الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة داعش وأخواتها

حمزة الكرعاوي

2020 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


هذا الملف شائك ، وفيه بحوث كثيرة ، وكلما أردت أن أتناولها من زاوية ، تفتح علي زاوية أخرى ، وقدر المستطاع علي أن أقدم قرائتي لصناعة داعش وأخواتها ، وكل قراءة سياسية قابلة للصواب والخطأ ، لكنها خاطئة إذا قفزت على الواقع الذي يكشف لنا المخططات المشبوهة .
عام 1850 قررت بريطانية العظمى أن يكون الاسلام راعيا لمصالحها في العالم والمنطقة العربية ، ومشكلة الغرب الرأسمالي ومعه إسرائيل ، ليست مع الاسلام برجاله ( فقهاء ومراجع دين ) ولا مع الحركات الدينية ( الاسلام السياسي ) لان هذا الاسلام مفخخ ، ومسيطر عليه ، بل موجه حسب ما تقتضي المصالح الغربية ، العداء الحقيقي للغرب هو عروبة المنطقة وشعوبها .
أمريكا عندما جاءت لتحتل العراق ، ليست هي حرب الكويت ، ولا الخلاف السعودي القطري ، ولا هو غزو من أجل حيز أمني أو نفوذ إقتصادي ، بل مشروع إبادات جماعية ، فهي أي أمريكا إستعدت ولديها مشروعها الكامل ( من رجال دين ومرجعيات دينية وأحزاب وشيوخ عشائر ، وماكنة إعلامية خطيرة ) .
ومن هذه الادوات هي القاعدة بزعامة إبن لادن والظواهري والزرقاوي الذي أصيب بغارة أمريكية على مدينة هيرات الافغانية ، ودخل مستشفى في طهران ، لان التعاون بين إيران وأمريكا على أساس المصالح ، لا أسس دينية كما تصور طهران للسذج من الشيعة ، هذا بالنسبة للطرف السني ، والطرف الشيعي ( بدر الايرانية بزعامة هادي العامري والبيت الشيعي الذي أسسه أحمد الجلبي رجل البنتاكون ) .
في مقابلة لهلاري كلنتن ( وزير الخارجية الامريكية في عهد أوباما ) إعترفت بأن القاعدة وداعش صناعة أمريكية ، وتحدث دونالد ترامب عن دور أوباما في صناعة داعش ، وتمشى أحد المحافظين الجدد إلى البيت الابيض ( هنكتن ) ونصح أوباما بأنه إذا أراد حماية المصالح الامريكية ، عليه أن يغذي حركات التطرف في المنطقة العربية والعراق خصوصا ، لتتقاتل فيما بينها حتى تنقرض تلك البلدان .
دخول إيران على الخط ليس جديدا ، بل أن صناعة حركات التطرف الديني في المنطقة يخدم مصالحها ، ولا يستيطيع مرشد طهران ( خامنائي ) أن يستمر بدون الطرف الاخر ( نقضيه السني ) فوجد الفرصة ذهبية لتغذية حركات التطرف الشيعي والسني معا .
المعادلة في العراق طائفية بدعم أمريكي وإيراني وسيستاني ، ولإبعاد الشيعة عن الوطنية ، لابد من خلق المشاكل الطائفية ، وعلاجها بطائفية أخرى ، تشكيل مليشيات إيرانية في العراق ، وهو مخطط قديم ( بريطاني أمريكي ) رسمت ملامحه في الجامعة الامريكية في بيروت ، حسب ما ورد في مذكرات ( أودنيس ) علي أحمد سعيد ، أحد أهم كتاب مجلة حوار أنذاك ، وكذلك كتابه ( الثابت والمتحول في السياسة ) .
بعد إحتلال العراق من قبل أمريكا وبريطانية وإيران بمباركة محمد علي السيستاني ، شعر الشيعة بأن هناك وصمة عار تلاحقهم بسبب رقصهم للمحتل الامريكي ، وفي المقابل كانت هناك مقاومة وطنية عراقية في غرب العراق ( حاولوا تشويه صورتها بأوصاف طائفية منها المثلث السني وحزب البعث ) ، مقاومة أحرجت الامريكي والايراني ومرجعيات النجف المستوردة من الخارج ، وبدأ ابناء الوسط والجنوب يسألون الاسئلة التي تقلق مرجعيات الفرس التي تحتل العراق منذ ألف سنة ، وهو إحتلال إقتصادي لا علاقة له ( بإستنباط الحكم الشرعي من مصادره الاربعة ) كما يزعمون ، فذهبت إيران إلى تبني الخيارات الطائفية ، والتصعيد على الميدان ، لإبقاء الشيعة تحت عباءة ما يسمى المرجع الاعلى للشيعة ، ولإدامة الصراع الطائفي الشاذ ، تبنت إيران المعادلة الطائفية في العراق ، وهو صراع عمره الف سنة .
تفجير القبة في سامراء ، يصب في مصلحة الفاعل الحقيقي وهو الطرف الايراني ، لإنهاء المقاومة الوطنية في غرب العراق ، حيث ثأر الشيعة للإمامين في سامراء بعد تفجيرهما من قبل المخابرات الايرانية ، وقتلوا مئات الالاف من السنة الابرياء ، ومع ذلك بدأ الشيعي العراقي ، يتحسس حجم الجروح الغائرة على جسده وهويته الوطنية ، وهذا قلق كبير لإيران .
في ولاية ( مختار البيت لابيض القجقجي جواد نوري المالكي الثانية ) أدار الشيعة ظهورهم للإنتخابات لمجالس المحافظات ، فإزداد القلق الايراني ، بسبب عزوف الناس عن العملية السياسية الفاسدة ، فتحرك قاسم سليماني ونوري المالكي ، وجندوا شباب شيعة صغار السن ، وبدون سلاح ، ووضعوهم في معسكر في المناطق الحساسة ، وقدموا لذبحهم جهات منها داعش وبإشراف قاسم سليماني وإطلاعات الايرانية ، ذبحوهم جميعا ، ورفضت إيران وقيادات الشيعة الكشف من ملابسات جريمة سبايكر ، وأعلن قاسم عطا في البرلمان أن الذين قتلوا ما بعد سبايكر هم 90 الف من الشاب .
لإدامة الصراع الطائفي الشاذ في المنطقة ، وللحفاظ على مشروع إيران في العراق ، خلقوا مشكلة داعش ، حتى يعود الشيعي إلى حضن السيستاني ، الشيعي الذي بدأ يسأل الاسئلة المحرجة عقائديا وسياسيا ، والتي تشكك بروايات كانت تمرر كالسموم للشيعة ، أن دولتهم هي دولة المهدي المنتظر .
شعرت إيران ومرجعيات الفرس في النجف وكربلاء ، بخطر إبتعاد الشيعة عن عباءة المرجع الاعلى ، وخصوصا بعد رفضهم المشاركة في الانتخابات في ولاية المالكي الثانية ، والتي تديم سلطة إيران بواسطة ( مجالس المحافظات ) ، ففكروا بأن تخرج عمائم تشتم نوري المالكي على أنه منحرف بعيد عن خط المرجعية وهو خيار وطني ، حتى ينتخب لانه خيار إيران والسيستاني .
وفعلا ذهب الشيعة في الاتجاه الذي يعاكس توجيهات المرجعية الدينية ، فوقعوا في مشكلة أكبر ، فقرروا الذهاب الى خيار داعش ، وقتل أعداد كبيرة من الشيعة ، حتى يتهيأوا للجهاد تحت راية السيستاني ، وهم يبحثون عما يخلصهم من عار عدم مقاومة المحتل الامريكي .
المخططات الغربية والايرانية ، تقدم المبررات لأي عمل يريدونه ، حتى لايشكك فيه أحد ، ففي قضية داعش التي رفعت شعارات ( الموت للشيعة الروافض أولاد المتعة ، وتهديم القبور وهي مقدسات عند الشيعة ، اضرحة أهل البيت ع ) من يستطيع ان يقول للشيعي : لاتذهب للقتال ضد داعش وهي العدو الاخطر على وجود الشيعة ، وهم يحملون فتوى الجهاد ؟.
في قضية داعش ، لاوجود للدفاع عن وطن ولا عقيدة ولا شرف ، هذه مخططات للمحتلين ، منها تقليل سقف سكان العراق ، وإلهاءهم عما ينهب من ثرواتهم إلى حين ، وتصفية حسابات مع مدينة الموصل التي أنجبت وأنتجت كبار ضباط المؤسسة العسكرية العراقية ، الذين شاركوا في صد العدوان الفارسي على العراق في حرب الثمانيات ، تشكيل ميلشيات تعلن الحكم الايراني في العراق بواسطة ما يسمى فتوى الجهاد المنسوبة للسيستاني كذبا وزورا ، لان الرجل لم يختص بفقه الجهاد ، ولايؤمن بنظرية ولاية الفقيه .
وهناك أمر مهم وهو : وجود مليشيات تابعة للحرس الثوري الايراني شكلت قبل صدور فتوى الجهاد ضد داعش بسنوات ، وهي بحاجة الى تشريع لتدخل العملية السياسية الفاسدة ، فوجدت طريقها بعد الفتوى ودخلت البرلمان .
هناك مجاملة وخوف وترسبات طائفية وعدم معرفة في موضوع داعش والجهاد ضدها ، فأجد من يردح للجهاد والنصر المزعوم في الموصل ، بعيد عن تفاصيلها بعد السماء عن الارض .
بعد صدور فتوى سيستاني التي كتبها قاسم سليماني ، كانت شروط الجهاد في تدمير الموصل ، أوسخ من الحديث عن شرف المومس ، فأي جهاد ذاك الذي تغطي للمجاهدين الطائرات الامريكية ، وكوشنر صهر ترامب يحلق بطائرة هليكوبتر فوق الموصل ؟.
وأي جهاد الذي ترك خلفه 200 الف جثة تحت الانقاض ؟.
داعش لازالت موجودة ، وبرعاية أمريكية وإيرانية ، وهي دولة متنقلة في حقيبة ، يعيد إنتاج جغرافتها الامريكي متى ماشاء في أي مكان ، وحاجة ايران والمرجعية الدينية في النجف لداعش أكثر من حاجة الاخيرة إليهم .
ومع ذلك إكتشف شيعة العراق ( الجيل الجديد ) أبطال التكتك والبوجي أن أخطر الاحتلالات المركبة في العراق هي إيران والمرجعيات الدينية الشيعية ، فثاروا ضد المقدس الذي يشتغل على قتلهم وتهشيم الدولة الوطنية العراقية .
كل العناوين التي رفعت في زمن الاحتلالين الامريكي والايراني كاذبة ، مثل إكذوبة العملية السياسية والدستور ، وإكذوبة المرجع الاعلى والتشييع .
نحن اليوم أمام ثورة مذهلة ، مشابهة لثورة الشعوب الاوربية التي أسقطت سلطة الدين ، ومن يتحث عن فخر ونصر في قتال داعش ، أقول له : الحشد الشعبي مرتزقة لايقلون وساخة عن عصابات داعش ، لان حركات التطرف الديني هي هي ، سواء كانت سنية أو شيعية ، لاتؤمن بوطن ولا حريات ولاتعدد ، تؤمن بثقافة الموت والمقبرة ، وعلينا أن نتعلم من تجربة الشعوب الغربية التي نجحت بعد التخلص من الدين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذته مسيرة لحزب الله | #غرفة_ا


.. صاعد المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع | #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: دخولنا إلى رفح خطوة مهمة جدا وجيشنا في طريقه للقضاء


.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب الإدارة الأمريكية التي عليها




.. مياه الفيضانات تغمر طائرات ومدرجات في مطار بجنوب البرازيل