الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤامرة الثامن من شباط 1963

عدنان يوسف رجيب

2020 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تمر اليوم على مؤامرة الثامن من شباط 1963 سبعة وخمسين عاما..... ولابد هنا من تحليل وإستفادة مما حصل آنذاك وما تبعه من عواقب، لتجنب حصول جرائم وأهوال جديدة تشابه هذه المأساة الوطنية والإجتماعية، الغارقة في دمويتها، والموغلة في تأثيرها السيئ في عمق النفسية العراقية....
لقد كان السبب الرئيسي لهذه المؤامرة الكبرى في تأريخ العراق الحديث، هو الإستحواذ على العراق وعلى ثروته النفطيه، بعد أن كادت شركات الإحتكار العالمي النفطية ان تخسر كل شيء في العراق، من جراء قيام حكم عبد الكريم قاسم الوطني بتأمين النفط لصالح العراق ....
هنا عملت شركات النفط العالمية كل ما بوسعها لمحاولة القضاء على الحكم الوطني العراقي، وكذلك على قوى الشارع الجبارة، التي كان للحزب الشيوعي العراقي تأثير كبير فيها.... وكان أن شرعت الإستخبارات المركزية الأمريكية في التوجه لمساعدة شركات النفط العالمية، بالنشاط لتغيير النظام الوطني العراقي، وبالأخص لإضعاف قوة الحزب الشيوعي العراقي، وبكل الطرق الممكنة....
لقد مهد لتوجهات هذا النشاط الأمريكي، سلوك حزب البعث العراقي، ومواقفه غير الوطنية من ثورة الرابع عشر من تموز 1958 الشعبية.... حيث أبتدأت مواقف حزب البعث المعادية، منذ يوم 21 تموز (بعد أسبوع واحد فقط من ثورة 14 تموز)، حين مجئ ميشيل عفلق – زعبيم حزب البعث أنذاك – الى العراق، وتأكيده على البعثيين العراقيين في الدعوة للوحدة العربية الفورية! أي تسليم العراق كله الى جمال عبد الناصر!... وذلك لوعود عبد الناصر الى ميشيل عفلق، في تسليمه المجلس القومي العربي، (في دولة الوحدة). وهنا نشط البعثيون، ومعهم القوميون العرب، في الدعوة الفورية للوحدة العربية !.... وكان الثمن هو التآمر على العراق، والتسبب في قتل وإغتيال الكثير من العناصر الوطنية العراقية بشكل يومي.... مع محاولات التشوية والكذب والدجل ضد الوطنيين والوطنيات العراقيين، لمجرد أن هؤلاء الوطنيين بينوا إن الوقت الآن ليس مع الوحدة الفورية مع العربية المتحدة، ويجب التريث في هذا الأمر... ولكن غرق العراق لعدة سنوات، في الدم والمشاكل السياسية والإجتماعية، بسبب جرائم البعثيين والقوميين العرب الأخرين.... وكان البعثيون بالإضافة لجرائمهم في الإعتداءت فإنهم أستخدموا الشقاوات وأصحاب السوابق السيئة المزرية، ولإشراكهم في عمليات الإعتداءات والقتل....
وكان سلوك البعثيين الإجرامي والموقف السياسي المعادي لثورة 14 تموز، هو بمثابة ضوء أخضر، نبه الإستخبارات الأمريكية، وشركات النفط الإحتكارية الى وجود تنظيم عراقي كامل يخدم أهداف الشركات هذه. لذا جرى تنسيق واسع بين ممثلين من شركات النفط والإستخبارات الأمريكية وبين، وقيادة حزب البعث، للإطاحة بالنظام الوطني العرقي، لوجود هدف مشترك للجهتين....
وكان أن حصلت مؤارة 8 شباط 1963، بتخطيط أستخباراتي أمريكي و تنفيذ خياني بعثي عراقي.... وتم إغراق العراق بالدماء، حيث أنه خلال الخمسة أيام ألأولى من المؤامرة تم قتل حوالي سبعة آلاف مواطن عراقي، أكثرهم من الشيوعيين، قام الحرس القومي البعثي وغلاة القوميين العرب بتنفيذ هذه الجراءم.... وقتها قامت جرائد عالمية مثل الكارديان البريطانية واللوموند الفرنسية بتغطية الحواث الدامية في العراق، وذكرت أرقام آلاف الشهداء العراقيين....وبين الملك حسين في وقتها، إن إذاعة في قبرص للإستخبارات الأمريكية، كانت توجه البعثيين لأسماء وعناوين الشيوعيين وباقي الوطنيين، ليقوم البعثيون والحرس القومي بإعتقال، ومن ثم إغتيال، هؤلاء الوطنيين!؟ وكانت مجازر رهيبة، يجري فيها هدر دم وتقطيع أوصال الوطنيين بدون مسؤولية، حيث أصدر الحاكم العسكري العام، رشيد مصلح، بيانا مشؤما (بيان رقم 13) يبيح فيه قتل الشيوعيين وباقي الوطنيين، من دون مسائلة قانونية للقاتل؟!!
وذهب ضحية هذه المجازر آلاف الشيوعيين، وعلى رأسهم قيادة الحزب الشيوعي، وأبتداء من الوطني والمناضل سلام عادل (سكرتير الحزب)، وقيادين كثيرين في اللجنة المركزية للحزب، منهم الشهداء حسن عوينة وجمال الحيدري ومحمد العبلي وعبد الجبار وهبي....
وكان البعثيون (الذين ثبت إنهم من أصول شخصية جبانة وكيانات مهزوزة)، يستغربون للصمود الوطني والجسور للشيوعيين، وهم يتحملون التعذيب القاسي الشرس، ولا ينهارون، ولا يستجيبون لمطالب البعثيين المجرمين.... وكان هؤلاء البعثيين يحقدون على الشيوعيين لقوة معنوياتهم وتضحياتهم من أجل مبادئهم الوطنية السامية.... وهذا الحقد الكبير للبعثيين على الشيوعيين، هو بسبب إن الناس، (منذ فترات طويلة) لم يكونوا يحترمون البعثيين أبدا، بينما هؤولاء الناس يحترمون ويقيمون الشيوعيون كثيرا.... وفي هذا المجال كتب كثير من البعثيين منهم القياديين: هاني الفكيكي خالد علي الصالح، اللذين كانا حزينين أشد الجزن لأن أبناء الشعب العراقي لا يريدون البعثيين بينما يسيرون وراء الشيوعيين.... هؤولاء البعثيين، بسبب عدم وطنيتهم وعدم وعيهم في الحياة، لم يكونوا يدركون أنهم كبعثيين كانوا يعملون ضد مصالح الناس، وكانوا مع أعداء العراق بشكل واضح، وصولا الى إتفاقهم مع الجهات الإستعمارية للقضاء على الحكم الوطني..... بينما الشيوعيين ملتصقون بالوطن تماما، ويعملون من أجل مصالح الناس جميعا.....
لم يقتصر نشاط البعثيين الإجرامي بحق الشعب العراقي في فترة مؤامرة 8 شباط 1963، بل تعداه الى مديات وفترات قادمة.... والى قيام حكمهم الثاني بعد تموز 1968، ومجئ أحمد حسن البكر وصدام حسين للسلطة، ثم إنفراد صدام حسين بالحكم، وتسلطه مع أعوانه على الحكم بالقسوة والرعب على كل فئات الشعب العراقي... وظهور الجوع والفقر بأشد اشكاله على فئات الشعب العراقي، وإضطرار عوائل على بيع أطفالها وبيع شبابيك بيوتها للحصول على لقمة العيش.... وكان الوطنيين العراقيين يقابلون بالمقابرالجماعية، وقتل السجناء، في ما كان يعرف بـ (تنظيف السجون - الإسبوعي).... ومرت على العراق فترات عصيبة مريرة من البؤس والشقاء والحالة المزرية التي عانى منها كثير من أفراد وفئات الشعب العراقي، كان سببها جرائم البعثيين، كل البعثيين... وحتى الذين كان يجري عليهم ظلم، فهم كانوا مساهمين في الجراءم، كونهم كانوا يناصرون الحكم الخياني والإجرام لصدام حسين و بطانته، ولم يتحرك أي منهم لعمل أي شيء يبين عدم قبوله عن الجرائم الكبرى التي كانت تجري في البلاد.... وقد لفت العراق حرب داخلية شرسة ضد الشعب العراقي، وحربين كبريين قام بها النظام المجرم بسبب غطرسته الفارغة وغباءه الشديد، كلفت العراق مئات الآلاف من الضحايا وآلاف الملايين من الدولارات... لا لشيئ إلا لإرضاء المرض النفسي العميق لصدام حسين والذين يلتفون حوله.... وبقي الشعب، بكل فئاته، في هذا الوضع المزري نفسيا وإجتماعيا وماليا.... وكانت المعاناة أشد من أن تحتمل. وكان الشعب يتطلع الى تغيير مهما كان، ومن أي كان. وبنفس الوقت كانت القوى الوطنية العراقية، تعمل من جهتها على فضح النظام الإجرامي، وتعمل بكل جهدها للقضاء عليه....وكات المهمة صعبة جدا، لأن النظام كان شرسا قاسيا جدا مع المعارضة....
وبعد التغييرالذي حصل في العراق، وإنهيار نظام البعث الإجرامي الخائن، بقي البعثيين على سلوكهم غير الوطني، والشائن إجتماعيا وأخلاقيا.... وبقيوا مهيئين أنفسهم كـ (بندقية للإيجار)، لمن يدفع لهم!. .
ولحد الآن هم يعملون ضد مصالح وإرادة الشعب العراقي، ومع كل الخونة واللصوص والمفسدين الإداريين في السلطات المختلفة الحالية.... فهم يناصرون الإدارات الفاسدة ويتلونون مع التنظيمات التي تقود الدولة، حيث يصبحون من مجموعات الإسلام السياسي، وأحزابها الحاكمة، وذلك للحصول على مردودات مالية ومواقع في السلطة، وهم ناصروا مقتدى الصدر من أجل الحصول على الأموال المنهوبة، وبقيوا كما كانوا كالسابق (بندقية للإيجار). وهم وفق ذلك من أشد الأحزاب والأفراد جريمة وذل ورياء.... ويجب الحذر، كل الحذر، من البعثيين.... واهم ما يجب عمله هو منعهم تماما من التبوء في أي مركز في الدولة... ومنع الإستماع الى اي راي منهم، لأنهم مرائين وغير صادقين، فهم دجالون ولا ينظرون الا الى مصلحتهم الذاتية المقيتة السيئة.... وعلينا، كشعب عراقي، الحذر والتحذير منهم ومن توجهاتهم.... ولقد مرت عشرات السنين والبعثيين، ومن يناصرهم، هم بنفس التوجه الخياني والمخادع والذليل.... فلا يمكن أن يصدقهم أحد مطلقا....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مؤامرة الثامن من شباط 1963
Elham Jawad ( 2020 / 2 / 10 - 00:58 )
ما اشبه الغد باليوم والزمن يعيد نفسه حيث ان اغلب الاحداث التي حدثت ما قبل البعث وبعد قدومهم وكذلك بعد ما جاء صدام للحكم والذي طرحته هو الذي
يحدث على يد حزمة من المجرمين والقتلة وكذلك تمسكهم بالسلطة ومحاولة قتل كل من يرفع صوته ضد الباطل. اشرك اشتاذ عدنان على المقال الرائع واتمنى ان تكتب عن الايام القادمة وما سوف يحدث وما هي رؤيتك لمستقبل العراق

اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز