الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموقف الروسي: مماحكات سياسية ومرتزقة

عيسى مسعود بغني
(Issa Baghni)

2020 / 2 / 8
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الموقف الروسي منذ إندلاع ثورة فبراير في 2011 كان واضحاً، فروسيا كدولة عسكرية تريد ألمحافظة على علاقاتها السابقة بإعادة بناء نظام مشابه لنظام القذافي، حيث وافقت على إصدار قرارات الهيئة الاممية حول حماية المدنيين ولكن عارضت إستخدام الناثو للقوة من أجل دحر قوات القذافي، وبقيت على موقفها تردد أن الغرب هو الذي أوصل ليبيا إلى ماهو عليه. تُحرك موسكو عدة مصالح في ليبيا منها صفقات الأسلحة وإمتيازات التنقيب عن النفط (في الحمادة) وتنفيذ المشاريع إضافة مشروع القطارات بين شرق البلاد وغربه، وتدين للقدافي أنه وقف معها في الكثير من المحافل الدولية كحليف إستراتيجي لأربعة عقود.
في 30 يناير 2013 عبرت الخارجية الروسية عن سياستها في ليبيا بأنها تقف بالتساوي مع جميع الأطراف، بل أنها تضيف على ذلك انها لها علاقات جيدة مع رجالات العهد السابق ومنهم سيف الإسلام الذي ترى أنه المناسب لتولي السلطة في ليبيا مرحليا. يرجع التدخل الروسي الحالي إلى منصف 2017 حين إستخدم حفتر مجموعة من خبراء فاجنر لنزع الألغام بالقرب من مصنع الإسمنت في بنغازي عقب الإستلاء على المدينة وتصفية المقاومين فيها، وفي منتصف 2018 غيرت روسيا سياستها تجاه دعم حفتر عسكريا كبديل لسيف الإسلام الذي لم يكون له دور منذ إختفاءة، فكان إجتماع حفتر ووزير الدفاع الروسي في حضور مدير مجموعة فاجنر في 9 نوفمبر 2018م وتم الإتفاق على إرسال مجموعة من المرتزقة الروس لتقوم بالدعم الفني مثل تركيب منضات الصواريخ وإدارة المدافع الليزرية والتدريب على القتال في المدن، إضافة إلى مجموعة من القناصة العاملين في شرق أكرانيا للعمليات العسكرية في المحاور.
تواجد المرتزقة الروس في ليبيا مر بثلاثة مراحل، الأولى من مارس إلى أغسطس 2019 م تدفق المرتزقة الروس على المنطقة الشرقية وتم نقلهم إلى المواقع الخلفية للجبهات جنوب طرابلس وخاصة في قصر بن غشير وبئر التوتة والسبيعة ومعسكر اليرموك، وأفاد المراقبون الدوليون أن السعودية قامت بسداد صفقة المرتزقة والإمارات قامت بالتعاقد معهم ونقلهم.
كان مخطط قوات الفاجنر أن الحرب تكون مماثلة لما حدث في سوريا؛ بأن تقوم القوات الجوية بسكب حمم البراميل المتفجرة من الجو وقيامهم بقصف مدفعى عنيف على الأرض يتبع ذلك التقدم لقضم المواقع حتى الوصول إلى وسط مدينة طرابلس. هذا لم يحدث ووجد الروس انهم في حرب شوارع لعدو يعرف المنطقة جيدا، دو غطاء جوي لهم. ومن أسباب عدم تنفيذ الخطة السابقة وجود كثافة سكانية وخوف حفتر من تأليب الرأي العام ضده.
المرحلة الثانية من سبتمبر إلى ديسمبر 2019، تم إستخدام المرتزقة الروس البالغ عددهم 2500 فرد كما أشارت بعض التقارير لمحاولة التقدم على الأرض، ولقد أحرزو بعض النجاح مثل التوغل في محور صلاح الدين إلى كلية الشرطة والخلاطات بمشروع الهضبة إلى جزيرة الفحم، ولكن بسبب وجودهم في جيوب منعزلة يتم التضييق عليهم وإجبارهم على الإنسحاب في الكثير من الأحيان، في حين أنهم أستطاعو هولاء الروس إمتلاك السيطرة الجوية بل أنهم أسقطو طائرة إستطلاع إيطالية وأخرى مسيرة امريكية وبعض الطائرات المسيرة للجيش الليبي.
الأمر الأكثر اهمية دخول الدعم التركي لقوات الجيش الليبي بمعدات نوعية وخبراء عسكريين أدى إلى غارة جوية على قوات الفاجنر في منتصف سبتمبر أدى بحياة 35 منهم والذي راينا دويهم في بطرسبرج يقومون بدعس العلم الليبي إنتقاما لمقتل أبنائهم على تخوم طرابلس. كما أن تركيب دفاعات جوية عند قوات الجيش الليبي أصبحت قوات حفتر ومرتزقته أقل فاعلية.
المرحلة الأخيرة للمرتزقة الروس هو سحبهم من المعركة بعد إعتراف بوتن يوم 11 يناير 2018 بوجود مرتزقة روس ولكن ليسوا تابعين للدولة ولا يتقاضون مرتبات منها، وهو قول لا يحتاج إلى نقاش لأن سحب هذه المجموعات كان بعد لقاء بوتن وأردوغان يوم 8 يناير ومؤتمر موسكو يوم 12 يناير بين حفتر والسراج.
من الواضح أن روسيا وصلت إلى نتيجة أن إستخدام المرتزقة في ليبيا لن يؤتي أكله كما حدث في سوريا، وأنها يجب أن تبحث عن خيارات أخرى. تلاء سحب المرتزقة دعوة الدول الغربية لمؤتمر برلين لإفشال تفاهمات موسكو التي لم يوقعها حفتر بناء على تشجيع وضغط إماراتي، ونتج عن المؤتمر 55 مادة يتم من خلالها القضاء على إتفاق الصخيرات وإلغاء الرئاسي وبذلك شرعنة حفتر عسكريا ووضع دمية جديدة لحكومة ليبيا القادمة، وحتى يتم ذلك لم يصدر قرار وقف أطلاق النار ولا سحب القوات، بل أضاف المبعوث الأممي له غلق المواني النفطية (بتشجيع الفيدراليين على ذلك وموافقة حفتر) من أجل الضغط على حكومة الوفاق والأجهزة التابعة لها للقبول الأسير وجيشه، كما أن هروبه من التوقيع في موسكو يدل أن بوتن ليس له اليد الطولى علىه وأن محمد بن زايد هو الحاضن والمحرك لحفتر أكثر من أي دولة أخرى، وهو في تماهي مع صانع القرار الأمريكي إلى حد كبير.
الأمر اللافت للنظر أن هذه التفاهمات تحتاج إلى أصدار قرار أممي من مجلس الأمن، وكان رد روسيا بفيتو لمنع تمريره (من أجل مماحكة الغرب الذي أفشل أتفاق موسكو وربما وضع ضغط على أردغان للتنازل في إدلب) ، وبذلك أصبح إتفاق برلين في موت سريري رغم محاولات ألمانيا لإنقاذه. إتفاق برلين لم يرضى عنه حفتر لأنه لا يضمن له الوصول إلى الحكم، وإستمر في جلب المرتزقة ومعدات الحرب والتدمير الإماراتية العائدة من حرب اليمن وحفتر على إستعداد لخوض معارك أخرى بدعم من دول الإستبداد، بالمقابل الليبيون الأحرار لن يشرفهم عودة حكم العسكر ومكافاة حفتر بالمشاركة السياسية بعد أن خسر وتم دحره في ميدان المعارك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف


.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام




.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا


.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال




.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل