الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السورية ... ووهم السلطة.

مهند عبد الرحمن

2006 / 6 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تعيش المعارضة السورية حالة من التخبط وعدم الاتزان ،ولا يوجد اتفاق وتناغم فيما بينها فكل حزب ينتقد الاخر معتبراً نفسه الركيزة الاساسية في المعارضة،ما أدى بدوره لانشقاقها الى اعلان دمشق وجبهة الخلاص الوطني ،هذا ما افشل مشروع انتزاع الحرية من خلال وجود جبهة فاعلة لاتقبل بفتات من الحرية او الديمقراطية ،والبعض منها ينتظر قانون الاحزاب الموعود كي تأخذ هوية المعارض من السلطة وبالتالي تدخل المعترك السياسي بأمان،ولكن هل هناك سلطة أو نظام في العالم يريد أن تكون له معارضة ؟!.........
فعلى الرغم من ضخامتها عدداً وعتادا الا انها تعيش ازمة حقيقيةً بسبب عدم امتلاكها الادوات والشرعية الشعبية ،وهي لا تمتلك الشجاعة المطلوبة ،وهذا يتجلى بعدة نقاط رئيسية اهمها :
1- وجود معارضة صامتة غير منتظمة وغير مؤطرة،تعتبر نفسها ستغير الواقع بصمتها ،وهذه معارضة جبانة مترددة تريد الحصول على مكاسب شخصية بأقل الخسائرو مستعدة للمتاجرة بدماء الشجعان والابطال ظانين أنهم أتخذوا من الصمت موقفاً لهم ..........
2- موقف المعارضة الداخلية من حملة الاعتقالات التي قام بها نظام الحكم فقد اكتفت بالتنديد والاستنكارولم تخرج بمظاهرة ولو سلمية منددةً بالاعتقالات فأين هي من حركة كفاية المصرية الشجاعة التي نزلت الشارع وقالت:لا للتمديد لمبارك....... لا للتوريث ، أفلا تنزل المعارضة السورية الشارع لتقول : لا لحملة الاعتقالات....... لا للتصفية الجسدية ، أحترموا حقوق الانسان وحرية الرأي...،لا لاعتقال المحامين والمثقفين ،فالشارع السوري بحاجة الى قادة رأي شجعان وينتظرها بفارغ الصبر، واذا كان ولا بد فلتدخل المعارضة السجون والمعتقلات وهي شامخة ورافعة الرأس .
3- بقاء المعارضة مختبأة في أوكارها ،وعدم أستطاعتها الا الضغط على المنظمات الدولية واستصدار قرار من الاتحاد الاوربي يندد بحملة الاعتقالات وعدم احترام حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير ، على الرغم من انه اجراء وقائي جيد الا ان السؤال المطروح ماذا فعلت المعارضة خلال حوالي اربعة عقود مضت ؟!...
لم تستطيع المعارضة خلال تلك الفترة التغلغل بصفوف النظام والدخول بالنقابات ومؤسسات الدولة،ولم تنزل الى الريف السوري وتقدم الخدمات الاجتماعية والصحية مثلما فعل الاخوان في مصر ،وبذلك بقيت المعارضة السورية منظّرة من الدرجة الممتازة والى الان تتهم بعضها البعض بالكذب وعدم توخي الصدق في عملها ، وأحد المآخذ الرئيسية عليها هو عدم قدرتها على توظيف المال السياسي للدخول في المجالس المحلية والبرلمان أو في تسلم مراكز قيادية مهمة في الدولة، فعلى الرغم من انتشار الفساد بشكل فاضح الا أنها لم تستطع كسر العظام المنخورة في النظام ، أفلا يدل على ان المعارضة هزيلة ومترهلة وهشة؟.......
الآن الطريق مفتوح للاستثمارات الضخمة في سورية، وتستطيع المعارضة القيام بمشاريع اقتصادية ولو عن طريق شركات أجنبية، وبالتالي توظف رأسمال ضخم في مشاريع أجتماعية واقتصادية هادفة ً الارتقاء بالمواطن السوري،وبالتالي تنشط الحراك الاجتماعي الذي يقود الى تنشيط الحراك السياسي بشكل تدريجي ،وعليها احراج النظام المريض من خلال توفير فرص عمل واعطاء رواتب لا يحلم بها المواطن اذا بقي في ظل النظام الديكتاتوري ولو بعد مئة سنة ،فلماذا لا تقدم خدمات مجانية لتكسب ودً وثقة الشارع السوري , وعليها ان تدعم ذلك بفتح مراكز دراسات وحتى مراكز ثقافية او ندوات تعتمد الحوار الثقافي العقلاني الهادف الى دراسة الواقع الراهن من دون التصادم مع النظام أو ملاسنته ،وعليها أستقطاب الجماهير الشعبية وخصوصاً فئة الشباب التي تؤرقها المشكلة الاقتصادية في البلاد،فالاتحاد السوفيتي انهاربسبب انحصار تفكير الشباب ببنطال الجينز الامريكي وسيارة الفورد و الشفروليه.............
فلماذا لا تستفيدالمعارضة من اخطاء الغير ؟!........
فعلى ما يبدو مايبدو ان أزمة المعارضة ناشئة عن عدم وجود استراتيجية محددة وخطة عمل طموحة وجادة ، فهي بطريقة ما تسير بنفس خط النظام الحالي الذي يعتمد منهجية اللامنهجية اي حتى على عدم التكتيك وعدم القدرة على استقراء الواقع والمستقبل ،لعدم اشراك الكفاءة والقدرة المطلوبة والمحتاجة لكي تساعدها في المشاريع الاستراتيجية .
فجذور المعارضة ضعيفة وحكم على مولود الديمقراطية المنتظر الموت قبل الولادة أو ان تكون ضعيفة هزيلة غير قادرة على مجابهة الأمراض ،وماينقص المعارضة فعلاً هو عدم وجود أرضية صحيحة تعتمد على الجمعيات الخيرية والاهلية وعلى قواعد وأسس المجتمع الاهلي المتمثلة بارساء دولة القانون لا دولة الاجهزة الامنية ،دولة المؤسسات التي تأخذ على عاتقها مبدأ تكافؤ الفرص .
فعلى المعارضة اختراق الثقافة الشعبية والقيام بدور تثقيفي واسع حول حقوق الانسان والمواطنة ونشر الثقافة المدنية والدفاع عنها ،والتضامن والتشابك مع المواطنين من خلال جمعياتها الاهلية ، وعليها ايضاً الابتعاد عن الفردية والشخصنة التي تقوم بها بعض القيادات المعارضة، وعليها التغلغل بين افراد الشعب و القضاء على القيم الاستهلاكية السلبية التي رسخها وكرسها النظام ،واعادة تأهيل وتفعيل العقول المعطلة والمخربة نتيجة غسيل المخ المقصود من قبل النظام ،وطالما ان هذا العصر اعلامي بامتياز فيجب ان تأخذ ببث الدعايات المضادة لدعاية النظام التي تشوه المعارضة ومواقفها المقبولة بشكل عام والمشرفة في أغلبها وخصوصاً موقفها من الأزمة التي مرّ بها الوطن وكيفية تعاملها معها .
ومن خلال دراسات عديدة نرى ان على المعارضة عدم العزف على الوتر الطائفي لأنه مرفوض من كل الاطياف الشعبية ، فليس المهم من أي طائفة المسؤول بل المهم ما هي خبرته وكفاءته ،وماذا سيقدم خدمات للوطن والمواطن ، فالعلّة ليست بطائفة النظام بل بطائفية النظام وعقليته، فهل ستبقى المعارضة تائهة تسير بخطى عاثرة أم سيكون لها خطة عمل واضحة وبالتالي ستنطلق بالوطن نحو الافضل .... أم ستظل تعيش أزمتها وتظل تتغنى بشفايفيتها ( الملاسنة والتنظير ) لا الشفافيةمع الشعب الصادق الصابر على الضيم والمذلة وينتظرالخلاص لا جبهة الخلاص.

* كاتب وصحفي سوري مقيم في دمشق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د