الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الشباب التونسي و دوره في التغيير

انيس الحراثي

2020 / 2 / 9
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


الشباب ودوره في التغيير، موضوع شائك مليء بإشكاليات متنوعة وتتفرع منه أسئلة مصيرية تتعلق بالإنتماء حيناً، والتنوع الحضاري حيناً آخر، وبالخلل الداخلي تارة والمخاطر الخارجية طوراً، وبالتبعية مرة وبالمقاومة مراراً، بالنهوض والتحدي حيناً، وباليأس والاحباط احياناً.
قائمة كبيرة من التناقضات، تخلق في عقلية الشباب ما يمكن اعتباره  صراعاً داخلياً في غمرة عالم تسكنه التناقضات.

تناقضات تمكننا من توجيه قائمة من الأسئلة : ترى أين موقعنا اليوم في الخارطة الدولية ؟ وهل صحيح بأن اليأس تغلغل الى واقعنا ؟ أم ان هناك نقاط مضيئة يمكن الإستناد إليها ؟

فبعد مرور أكثر من 8 سنوات على إندلاع الثورة التونسية، ثورة 17 ديسمبر - 14 جانفي، مازالت حركة المجتمع تعيش على إيقاع الصراع التاريخي بين الحكام والمحكومين، بين السلطة بمؤسساستها وسياساتها من جهة والمجتمع بطبقته المهمشة وقواه المدنية والسياسية الضاغطة من جهة أخرى. ورغم أن منظومة الإحتجاج الإجتماعي لم تفلح في إدخال تغييرات هيكلية على الصعيدين الإقتصادي و الإجتماعي للحكم الذي ضل عموما محافظا على سياساته القديمة فإنها تعيش مخاضات ومسارات تشكل جديدة، تبحث من خلالها على صياغة أساليب متعددة في تنظيم المقاومة الإجتماعية ضد منظومة التهميش. داخل هذا السياق برز الفاعل الشبابي كفئة مؤثرة في توجيه الحركة الإجتماعية، من خلال الحضور بطاقة تجديدية إنعكست في أسلوب الخطاب و التعبئة، فقد كان بروز فئة الشباب ملفتا للإنتباه داخل الحملات الإحتجاجية المنظمة، بدءا بإعتصام "القصبة 1 و 2" ، مرورا ب"إعتصام الرحيل" أمام مجلس نواب الشعب وصولا إلى حملات "حتى أنا حرقت مركز" و "مانيش مسامح" و "فاش نستناو" و "حاسبهم"، ورغم تنوع الدوافع السياسية و الإجتماعية لهذه الحملات وإختلاف أهدافها، فإنها كانت تعبّر عن حركة إجتماعية ناهضة. فقد كانت هذه الحملات فور تشكلها تُرهق كل من حولها بالأسئلة؛ تُرهق المنظومة الحاكمة بالسؤال عن أدوات المواجهة الجديدة لظاهرات "تنظم" وحشد غير معهودة، وترهق حتى الأحزاب المنظمة بالسؤال عن كيفية الربط والإستفادة.
وهنا يجدر الإشارة إلى أن الشباب يمثل شريحة اجتماعية هامة ومتميزة في مختلف المجتمعات لما يتمتعون به من قوة وحيوية، ويشكلون مصدراً هاماً للازدهار والتطور والرقي والتنمية وديمومتها في المجتمع، وحينما يغيب دور الشباب عن ساحة المجتمع، تتسارع إليه بوادر الركود والتراجع والانهيار وتتوقف عجلة التقدم.
إن المتأمل للواقع الحالي والذي يمكن تعريفه أو الإشارة إليه بمفهوم واقع ما بعد الثورة يلحظ أن الشباب الذين ساهموا في صناعة أعظم حدث في القرن الواحد والعشرين حتى الآن، قد عبر عن ذاته ووجوده وقدرته على صناعة التحولات وبالتالي أثبت أن بإمكانه أن يحقق المزيد إذا ما أتيحت له الفرص قبل ان يضطر لإتاحتها بنفسه، وقد كان ذلك بمثابة إعادة إعتبار للشباب، وإعتراف بدورهم وقدراتهم في إحداث التغيير المحوري وصناعة التحولات في المجتمع.
ولكن هذا وحده لا يكفي لإثبات الجدارة والإستحقاق، فالمآلات التي وصلت إليها الثورة، كشفت أن هؤلاء الشباب الطامح والمليء بعنفوان وحماسة كبيرين، قد كان يفتقر إلى الكثير من القدرات والخبرات، التي تمكنه من المضي قدما في إستكمال مسار الثورة من أجل تحقيق أهدافها، والوقوف بالمرصاد لكل المحاولات الرامية للانحراف بها.

وأي تكن أسباب تلك الإنحرافات فإن ما يهمنا هنا هو الإقرار بأن الشباب المدفوع بالحماس والحلم كان يفتقد للرؤية التي تكسبه ثبات الموقف وعزيمة المواجهة، ولذلك تعثر في اللحظة التي كان يتطلب منه التوحد والصمود أكثر وعدم السماح لعودة الثورة المضادة التي أتت على أحلامه وتطلعاته بعد سنوات من الظن بأنها سنوات إنعتاق وتحرر وتألق.

فالحل الوحيد و الأوحد هو في التنظم داخل التنظيمات الثورية، التقدمية التواقة للتحرر والمدافعة على كل القضايا العادلة من أجل توحيد الجهود ورصّ الصفوف، بمختلف الصيغ والأشكال المتاحة للعمل المشترك لإيجاد السبل الكفيلة بتعديل موازين القوى لإنقاذ تونس وإعادة الأمل للشعب التونسي الذي ثار ضدّ الإستبداد والفساد والإستغلال طمعا في الحرية والديمقراطية والمساواة والكرامة والعدالة الإجتماعية.

وتجد الإشارة والتأكيد على أن واقعنا اليوم وطبيعة المشاكل والتحديات القائمة يفترض لمواجهتها أولا إزالة الحواجز القائمة بين فئات المجتمع على أساس السن والنوع وذلك للنظر في التحديات والمخاطر المحدقة بالجميع دون استثناء ثم تكاتف الجهود من أجل تحقيق التغير المنشود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م