الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل قصيدة لعبد الرحمن بكري(1)

محمد هالي

2020 / 2 / 14
الادب والفن


تحليل قصيدة" رياح حارقة "
للشاعر " عبد الرحمن بكري "

القصيدة تختلف عن باقي الفنون الأخرى، تحمل صورا تحتاج الى تبصر الرؤى الدفينة المتلاشية في فضاءات الخيال الواسعة، من هنا يقتضي التأمل المتأني المحتمل لإدراك الصواب فيما يريد الشاعر البوح به، هو ينشط الذهن في رسم معالم الحياة التي مرت، يرغب في قراءتها ، و نحت معالم الخطوط و الرسومات التي يتوخى تبليغها، و عن طريق التبليغ الغامض ينجلي الوضوح المتلاشي بين الصور كما يتوخاها الشاعر، فما على القارئ للقصيدة سوى السباحة في هذا المتن الشعري ، و ما سيلجأ اليه المحلل هو التأويل ، به قد يصيب ، أو لا يصيب الهدف لكنه قد يسقط في بعض براتن الحقيقة، أو على الأقل نقل ما هو غامض شعرا الى ما هو قريب للوضوح نثرا من هنا سأبدأ في رصد دلا لات القصيدة من خلال تفكيك الغاز صورها العميقة المعاني، و الدلالات، يبدأ النص الشعري بسؤال استنكاري لا يتوخى منه الشاعر جوابا ، و لا ردودا معينة، سؤال عميق عمق الصور الذهنية المتبصرة ، يقدف بها هنا و يطلب من علو الذهن ان يكشف عن المختفي و هذا هو الفن ، الذي يذهب بك بعيداّ:
" كم زمنا زائفا تسلل بين يديك
يقتات من نعل حاف ..
صدمته صخرة سيزيف ..؟
تدمي أصابع رجليه،
كلما تجرأ على ركوب التلال ..
لو كان الأمر مدونا ،
في مفكرة الأهل،
لوضعتْ له برواز الشهيد ،
تتعاقب فيه صورة الاحتفاء،
على وتيرة أناشيد الفجر ..
تنتحر عقاربي ..
تمضي هباء بلا اشتهاء
يستنفدني
رصيد العمر"
إن قراءة هذا الجزء من القصيدة، يستنفر كل قواي الذهنية لأ ستبشر خيرا من عمق السمو العلو الفلسفي الذي يرقص فيه بكري فهو يتحدث عن تداخل امكنة معينة في تحرك الفرد المتوقف في عبثية البرت كامو من خلال مقاومة ثابتة توقفها صخرة سيزيف ، المقاوم بسيط لا زال حافيا يطارد السراب في تلال مقفرة، هو كذلك يحمل مشعل الحياة هو هناك متعب من بطش التعرية المخيفة" تدمي اصابع رجليه" يبقي هذا رهين باعتراف الاهل الذين تجرأوا علئ النسيان، ان هذا المقاوم في ظروف سيئة و متعبة يستنزف قواه هو ما اعترف به الشاعر البكري:
" لو كان الأمر مدونا ،
في مفكرة الأهل،
لوضعتْ له برواز الشهيد"
بلغة التمني هذه هي لغة اعتراف: بالمتعب ، و الشقي ، و القلق المصدوم بصخرة سيزيف، هو الذي يستحق الاحتفاء بصفة المقاوم، المكافح ، و المتحرر من قيود الجمود، هذه اللغة تستشعر البكري على الحلم ، او على الخوف من اندثار الاحتفاء ، التاريخ لا يرحم يقهر ، يشمر انيابه للنسيان ، ما دام الأهل أغرتهم قافلة النسيان نتيجة اللهو المتفشي في دواليب الفرجة الجديدة، لكن الشاعر يريد من الاهل ان يتحلوا الشجاعة لسرد ما تبقئ من التاريخ من التلال التي استوعبت اقداما حافية سطرت ملاحم الدفاع عن الاهل المتبقيين المشمرين في امكنة الحياة، لأن سيزيف لازال يقاوم في ذهنية الشاعر لا زال يناضل و يحتاج المقاوم لعرس الشهادة المنسية و الموت في ظروف صعبة تكتنف وجود الانسان و وجود الارض، و وجود الاتربة كبقاء الصخرة ثابتة متوقفة كعبثية المقاوم المؤمن بحرية الوطن و بتضحيته المتفانية كما كان يرغب فيها المقاوم في التلال:
"تدمي أصابع رجليه،
كلما تجرأ على ركوب التلال .. "
بهذا تكون صدمة الشاعر تخترق العنوان نفسه "رياح حارقة" لأن هذه الصخرة المضنية المتفشية في الأهل هي التي صدمت جيل من النسيان و الاهمال ربما إلى درجة:
"تمضي هباء بلا اشتهاء
يستنفدني
رصيد العمر"
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف


.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??




.. عيني اه يا عيني علي اه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو




.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد