الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دكتاتور مصر يتعرض لاشد إساءة مطلوبة

كاظم حبيب
(Kadhim Habib)

2020 / 2 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لا يستحق شعب مصر الرائع والصابر مثل هذا الرئيس الجائر، حيث تحتضن سجونه ومعتقلاته المنتشرة في جميع أنحاء مصر الحبيبة أكثر من 92000 سجين ومعتقل رأي، والغالب الأعم منهم دون محاكمات أو تحقيق، وهي حالة مماثلة لما كان يجري في النظم السياسية الفاشية والقرون الوسطى وما يزال من حيث أساليب وأدوات التعذيب النفسي والجسدي، بل ويجري حتى إرهاب عائلات السجناء والمعتقلين السياسيين، سجناء الرأي، وهم معتقلون على ما يسمى بذمة "تحقيق!"ولسنوات كثيرة. هذا المشير العسكري، الذي يتربع على عرش مصر ويحكمها بالحديد والنار ويسوم شعبها سوء العذاب ويمنحهم المزيد من البطالة والفقر والجوع والحرمان والسكن في المقابر مع الأموات، والذي جاء على إثر ثورة شعبية ضد الدكتاتور الإخواني الإسلامي المتطرف محمد مرسي، فسرق الثورة واضطهد الثوار واعتقل الآلاف منهم وفرض على شعب مصر حكم فئة قيادية صغيرة من كبار ضباط القوات المسلحة، لا تختلف في عنفها وتطرفها في الاستبداد عن الإخوان المسلمين والحاكمية لله، أي لهم وليس لغيرهم، وهكذا يتصرف المشير عبد الفتاح السيسي منذ وصوله للسلطة وبصور لا تختلف بل أشد وأقسى من المشير عمر حسن البشير دكتاتور السودان الشقيق السابق، الذي يجد نفسه الآن في مزبلة التاريخ!
هذا المشير، عبد الفتاح سعيد حسين خليل السيسي (1954م)، منح في 25 كانون الثاني 2020 وساماً رفيعاً يمنح عادة لشخصيات مميزة وبارزة وحضارية في العالم، وسام القديس "سان جورج" من قبل أوبرا ألمانية شهيرة تسمى سمپر أوپرا Semperopra في مدينة دريسدن الحضارية المعروفة. وقام وفد ألماني رفيع المستوى بالسفر إلى القاهرة وتسليمه الوسام. وجاء في حيثيات منح الوسام ما يلي:
".. إنه يتم بذلك تكريم رجل دولة "حامل للأمل ومشجع لقارة بأكملها"، مشيدة بالسيسي كـ "باني جسور متميز وصانع سلام في منطقة شمال أفريقيا المتسمة بأزمات صعبة"، مضيفة أنه يبحث عن الحوار مع كافة الأطراف ويعتبر "مرساة للناس وآمالهم". (راجع: ألمانيا تمنح الريس السيسي وسام "سان جورج" لجهوده في صنع السلام في أفريقيا) جريدة وموقع اليوم السابع، 25 يناير/كانون الثاني 2020).
ما أن أعلن عن منح الوسام حتى هبَّت عاصفة من الاحتجاجات الشديدة من فنانين وأدباء وشعراء وكتاب وحقوقيين وإعلاميين وعلماء ومؤسسات ثقافية ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني في جميع أنحاء ألمانيا وهم يعرفون جيدًا ما جرى ويجري في مصر المستباحة بالدكتاتورية. ورغم هذه الاحتجاجات أصرت الجمعية على سفر وفدها ومنح السيسي الوسام المذكور وحاولت تبرير فعلتها البائسة بشتى السبل ولكنها فشلت. إذ استمرت حملة الاحتجاجات واتسعت ورفض فنانون وشخصيات بارزة حضور احتفالها السنوي الخامس عشر، الذي عقد مساء يوم الجمعة المصادف 07/02/2020 في دار أوپرا سمپر , مما وجدت الجمعية نفسها أمام هذا الرفض القاطع والمبرر، حيث قدمت حيثيات كاملة ومقنعة عن سبب رفض منح المشير السيسي هذا الوسام الرفيع، فتراجعت بقناعة وسحبت الوسام من عبد الفتاح السيسي واعتذرت علنًا وفي الاحتفال ذاته عن هذا الفعل الشنيع وبحضور الآلاف من الحضور في الصالة أو في خارجها، إذ اعتبر منحها الوسام إهانة كبرى لشعب مصر المظلوم والصابر ولشعوب أفريقيا المتطلعة للحرية والديمقراطي وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ولكل الذين سبقوا وان حظوا بهذا الوسام الرفيع، وهي المبادئ المحروم منها شعب مصر بسبب نهج وسياسات عبد الفتاح السيسي المناهضة للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. وتعهدت الجمعية بأن لا يتكرر مثل هذا الخطأ في عملها ومنحها مثل هذا الوسام الرفيع في المستقبل.
وفي ضوء هذا التراجع عاد بعض المحتجين وشاركوا في الاحتفال، في حين أصر اخرون على المقاطعة، بسبب سوء بحث الجمعية الضروري والكافي عن الأشخاص الذين تمنحهم هذا الوسام وسوء تقديرها والتبريرات الخاطئة التي اعتمدتها في منح الوساملهذا المشير العسكريالمصري.
لقد تلقى المشير وحاكم مصر الدكتاتور عبد الفتاح السيسي صفعة شديدة من شعب مصر الذي احتج هو الآخر على منح هذا الوسام الرفيع لمن لا يستحقه أولا،وصفعة أخرى من مثقفي ألمانيا وشعبها بسحب هذا الوسام منه. فهل سيتعلم من هذا الدرس الكبير أم سيواصل درب كل المستبدين الذين سبقوه في حكم مصر وغيرهم من مستبدي أفريقيا والعالم الذين لا يتعلمون من دروس من سبقوهم في الحكم، كما هو حال المستبدين في عراق الأمس واليوم. ولكن ثورة الشعب في العراق كفيلة بتلقين هؤلاء المستبدين دروساً لا تنسى، كما سيفعل ذلك عاجلا ام آجلا شعب مصر والكثير من الشعوب التي تعاني من جبروت وظلم وقهر المستبدين الأوباش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كيف يتم سحب وسام ؟
أنور نور ( 2020 / 2 / 9 - 08:19 )
عفواً .. هذا سؤال - أو استفسلر - عام : : كيف يتم منح وسام بعدما مُنِح بالفعل !!؟؟
هل هو سحب معنوي وحسب ؟؟
أم يتوجه نفس الوفد الرفيع المستوي - كما جاء بالمقال - الي حامل الوسام . ويقابلونه معبرين عن أسفهم مطالبين برد الوسام ؟ . وهل جرت العادة علي أن يتم بالفعل إسترداده بهدؤ - دون أن يتم إعتقالهم أو تلفيق تهمة لهم - بل ويعودوا به الي بلادهم سالمين غانمين ؟


2 - كيف يتمّ سحْب وسام من السيسي بعدما مُنِح بالفعل !؟
صباح شقير ( 2020 / 10 / 5 - 04:13 )
الأستاذ الفاضل كاظم حبيب

تحياتي
في فترة نشْر هذا المقال والخبر في وسائل الإعلام, كنتُ في وضْع لا يسمح لي بقراءة الأخبار ففاتني هذا الموضوع الهام

اليوم قرأته بالصدفة، وراجعتُه في محطات أخرى ونالني العجب حقا

أرجو التكرّم بالرد على استفسار الأستاذ أنور نور ت1، وتوضيح الطريقة التي جرت فيها ملابسات هذا الموضوع, ذالك لأني بدوري لست على اقتناع بمنح وسام لرئيس دولة كبيرة ثم سحْبه منه

وشكرا لتفضّلكم بالقراءة
احترامي


3 - أستاذ صباح شقير - تسلسل 2
أنور نور ( 2020 / 10 / 5 - 10:15 )
أنا لست ضد مبدأ جواز سحب وسام من أية شخصية , فيما لو أتت بسلوك يشين الوسام ويسيء لمن منحوه
ولكنني تساءلت عن كيفية تنفيذ سحب وسام , خاصة من حاكم شرق أوسطي - رجل عسكري -, يحمل في جيبه الخاص مفاتيح كل السجون والمعتقلات وأماكن تعذيب و قتل المعارضين السياسين ؟
سحب وسام من رئيس بلد متحضر مثل فرنسا أو ألمانيا . هذا ممكن
سحب وسام ولو من ملكة بريطانيا .. هذا ممكن , سوف تستقبل الملكة من جاء لاسترداد الوسام , وتعتذر له وتسلمه اياه
أما سحب وسام من رئيس أو أيٍ من الحكام الناطقين بالعربية! فان سكرتير عام الأمم المتحدة شخصياً لو تجاسر علي الذهاب بنفسه لاسترداد واستلام الوسام , فسوف يتم تلفيق تهمة له في المطار فور وصوله , كحيازة مخدرات أو ضلوع في تمويل ارهابيين , وسيتم احتجازه للتحقيق معه
ألم تسمع من قبل عن مأساة مهندس استشاري مصري عالمي - ممدوح حمزة - تلقي دعوة من ملكة بريطانيا . وكان معارضاً سياسياً ( سلمياً ونبيلاً ) لنظام حسني مبارك. فدبر له جهاز الأمن المصري - وقتها - مكيدة , بابلاغ سلطات بريطانيا عن علاقة له بالارهاب! فتم اعتقاله لشهور ! ولم يشفع له وجود دعوة من جلالة الملكة
!!!
ًشكرا


4 - أوافقك تماما أستاذ أنور نور المحترم
صباح شقير ( 2020 / 10 / 5 - 12:41 )
تحياتي لك وللقراء الكرام

أخي الفاضل
قد يكون الغموض قد شاب تعليقي لأني لم أذكر بالتحديد( عدم اقتناعي بمنح وسام لرئيس دولة عربية شرق أوسطية عسكرية ديكتاتورية)
كذلك لم أفهم طريقة تنفيذ سحب الوسام منه
تعليقك في مكانه وأوافقك عليه وزدتنا توضيحا في تعليقك الثاني
أرجو من الأستاذ كاظم حبيب أن يجيبنا على استفسارك حول موضوع كان يجب أن ينال اهتمام القراء الكرام
وشكرا

اخر الافلام

.. ما أهمية مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوري من محكمة باريس؟ | ا


.. مربعات سكنية بأكملها تم نسفها .. إسرائيل تقصف غزة وتواجه حما




.. -قرع طبول الحرب-.. إسرائيل وحزب الله في سيناريو مواجهة | #ر


.. الاتهامات الإسرائيلية تنهال على نتنياهو.. ودعوات لرفض إلقائه




.. قراءة عسكرية.. الاحتلال يعلن إصابة 14 جنديا في غزة