الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية مع الدفلى

نصيرة أحمد

2020 / 2 / 10
الادب والفن


يدي فارغةٌ وأناملي تنبض ُ بقوّة الفقد ، وآرتجاف القلب يكاد يُسقطني أرضا ولم أكدْ أعبر الشارع المظلم ،..كم تيّسرَ للخوف أن يكونَ مبغضاً لدمعتي التي يكفّها الغروب أن تتماثل َ للظهور ، والشرعيةُ تدّنسها بقانون المدركات الصعبة . كأنك ظهرتَ بسرعة ، وآختفيت َ وظهرتَ ..ووجهي يدورُ حول الشارع ويعاندُ الدمع المنهزم أن يشهقَ فيجرف أشجار الدفلى التي تمرّدت على الشتاء المتوحّش بين الشارع والشارع .....وقفتُ بينها لأتّقي زحمة المرور، ولتستطيل الرئات المعطّلة مجرىً اسطوريا ً نحو السماء القريبة الباردة ، حيث الهواء النقي الساكن الذي يتنفّسُ نجوما ً تجمّدت ليلة الأنكسار الطويلة .
بين الشارعين جاورت سكون الدفلى التي سلبها زمن الخوف المتكاثر زهورا حمرا أو رمادية ، فباتت أشجارا بلا هوية تستجدي تعرفة الفصول أو الجنس أو الارض ...توقفتْ أقدامي عن الحركة وأنا أسمعك َ خلفي ..أو جنبي أو بعيدا او تتخفّى بين أوراق الدفلى الهجينة فلاتكاد الأرض الرطبة بالعشب الشتائي المصفر ..، تحمل هذا الجسد المعطّل بصوت ٍ ينحب بآسمي .. أسمع ُ ..أسمعُ ..وألتفت بسرعة ودمع ٌ يتبعثر كالبرق ..
أسمع...أسمع ُ ..عينيك َ تلوذان بالسياج الطويل المبرقع بالطابوق الأصفر القديم ..،وأنا بين الشارعين الساكنين والدفلى تحرسُ قلبي أن يتهاوى تحت الأقدام الهمجية التي عفّرتْ مجرى تاريخ الأبادة الجديدة على أرض الرافدين ....
كأنني رأيتكَ أو يشهقُ ظلّي بصوتك َ الذي لعنته سماسرة السماء المضلّلة ...
أنا سمعتكَ تهمسُ ، ..والجمر بين أصابعي يكاد يسلبُ لحظة اللقاء المجنون ..تلمسُ خدّي البارد وانطفاء القمر الذي احتكم َ الى مهارة الدفلى في اقتناص لحظة العودة عن مرسومٍ ملكيّ يقضي بايقاف العمل بقانون الحب العظيم .
منْ يُحيلني على مبادىء أقلّ شراسة من تلقّي الموت بقلبٍ يأكلُ نبضه ساعة إثر ساعة....؟ منْ يُحيلني على ساحل عقيم يكتم ُ ساعة الغروب ويبتلّ فيه الأسى بجرح قاتلٍ لايندمل .....؟ من يلمسُ الجفن المبلل بأنملةٍ يبعثرها دفؤها حول العينين العسليتين فيقفز ُ زهر الدفلى عند الأرصفة العطشى في هذا الشتاء المترفّع عن العدالة بفتوى النائب الأول الذي شطره ُ الشوقُ أنصافا ً متعدّدة ....
اني أرتجفُ في مكاني ....جسدي يرتعشُ بجُبنٍ وأنت قبالتي ...، ولاشىء يفصلنا سوى براءة الدفلى النافرة بين الرصيف والرصيف ....لايرانا أحد ..ولاتعرفنا الحرية ....ولايعرفنا الشيخ ُ المتجهّم في المسجد القريب الذي خلّفته ُ حمى الحرب الساخنة على أرضٍ مغتصبة في المدينة التي تعرفني وتقتات على أحلام الطفولة البائسة ....وكلانا يبحث عن الغموض والسكون والصمت ...
من يسمع ُ خربشة الأنامل فوق الخدّ البارد بين الخصل التي اشتعلت نهارا ً وسط هدنة الليل ..في هذه المدينة التي نهاها الملك الضلّيل عن حروب الردّة ...، واسترداد قبرٍ عربيّ في صحراء النقب او في مدن الضياع الأول ...فلاينفعكَ عويل الحارث بن عباد وإن استمسكَ بمربط ( النعامة) دهرا لاينقضي ، فالحرب الاربعينية لم تأكل أولادها طوعا أو كرها قط...وأنت لن تكفّ عن اغتيال العدل وإسقاطه ..، وإشاعة الغدر والعبث والتشفّي .....
كتمت ُ قلبي تحت الأقدام التي تثاقلتْ عن إحراق الحلم الخفيّ الذي يحفرُ دمي كلما حان موعد طمر الجثث الخائفة بين الشارع والشارع ..بين جامع زبيدة او الطب العدلي .....
كلما أعبث ُحزنا ً معكَ ، تسقط أوراقي واحدة تلو الاخرى وأنا احلفُ ...أصرخ ُ ..كي تتأنى ..
ياهذا ....فأنا أحيا ...اني أحيا ...قلبي ينبض ..يعبرُ حاجز النِسب التي أقرّها تمثال لينين أو مخافر الحدود التي تئن تحت وطأة الجواز المنهك ِ اذ ابتكرَ لعبة النرد الذي تهزّه الشجرة البلهاء وهي تلعنُ عورات الغدر المشؤوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف


.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين




.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص


.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة




.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس