الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدام الذي كان ... والسيوف العربية الصدئة ؟

داود البصري

2003 / 4 / 12
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


                                                             
 

بات واضحا للعالمين حقيقة وحجم الدعم الشعبي العراقي الذي يحظى به رئيس النظام العراقي الأسبق بين جميع الأوساط العراقية وحتى تلك التي كانت تعمل تحت خدمته المباشرة ! ، فمع أول فرصة للإنعتاق أشهر العراقيون وفي هبة شعبية واحدة أحذيتهم القديمة ليودعوا بضرباتها  نظاما متسلطا طالت معاتاتهم معه وتشعبت آلامهم بسببه ، وإنعزلوا عن العالم بسبب ممارساته البدائية والمتخلفة ، وتحول لعقبة كأداء أمام مستقبل العراقيين جميعا ، نظام فاشل متخصص في إستيراد الهزائم وتعميمها على المجتمع ولم يستطع وطيلة أكثر من ثلاثة عقود عجفاء أن يقدم الأمن والخير والسلام والبناء الفكري والإحتماعي والسلوكي للعراقيين ، بل أن جل ماقدمه للشعب المبتلي بحكمه وتسلطه هو الكذب الصريح والدجل المؤدلج وخداع الجماهير بشعارات ثورية وقومية مزيفة كأسطورة التركيز على ( تحرير فلسطين من البحر للنهر ) !! وكمزايدة واضحة على الكفاح الشعبي الفلسطيني ، رغم أن هذا النظام كان عاجزا عن تحرير إرادته ، وعن الخروج من عنق الزجاجة وحالة الإحتواء التي خضع لها لسنوات طويلة أدت فيما أدت إلى تكسيح العراق بالكامل والإجهاز شبه التام على بنيته الأساسية ، وإلى إفقار المواطن العراقي بطريقة مأساؤية لم تنعكس مؤثراتها على حالة أتباع النظام في أكثر من عاصمة عربية ودولية ، فلقد تبددت عوائد البترول على ( زلمات ) النظام ومؤسساته وجمعيات المنتفعين بالنفط العراقي من الإعلاميين والفنانين ورجال الأعمال العرب الذين تعهدوا لصدام بالولاء والدفاع عنه والذود عن حياضه ولكنهم تبخروا عند أول منعطف جاد وحقيقي ! وهذا هو حال أهل الإرتزاق في كل زمان ومكان ؟ وأعتقد أن من شاهد حالة المواطنين العراقيين البائسة في الجنوب العراقي وحيث آبار البترول المستنزف هباءا سيرى حجم الجريمة المرتكبة بحق العراقيين الذين تحول أطفالهم لعراة حفاة وجوعى ومتشردين بكل معنى الكلمة وبكل مآسي الواقع العراقي المر ! .

وإزاء ماحصل قبل أيام خلال تحرير بغداد من النظام ستتوقف الذاكرة التاريخية العربية طويلا أمام منظر وصورة ذلك الشيخ البغدادي الكريم المفجوع بماضيه واليائس بمستقبله والذي عانى حد الجزع وهو يحمل صورة رئيس النظام المهزوم وينهال عليها ضربا بالحذاء وبهستيريا واضحة المعالم ويحاول التوضيح للرأي العام العالمي حجم الدمار الكارثي الذي تسبب به صدام للعراق دون أن يعبأ بمهرجان السلب والإنقضاض على رموز ومقتنيات النظام الدائرة حوله ؟ فالجموع الشعبية لم تكن تسرق من أجل السرقة بل تعبيرا عن إنفلات مشاعر الكبت والغضب على نظام شرس ومتسلط حرم الشعب العراقي من أدنى الضروريات ، نظام يعتمد على مافيا العائلة وعلى حرمان العراقيين ومعايرتهم فيما بعد بتقديم ( دجاجة مثلجة ) كمكرمة من القائد للشعب في شهر رمضان من كل عام ؟ هل يوجد في جميع الأنظمة السائدة في العالم إذلال للشعوب على هذه الدرجة ؟ وهل عانى شعب بمستوى شعب العراق الغني بمثل ماعاناه العراقيين طيلة سنوات الجحيم البعثي ؟ وبرغم كل ماحصل لا أعتقد أن الضمائر العربية ستتوقف كثيرا عند محطات وصور العذاب العراقي المقيم لأسباب وعوامل عديدة مردها الأساس لتداخل الأوراق وتناطح المصالح وغياب العقل والمنطق السليم وسيادة لغة التطرف الثوري اللفظية والفارغة والتي لاتعبر عن مصادر قوة حقيقية ، بقدر ماتعبر عن غوغائية عبثية لم يتخلص منها الفكر العربي الذي نجح وبإمتياز في إجترار الهزائم وتبريرها وإلباسها اللبوسات التبريرية! ، وقد تحولت هزيمة الجيوش العربية في الخامس من حزيران/يونيو 1967 أمام الإسرائيليين إلى لعبة أطفال أمام هزائم النظام الصدامي الثقيلة التي دمرت العراق وضعضعت النظام الإقليمي والأمني العربي ليتحول العرب اليوم بإمتياز إلى أمة الهزائم التاريخية والمستمرة ؟.

والعراقيون وهم يعيشون اليوم فرحة تحررهم وإنعتاقهم من أبشع فاشية عربية في التاريخ المعاصر ، ويتصارعون مع إلإشكاليات المترتبة على التدخل الدولي ، يقفون حائرين أمام أمام المواقف العربية الرسمية والشعبية المتضاربة من نظام ذهب بعيدا بالولوغ بدماء العراقيين والعبث بأرزاقهم لتتكفل الشعارات الحزبية والقومية السقيمة بمحاولات إعادة تأهيله وتسويقه ولاتنسى الذاكرة الشعبية العراقية المزدحمة بالمواقف المتباينة والكثيرة محاولات إنفتاح بعض الأنظمة العربية على النظام السابق وهو إنفتاح وصل حدودا إستفزازية للمشاعر الشعبية العراقية وللمحاولات الهادفة للتخلص من النظام ، فهل تتذكرون ذلك السيف الدمشقي المطهم الذي أهداه رئيس الوزراء السوري مصطفى ميرو لصدام قبل شهور ماضيات ؟ وهل بإهداء السيف رمز الكرامة والمروءة والنجدة العربية ستمحى جرائم النظام الصدامي ضد الشعب العربي في سوريا قبل غيرها ؟ وماذا كان يعني ذلك التصرف اللامسؤول أمام الحقائق التي يعرفها السوريون بجلاء تام ؟ وماهو الموقف اليوم ؟ وأين توارى ذلك السيف المطهم والقائد يتوه في تيه الهروب الكبير تاركا الشعب والوطن العراقي في أسؤأ حال ؟

وماذا عن تلكم الأصوات العربية الإعلامية المعروفة والمشخصة والتي بحت في الدفاع عن نظام متهاوي وعاجز ولا تزال تمارس ساديتها على الشعب العراقي بعد أن هرب النظام من ( حواسمه ) ؟ كما هرب في السابق من ( أم معاركه )!! وكما غاص قبلها في أوحال هزائمه في ( قادسيته ) المشبوهة السوداء ؟ ، إنها مواقف لن تنسى ستؤسس لسياسة عراقية مستقبلية ستحمل العديد من ملامح الإنكفاء والإنعزال عن العالم العربي وهو ماسيحصل بالضبط ؟ ، فالعراقيون لم يعودوا يراهنون على خيول متعبة وفرسان مزيفون ... فوداعا لعصر النصب الثوري ؟.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يقدمان التعازي -للشعب الإيراني-


.. كيف ستنعكسُ جهودُ الجنائية الدولية على الحرب في غزة؟ وما تأث




.. حماس: قرار مدعي -الجنائية- مساواة بين الضحية والجلاد


.. 50 يوما طوارئ تنتظر إيران.. هل تتأثر علاقات إيران الخارجية ب




.. مقتل طبيب أمريكي في معتقلات الأسد