الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المليشيات العراقية تفتح باب النمر الأمريكي على نفسها

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2020 / 2 / 10
السياسة والعلاقات الدولية


إيران تفكر بالنيابة عن كل مليشياتها العربية، وقيادات المليشيات تطبق رؤية الولي الفقيه بعمى وغباء كاملين.
هذا ما يحدث في العراق ولبنان، وعلى من ينكر إثبات العكس.
مليشيات إيران في البلدين تدمر البلدين، كل بما يناسب وضع بلده، بطريقة تدفعنا، مذهولين، للتساؤل: كيف يتأتى لإيران كل هذه السيطرة على هؤلاء، وهل يكفي الولاء المذهبي فعلاً لأن يكون البعض عميلاً إلى حد تدمير بلده إرضاءً لدولة أخرى؟
هذا ما يحدث للأسف على أرض الواقع، ونحن نراقب مذهولين وغير مصدقين.
وإذا كانت ظروف الصدفة قد أتت بحسن نصرالله، في المثال اللبناني، ففي المثال العراقي، كلنا نعرف أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من أتت بالمليشيات، على ظهر دبابات إحتلالها وهي من سلمتها السلطة، فكيف حدث أن تمردت هذه المليشيات على ولي نعمتها الأمريكي وتنكرت لفضله لصالح وليها المذهبي، حتى لو كانت إيران من رعت شذاذ الآفاق هؤلاء ودربتهم وسلحتهم فيما مضى؟
عقب مقتل قاسم سليماني، خرج علينا حسن نصرالله متباكياً ومتوعداً بالإنتقام لمقتله، وعقب قصف إيران لقاعدتيّ، عين الأسد وحرير، خرج علينا فرحاً ومهولاً لنتائج ذلك القصف العشوائي، الذي لم يذهب ضحية له غير ركاب الطائرة الاوكرانية المساكين، بينما تولت المليشيات العراقية هجوماً إستعراضياً على السفارة الأمريكية في بغداد، وما أعقبها من إطلاق صورايخ الكاتوشيا عليها وعلى بعض معسكرات التواجد الأمريكي، فهل يعمل الولاء المذهبي كل هذا فعلاً؟
السؤال الذي يشغلنا هنا هو: لم لا يكون لهؤلاء الأشخاص درجة الولاء ذاتها تجاه أوطانهم التي يحملون جنسيات إنتمائهم الوجودي إليها؟
ثمة دليل قاطع بين أيدينا، ينفي أن يكون ولاء مليشيات العراق ولبنان، مذهبياً بالدرجة الأولى، وهو أن أغلب ثوار إنتفاضة تشرين العراقية على حكومة المليشيات هم من شيعة العراق،
إذاً ما سر ولاء هذه المليشيات لإيران وبهذه الطريقة المقرفة؟ هل هو الخوف من التصفية الجسدية؟ أمريكا ذاتها، وبعد إقتحام هذه المليشيات لسفارتها في بغداد، تتقدمها أغلب زعاماتها، (وقد تم تركيز الكامرات التلفزيونية على وجوه هذه الزعامات عن قصد لإبراز مشاركتها في ذلك الهجوم)، صارت تطارد تلك الزعامات، وبإعلان صريح من وزير خارجيتها، وباتوا هدفاً لصواريخ طائراتها المسيرة.. إذا ولاء زعامات هذه المليشيات ليس سببه خوف التصفية لوحده، فربما ثمة وسائل تهديد أخرى، في حال تمردهم عليها أو عدم طاعتهم لها طاعة عمياء.
أذرع إيران المليشياوية تسحق العراق وتدمر نظام دولته، لبنة لبنة، تلبية لأوامر حكومة الولي الفقيه، وبطاعة عمياء لا تصدق، والثمن أنها تسمح لهم بإعتلاء مراكز السلطة والتمتع بجزء من ثروات الخزينة العراقية، أي أن هذه المليشيات لا تكلف إيران شيئاً ولا تقبض منها دولارات النعيم ورفاه العيش، ومع ذلك نراها تتفانى في خدمتها وتطبيق مشروع هيمنتها على العراق بدقة متناهية، وبعداء سافر للعراق، قبل العداء للولايات المتحدة، كما إتضح بعد مقتل قاسم سليماني، على وجه الدقة، فهل يعقل أن هذه المليشيات تخاف البطش الإيراني ولا تخاف البطش الأمريكي، الذي طال رجل إيران الثاني، قاسم سليماني ذاته، وهو الأكثر تحصيناً والأكثر حرصاً على حياته من الغوغاء الذي يحيطونه؟
القضية، وكما تبدو في محصلة التحليل النهائي، أن هذه المليشيات، بنظام وأطر إشتغالها، وإضافة إلى كونها إيرانية المنشأ والعمل، مقبولة السلوك والعمل إيرانياً وغير مقبولة، بصيغة عملها من قبل المحتل الأمريكي، أو لا تثق الولايات المتحدة بولائها، بعد أن إختبرتها طول فترة إحتلالها المباشر للعراق، والذي إنتهى شكلياً بسحب القوات الأمريكية عام ٢٠١١.. وهذا يعني أن هذه المليشيات قد إنقلبت على أمريكا بعد يأسها من قبول أمريكا لها، ببساطة لأنها وجدتها غير قادرة على الخلاص من ولائها لراعيها الايديولوجي/المذهبي الايراني، وهذا يعني أنها لن تكون مخلصة للمشروع الأمريكي، وأمريكا لا تقبل العملاء المزدوجين، وهي صاحبة التجربة الطويلة في هذا المضمار، ومنذ حرب فيتنام بالذات.
الغريب هو حجم السذاجة الذي تنطوي عليه قيادات هذه المليشيات، والتي أثبتت لنا، وخاصة بعد مقتل قائدها سليماني، أنها مجرد عصابات مأجورة للقتل الأعمى ورؤوسها خاوية من أي وعي سياسي يساعدها على التمويه أو تغطية هوياتها الإجرامية؛ وهذا ما أثبتته بكائيات وتهديدات زعامات هذه المليشيات، عقب مقتل سليماني، والتي كشفت عن حقيقة تابعيتها التامة لإيران، بإطلاق تهديدات الإنتقام من أمريكا، وإيضاً بإعتراف حسن نصرالله بأن إيران هي التي تمول مليشياه، تدريباً وتسليحاً وأجوراً ونفقات... ومن دون أن يذيع علينا طبعاً ما هو أهم، وهو مقابل ماذا أنشأت لك هذه المليشيا وتغدق عليك وعليها كل هذه الأسلحة والأموال؟
زعامات المليشيات الإيرانية، وبتصرفاتها الإنفعالية وغير المحسوبة، وخاصة بعد مقتل سليماني، فتحت الباب للذئب الأمريكي ليفترسها، وها هو يطاردها بحقد وصبر نملة صامته، كما فعل مع وثنها الأكبر قاسم سليماني، وبالتأكيد سيجد هذا الذئب من بينهم أو من بين من يحيطون بهم، من يدله على الجحور التي تداروا فيها، كما فعل بعض خدم وخواص سليماني، ممن وشوا بتحركاته للمخابرات الأمريكية ودلوا طائرتها المسيرة لتقتنصه على أرض مطار بغداد.. فما بالكم يا صبية خامنئي وكيف تحسبون الأمور؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب نقص الغاز، مصر تمدد فترات قطع التيار الكهربائي


.. الدكتور غسان أبو ستة: -منعي من الدخول إلى شنغن هو لمنع شهادت




.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا


.. توثيق جانب من الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال في غزة




.. نازح يقيم منطقة ترفيهية للتخفيف من آثار الحرب على أطفال غزة