميع ان اعلان دمشق يمر في أزمة ، ومن تصغير الأمور نسبة أزمته الى عامل ذاتي فقط والقاء المسؤولية على قياداته مهما كان نقدنا لتلك القيادات ، فالمعارضة بكاملها في أزمة ، والوطن في أزمة ، وحتى النظام في أزمة ، نحن بأمس الحاجة في المعارضة للحوار وابقاء الأقنية مفتوحة على أوسعها ، والبحث عن عوامل الوحدة ولامانع من الاختلاف ضمن الوحدة .
اليسار الليبرالي يبدو نزقا فاقدا للصبر وسعة الصدر ، جاهزا لاتهام من يخالفه الرأي بكونه مساعدا للاستبداد ( وربما أكثر ) ، وهو متيقن من حيازته للحقيقة كاملة ، لنتأمل هذه العبارة التي وردت في نهاية المقال : ( حين تتقدم هذه المسائل الى واجهة الاهتمام عندها قد تصبح الخطوتان الى الوراء( أي التوضيحات التي تم التوقيع عليها ) وراءنا بالفعل ).
بالعربي تقول العبارة حين يتم الأخذ بتوصياتنا سندفن أيها الرفاق التوضيحات التي أزعجتكم وندفن معها توقيعنا !!)
أية روح هذه التي تتجسد ؟ بدلا من الالتزام بما تم اقراره بطريقة ديمقراطية لغاية الوصول للمؤتمر الوطني واعادة طرح المسألة برمتها ، سوف ندلكم على الكيفية التي يتم فيها التمرد على الديمقراطية والشرعية ؟؟
فاذا كنا الآن عاجزين عن ممارسة الديمقراطية واحترام قراراتها فماذا سيكون عليه الحال عند الامتحانات الصعبة القادمة ؟
لنتأمل أيضا الفقرة التالية في معرض الحديث عن الموقف من خدام وجبهة الخلاص : ( لم تتوقف المسألة عند ذلك ، بل تفاقمت بتدخل السلطة وأجهزتها ، وبتردد بعض المعارضين واندفاعهم للتعبير بأشكال مختلفة عن مواقفهم الخاصة والمغايرة لاعلان دمشق ) ، اذن المعارضون الذين اختلفوا مع اعلان دمشق الى هذا الحد أو ذاك فيما يتعلق بتقييم الموقف من خدام وجبهة الخلاص مدانون وهم يساعدون ( بصورة مباشرة أوغير مباشرة السلطة ) اليس هذا مايفهم من النص !
كفاكم أيها المعارضون خروجا على اعلان دمشق بل خروجا على فهمنا نحن لاعلان دمشق ( اعلان بدون توضيحات وبالقسر ) ، وحان الوقت لوحدة المعارضة ( اقرأ: سيادة رأينا واقصاء الرأي الآخر ) ، ( ومن لايعجبه فليشرب البحر ) .
كل ذلك من أجل ماذا ؟ من أجل الديمقراطية وانهاء الاستبداد !!
أجل قد نصدقكم أن ذلك من أجل انهاء الاستبداد الحالي ، لكن بالتأكيد ليس لصالح الديمقراطية بل لصالح استبداد آخر ، فالديمقراطية يصنعها فقط الديمقراطيون .
يذكرني ذلك بالحديث الشريف ( خياركم خياركم لأهله ) فمن يعجز عن ممارسة الديمقراطية مع حلفائه وهو في المعارضة لن يمارسها بالتأكيد مع اعدائه وهو في الحكم .
اذا كنتم أقلية داخل التجمع الوطني الديمقراطي واعلان دمشق فيجب ان تقبلوا بذلك ، وتلتزموا برأي الأغلبية ولاتسعوا للتفلت منه والتمرد عليه ، بل وفرض رأيكم على الأغلبية بالصياح والاتهام .
هل تظنوا ان الآخرين سيخضعون لصياحكم واتهاماتكم ؟ اذن فأنتم واهمون ، ما سوف يحدث انكم ستشقون المعارضة ، فهل هذا ماتريدون ؟
ثم لماذا هذا الاستنفار الغريب حول مسألة التوضيحات ، وكأنه لم يبق سوى تلك المسألة ، أو كأنها هي العقبة الكأداء بوجه انطلاق اعلان دمشق ؟ أليس مضحكا ذلك ؟
الحقيقة ان التحدي الذي يواجه اعلان دمشق هو ممن يسعى لتهميشه والحاقه بجبهة الخلاص التي قالت بصوت واضح : التحقوا بنا .
فاذا كنتم تواقين لملاقاة ذلك النداء فمن حقكم ان تروا – ليس في التوضيحات – ولكن في كل التيار القومي – واليساري والوطني- الديمقراطي عقبة كأداء ، وهنا تصبح التوضيحات ميدانا لتطويع ذلك التيار أو الخلاص منه وذلك هو المغزى الحقيقي للمسألة .
من يرغب بصدق في وحدة المعارضة عليه الالتزام بالقرارات والاسس الديمقراطية ، فهكذا تتأسس الوحدة ، وحدة لاتلغي الاختلاف ولاتحرمه ولكنها تمتلك أدوات ديمقراطية لحسم ذلك الاختلاف حين يصبح ضروريا حسمه .
أما من يدعو للتمرد على القرار الديمقراطي فهو لايفعل سوى في شق وحدة المعارضة ، فماذا تريد جريدة الرأي ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا