الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث لرجل عاد من المستقبل وسيرجع إليه

جعفر المظفر

2020 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


غدا سوف تتحدث كتب التاريخ في باب العراق, أن سحابة شديدة الظلمة قد مرت على هذا البلد بعد أن إحتل جيش بوش الأمريكي أرضه وأقام عليه حكم الطائفيين واللصوص. وإن هذه السحابة لم تكن محملة بالمطر وإنما بأسراب من الجراد التي غطت أفكارها الظلامية قرص شمسه, ومنعت عنه الرؤيا, وساوت نهاره بليله, وسهلت للحرامية سرقة أهله, وأتاحت لتجار الدين أن يلبسوا الباطل بلباس الحق.
وفي أخر الصفحات سوف تتحدث تلك الكتب التاريخية عن جيل ولد من رحم المعاناة وظل يسكن في الشوارع رافضا إستمرار فلم الخديعة وهو يهتف (نريد وطن). وقد كلفه هتافه الحق هذا مئات من الشهداء وعشرات الألوف من الجرحى, وقد ظلت قائمة شهدائه وجرحاه مفتوحة على مصراعيها حتى تحقق النصر العظيم.
ثم أن من عجائبه أنه تغلب على بنادق القناصين بسارية تتدلى من رأسها قطعة من القماش ملونة بألوان ثلاثة وقد كتبت في وسطها الأبيض عبارة (الله أكبر)
وقد أخبرني مسافر كان قد عاد توا من المستقبل أن ذلك الجيل الذي كان السبب في طرد جيوش الجراد والقضاء عليها صار يدعى ب (جيل ثورة تشرين), لا بل أن كثيرا من شوارع العراق ونواديه وتجمعاته الثقافية صارت تطلق على نفسها تلك التسمية.
وبعد أن أخبرته إنني عايشت ذلك الجيل رأيته يهرع نحوي ويمسح على وجهي وثيابي بيديه ثم يمسح بهما وجهه وكأنه يتبرك بهما, ثم أنه أصر على أن أضع توقيعي على فروة رأسه حتى إذا ما عاد راحلا إلى المستقبل مرة أخرى فسيصير بإمكانه أن يؤكد لأول من يراه على أن الله قد بارك به وجعله يلتقي ويتحدث مع واحد من أهل تشرين, ومن المبشرين بتشرين, ومن الداعمين لتشرين, من أولئك الذين يشرئبون فخرا وزهوا حينما يسمعون هتاف (هاية بناتك يا وطن هاية).

ولما سألته عما إذا كان قرأ في تلك الكتب عن شوارع أو مدن تحمل تسميات غريبة كالصدر والحكيم وآية الله خميني وخامنئي ضحك الرجل وكاد يقع من طوله, ثم غادرني مسرعا بعد أن رفض الرد على تساؤلي ظنا منه بأنني كنت أسخر منه أو أتهكم عليه.

ثم أنه أرسل من عيشه هناك رسالة يقول فيها أن المشكلة الكبيرة لم تعد هي الجوع كما كان عندنا, ولم تعد هي الإحباط والمرارة التي عاصرها جيلنا, ولم تعد هي اليأس الذي كنا قد عايشناه, كما ولم تعد هي الإمتهان الذي شعرنا به, ولم تعد في إضطرار الناس للأستيقاظ صباحا على صوت الصدر وهو يتحدث بأشياء غريبة, ولا بصورة هادي العامري وسيم الأمة ومثلها الأعلى في الوطنية, ولا بالفياض مستشار القتل اليومي, ولا بتصريحات وخطب الحكيم وحركات يده المرفهة وخديه المتوردتين خجلا من الله, وإنما هي عندهم صارت تشابه الأسماء وكثرة من يتسمى بنفس الإسم ويتلقب بنفس اللقب.
فإن صِحت "عراق" وقفت لك الحشود, وإن صحت "تشرين" صاح الكثيرون نعم, وإن صحت "أُحُد" أجابك الكثيرون بَلا, وإن صحت "خيمة" إقتربت منك الألوف من النساء.

ولقد أخبرني من عيشِه هناك أنه فهم الآن معنى أن تكون الأغنية التي تبدأ وتنتهي بكلمات (هاية بناتك يا وطن هاية) هي التي غالبا ما تفوز بالجائزة الأولى مناصفة مع تلك التي تبدأ بجملة (نموت عشرة نموت مية .. نبقى قافلين عَلْ القضية).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم