الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حمدوك التكنوقراطي ووصفة الفشل

علاء الدين أبومدين

2020 / 2 / 10
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


لا أفهم إصرار البعض على تكرار أخطاء تجربتي الانتقال الديمقراطي في تصدر التكنوقراط غير المُحزبين للمسؤولية العامة سوى عبر التأثر المباشر بدعاية وحملات الإسلامويين خلال 30 عاما عجافاً على الأحزاب المعارضة، وأيضا ضغائن بعض غير المُحزبين وتجاربهم الشخصية السابقة (والمؤلمة) مع بعض الأحزاب السياسية... وذلك كسببين رئيسيين مُفسرين لما يجري الآن في المشهد السياسي السوداني الحالي حتى إشعار آخر...

السببين أعلاه، يجدان جذرا دافعا ووقودا في السمة الرئيسية للشخصية القومية السودانية ممثلة في الاعتداد الشديد بالنفس، حسب ما أشرت له كثيرا... خاصة وأن تلك السمة تشتغل (سلبا وايجابا) حسب معطيات ظروف معينة... وهو أمر يمكن إعادة توجيهه آنياً وأيضاً تطويره لاحقاً بما يخدم قضيتي الديمقراطية والتنمية المستدامتين... مثلاً إذا كفَّ د. عمر القراي، مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي، عن الانشغال بمعارك جانبية وركز مع بروفيسور محمد الأمين التوم، وزير التربية والتعليم الاتحادي، في جهوده (الفعلية) من أجل إصلاح شامل في قطاع التعليم، خاصةً وأن عبء إصلاح المناهج حيوي للغاية... ويأتي في القلب من إصلاح قطاع التعليم ما قبل الجامعي والجامعي، وكمهمة ذات أولوية تتطلب تفاعل إيجابي مع كافة أصحاب المصلحة من كافة القطاعات وأيضاً تنسيقاً وتناسقاً وتواصلاً مع كافة المخدمين وبرنامج قحت لبناء دولة الرعاية الاجتماعية... لو فعل ذلك لأوقف تفعيل سمة الاعتداد الشديد بالنفس (سلباً) ولخدم برنامج قحت نحو (دولة الرعاية الاجتماعية) بأكثر بكثير مما يفعل الآن، دع عنك أنه لا حاجة له بخوض المعارك الإعلامية، بينما يؤدي دوره في وظيفة قيادية وحيوية بوزارة التعليم الاتحادية تتطلب الكثير من التواصل الإيجابي مع المجتمعات السودانية خوضاً لمعركته التي جرى توظيفه على أساسها...

هكذا يمكن أن أقول أن تصدر مسؤولية الحكومة في إطار الفترة الانتقالية، كان يجب أن يسند لمن ظلوا بالداخل وعارضوا الإسلامويين وصارعوهم وخبروا مواطن الخلل ومنهج الإسلامويين بالتجربة والمعرفة الحية المباشرة، ولمن امتازوا بالإضافة لكل ذلك بمميزات ايجابية أخرى...

مقالة الأستاذ المستنير محمد عتيق المنشورة تحت عنوان "المشهد الباهت وجذوره" تسلط ضوء على هذا الوضع المُخيب للآمال، وهو وضع أشار له كثير من الثوار في وسائل الإعلام الاجتماعي وفي مقالات أخرى منشورة، بما يجعله يرقى إلى حالة تململ عام من أداء حكومة حمدوك في ملفات حيوية على رأسها تحسين مستوى المعيشة والخدمات وإزالة تمكين الإسلامويين...

في الواقع فإن إسناد مهام الفترة الانتقالية للكفاءات المستقلة (المدعاة) وتحت دعاوى محض الشهادات الخارجية ونقل الخبرات الأجنبية، ودون تجربة معايشة حية، عبر انخراط حقيقي ومُعتبر في النشاط السياسي المعارض ولو من على البعد، هو شبيه تماما بتعلم الحلاقة على رؤوس اليتامى... ذلك أن تلك (الكفاءات المستقلة) سوف تُحاول حينها تطبيق معالجات أجنبية بناءً على آخر ما وصلت إليه تلك التجارب الأجنبية، وليس بناءً على التطور التاريخي الذي جرى بتلك البلدان والظروف المحلية والإقليمية والدولية التي تخللت تلك التجارب الأجنبية مقارنةً بالتجربة والوضع السودانيين والظروف الراهنة...

عملياً فإن بعض وصفات (نقل) التجارب الأجنبية في الاقتصاد، والتي يعمل وزير المالية د. إبراهيم البدوي على تطبيقها في السودان سواءً مباشرة أو عبر الالتفاف على برنامج قحت؛ كارثية تماما، بل إنها غير ملائمة بالمرة لظروف التطور الاقتصادي والاجتماعي في السودان. ناهيك عن كونها تُشكِّل رافعة جدية لقوى الثورة المضادة وأمانيهم في إرجاع عقارب الساعة للوراء. أكثر من ذلك وعلى أساس توجهات رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الأخيرة في التقارب مع الإسلامويين عبر لقاء غازي عتباني، وإسناد د. إبراهيم البدوي مهاماً تتعلق بتحسين معاش الناس لشركة (زادنا العالمية)، رغم ما يدور حولها من شبهات... نستوثق من حقيقة خطة وسياسات وزير المالية - الذي اختاره حمدوك من بين قائمة ضمت آخرين - التي أفصح عنها في فيديو الترويج لترشيحه. إذ يعمل وزير المالية حالياً بكل جدٍ على تطبيق وصفته، تلك الوصفة التي كنت قد حذرت منها ومن قبول ترشيحه على أساسها في بوست على صفحتي بـ الفيسبوك بتاريخ 18 أغسطس 2019 فقد قلت في معرض تلخيصي لرؤية د. إبراهيم البدوي للاقتصاد السوداني في الفيديو الذي نشره ترويجاً لترشيحه لمنصب وزير المالية، الآتي: "باختصار حدد دعم القوات النظامية وتأهيلها لحكم السودان (الشريك)، السيطرة على صرة السودان (الهدف)، تطبيق روشتة صندوق النقد الدولي في رفع الدعم عن البترول مع حديث يضمر إضعاف الطبقة الوسطى التي قامت بالثورة (إضعاف الخصم)... " إنتهى... وحتى إشعار آخر يبدو أن حكومة حمدوك ووزير ماليته المُفضَّل، مسنوداً بجهات لا تهتم بالمصالح الوطنية العُليا للشعب السوداني، تتجه عملياً للتحالف مع طبقة الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية... وبلا شك أن وزر ونتائج أي فشل حتى الآن، إنما يتحملها كل من دعا لحكومة "كفاءات مستقلة" وأصرَّ عليهم (حتى الآن) في تعصبٍ أعمى لتجريب علقم المُجَّرب...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات