الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترامب (قفاص) القرن وطبّاخ الصفقات المشبوهة

عبدالقادربشيربيرداود

2020 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


(صفعة ترامب) وليست صفقة القرن كما يزعمون، ما هي إلا حماقة سياسية، دبلوماسية وأمنية مقصودة، وقُصرُ نظر كارثي لطبيعة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي المعقد، بل هي ضرب من العبث، وإتجار بالأوهام؛ تم توظيفها إعلاميا، وتداولتها وسائل الإعلام على علاتها، وعلى اختلاف اتجاهاتها دون الانتباه إلى خطورة مدلولاتها الجيوسياسية، وأبعادها الاقتصادية على المدى البعيد لذلك، ووفق معطيات تهوره فكرياً وسلوكياً، ومن منطلق احتياله السياسي المشهود؛ يكنّى ترامب باللهجة العراقية بـ(القَفَّاص) لتكون العبارة (ترامب قفّاص القرن)، والقفّاص هو صانع الأقفاص، أو بائعها، الذي يُسهم في وضع الطيور والحيوانات في الأقفاص، لذا تطلق العبارة في العراق على من يمتهن الاحتيال والمخادعة.
أما الصفقة فهي تعني (العقد) أو (البيعة) فهي دس مخابراتي خطير، ومقصودة اقتصادياً، وإلا فإن القدس ليست صفقة تراد المساومة عليها بين ترامب طباخ الصفقات المشبوهة في المنطقة، وبين الأخوة الفلسطينيين؛ ليحسم الأول الأمر بمفرده، ويقرر ملكية القدس وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة (بجرَّة قلم). وتفسير ما يسمى بصفقة القرن المشبوهة الأحادية الجانب، كما هو معروف من سير مراحلها، لا يحتاج إلى عقل عبقري لأي مراقب سياسي؛ كي يعرف أن هذه المؤامرة الشيطانية ليست سوى تدبير دولي مقصودُ ظاهرها - وبالاسم فقط - تأييد مبدأ حل الدولتين، ولكن وعلى أرض الواقع، هي أفضل صفقة وخطة سلام كانت تحلم بها إسرائيل. لذلك فإن هذه الصفقة الدولية المفتعلة سوف تمنح إسرائيل الحق في ضم مناطق كبيرة من الضفة الغربية المحتلة، ومدينة القدس كعاصمة غير مقسمة إلى الكيان المسخ إسرائيل دون منازع.
إزاء هذا التطور الاستراتيجي الخطير، والمتغيَّر الدولي الصعب، وما ينتظره المجتمع الدولي من تداعيات محتملة؛ ما كان من قاداتنا الأجلّاء كالمعتاد إلا التعبير عن ردود أفعال خجولة، مثل التأكيد على الوقوف خلف خيارات الشعب الفلسطيني، والتحذير من التبعات الخطيرة لأية إجراءات أحادية الجانب من جانب إسرائيل، وخوف بعضهم على أن لا تؤدي هذه الصفقة الخيانية إلى الاحتلال وشرعنته. أما المعنيُّ الأول بالموضوع (محمود عباس) الرئيس الفلسطيني، فهو يصف ما يسمى بصفقة القرن، برغم خطورتها، بأنها تنكُّر للاتفاقيات الموقعة بينهم وبين إسرائيل، وتعد تجاوزاً على الشرعية الدولية، فعلى المجتمع الدولي رفض التعاطي مع بنودها الكارثية، بل وقطع العلاقات مع أمريكا وإسرائيل بما في ذلك العلاقات الأمنية. بهذه الردود الهزيلة يرسل الجانب العربي رسالة مفادها أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم، وأن القرار الفلسطيني له ظهير عربي، بينما من جهة أخرى يؤكدون على الجانب الفلسطيني والإسرائيلي أن يتفاوضا من أجل حل سلمي، يستطيع كل منهما التعايش معه أو القبول به، لأن البعض من قاداتنا حمل هم توطين اللاجئيين بما يحمله من تبعات اقتصادية وديموغرافية؛ لأن طباخ الصفقات المشبوهة ترامب رفض بشكل قاطع أية عودة للاجئيين، وأسقط مطالب مستقبلية بهذا الاتجاه، وهذا الإجراء القسري والخياني يستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض.
أما الهدف الحقيقي لهذه الطبخة السياسية المشبوهة فهو هزيمة الرواية التاريخية، وشطب الحق الفلسطيني الطبيعي، السياسي والقانوني في فلسطين المحتلة والاعتراف فقط بالرواية اليهودية المستحدثة صهيونياً. فمن أجل مواجهة الكثير من التداعيات المحتلمة الأخرى دولياً وعربياً؛ لا بد من توظيف كل طاقات الشعب الفلسطيني، وعلى قياداته الوطنية المخلصة حصراً مغادرة الانقسام بموقف موحد، وضمن برنامج نضالي متفق عليه، وفق استراتيجية نضالية بعيدة المدى، لأن توحيد البيت الفلسطيني هو الرد الأقوى على تلك المخططات الدولية التدميرية.
هنا تظهر نبؤة (المصطفى) صلى الله عليه وسلم، حين قال: "لتَتْبَعُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرَاً بِشِبْرٍ، وَذِرَاعَاً بِذِرَاعٍ، حَتَى لَوْ دَخَلُوْا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوْهُمْ. قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فَمَنْ؟". رواه البخاري/ 7320.
... وللحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس