الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعنة

سلام ابراهيم محمد

2020 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


شباط "أقسى الشهور"

ما أبخل التاريخ ! لقد أكرمنا عبد الكريم قاسم لمرة واحدة.

صباح جمعة 8 ش 1963 طُلب من عمو زكي مقدم برنامج جنة الأطفال أن يُنهي برنامجه الحي على الفور.. وانقطع بث التلفاز_ساعتها وُلدت تلك المقولة الشهيرة بعد كل إنقطاع فني أو مقصود للبث " ها، صار إنقلاب"_ خرجت من البيت راكضا متجاوزا الازقة الضيقة بسرعة متجها إلى شارع الكفاح مسرح الأحداث الرئيسية عندنا ،
كان يشوب الشارع هدوء حذر و الجزرة الوسطية عادت إلى وظيفتها الطبيعية في أيام الصراع كحد فاصل و أرض حرام بين صبيان (و أهالي) القشل من جهة و بني سعيد من جهة أخرى، ومن الجهة الشرقية كانت محلة "عگد الاكراد" التي قاومت الانقلاب بقنابل مولوتوف، غدارة بور سعيد و مسدس .. بعد أيام رأيت لأول مرة دبابتين عن قرب أمام سينما الفردوس صوبتا فوهتي مدفعيها نحو العگد..أخبار عن تظاهرة مسلحة مؤيدة للانقلاب في طريقها من مركز شرطة الفضل نحو"أبو سيفين و أبو دودو" تهيأ للتصدي لها _ بنصب "كرويتات" مقهى عرض الشارع كمتاريس _ عدد من شباب المحلة : شهاب، فاضل، علي ...متسلحين بالعنفوان و روح التحدي وخناجر..

في اليوم التالي مساءا أظهر التلفزيون مشهدا كُرر عرضه مرارا لرجال مقتولين أحدهم الزعيم : جثة هامدة على كرسي خلفه نكرةٌ ممسكا بشعر رأس الزعيم بدناءة و سفالة ، أجزم بأن كل من شاهد تلك اللقطة_عدا الجناة و من والاهم.._شعر، أحس، أدرك، وعى و أيقن بأن عصرا جديدا للنذالة للهمجية و للوحشية قد حلّ ..
"مُعظم" سادة و قادة السنة والشيعة ، الكورد و التركمان في هذا الكيان المسمى عراق لم يجتمعوا يوماً ما على أمر إلا في ذلك اليوم التعس و بمباركة برانّية. قتلوا بخسةٍ (و معه نفر من أصحابه الاوفياء) زعيما وطنيا مخلصا مسالما مُصلحا نزيها، إغتفر حينها تألبهم و تكالبهم درءا لفتنة و حرب أهلية..و كان أول حاكم عراقي يحكم بلاد الرافدين بعد 2497 سنة..
ألقوا جثمانه في دجلة ليُنسى، هيهات إنه سَما الى العُلى خلودا
إسمه مترادف للسماحة والنُبل، هَزِيء الدهر بمعاديه القرودا

تبا للغادرين و تبا لأخلافهم الذين أَبوا عندما حانت فرصة التكفير عن تلكم الضلال و الشرور_ لإن مَخزاة و ضِعة نهجهم و فكرهم السخم قد عم و صار مألوفا_ و سيبقى بأسهم وبؤسهم بينهم صاغرون ذليلون فلن تقوم قائمة لقوم لم يوفوا الزعيم حقه بل تَسيّدهُم قتلته و شراذيمهم.

في تلك الليلة الحزينة حَلّتْ على العراق لعنةٌ و خيّمتْ وما زالت غمامة داجنة السواد خانقة للصدور مُثقّلة للرؤوس على هذه الأرض المنحوسة، مُنذرة بإنتشار قطعان إفترست و ما زالت تفترس الآدمية من الإنسان و تمتص طيبته .. فانتكبت البلاد و إبتلى العباد ب لِهّاث سلطة و زعامة، سرعان ما فتك بعضهم بعضا و جيفهم المحترقة ، المسمومة و المثقبة تنهشها كلاب البراري..

عندما تهيمن العاطفة تضيق المقاييس، لكن قل لي من يخطر ببالك عندما ترن في أذنيك كلمة { الزعيم } ؟
حَمّلني صِباي كلمة وفاء و دمعة أزلية عَبرتُ بها السنين ؛
الى زعيم القلوب و الإداري الفذ: النزيه عبد الكريم قاسم لك المجد
إشترينا (نحن الأطفال) و ختمنا على أيدينا و دفاترنا صورتك إبتهاجا و الكبار في البيوت حُبا لا وجلا،
و لم تُلصق على العجلات و توزع على البيوت و المحال قسرا.

هَلِكَ الآثمون.. و خَلَد الزعيم !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس