الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضة - حكاية تراث من السّلط

دينا سليم حنحن

2020 / 2 / 16
الادب والفن


فضّة - قصة حقيقية

لنتوقف قليلا عند فضة والدة جميلة،
امرأة ساذجة وخجولة، رفيعة القد، جميلة المحيا، ذات بشرة بيضاء وناعمة، أطلق عليها اسم فضة لهذا السبب، قيل عنها (نقية متل ألفية الفضة)، ترملت وهي في ريعان شبابها، بقيت على ذمة عائلة تادرس المعروفة بثرائها وأملاكها وسمعتها الطيبة، وعوملت معاملة الأميرات. في حينه، انصب الاهتمام في تقييم العائلات حسب مقامات ومنازل.
فرضت عليها عائلتها الزواج مجددا بعد وفاة زوجها جريس والد جميلة.
قال والد فضة أمام مجلس العائلة: ( ابنتكم وقت ما كان زوجها عايش، الآن هي ابنتنا ونحن أدرى بمستقبلها، بعدها صبية، ليش تظل دون زواج، الزواج نعمة مقدسة). خضع الجميع للحكم الأبوي والعشائري.
أصبحت فضة في عهدة عائلة النبر، خضعت لسلطة حماتها التي قامت بمعايرتها والتقليل من شأنها.
قائلة: (منيح إلي فكرنا فيكي، قلنا نأخذكِ لابننا وأنت مش بكر، بدك تسمعي الكلام وتنفذي كل الأوامر، عهد الدلال ولّى ومر)!
حصل وحملت فضة عدة مرات وأجهضت، اغتاظت حماتها فعايرتها قائلة:
- أنت أرملة بيت تادرس، أنت هنا مش علشان نخدمك ونعملك سلطانة!
- أنا لست أرملة، أنا امرأة متزوجة، أنا كنتكِ! أجابتها فضة.
- صار إلك صوت كمان؟ إنتِ أرملة وراح تبقين أرملة إذا ما حملتِ بولد!
- أنا تكللت في الكنيسة وأصبحت زوجة لابنك!
- تبقين في نظري أرملة طالما لم تحملي بطفل يحمل ذريتنا!
هربت فضة إلى الصلاة والدعاء، حلمت بالخلاص من رجل محكوم لعائلته، وتمنت العودة إلى حظوة عائلة تادرس!
قالت لها حماتها بلهجة أهل السلط:
- خذي هاظي المسبحة، نامي والصليب في رقبتش، يمكن تكوني قليلة الإيمان لهيك ربنا عم يعاقبش، فاهماني مليح ولا لسة؟
- حاضر فهمت! أجابت فضة بخنوع.
- أنتظرك شهرين، ما في غيرهم، إن حملتِ نوشمك في ذقنك، إن لا فيوجد حلّ آخر! قالت.
بعد شهرين مررت حماتها المكوى على فرجها وكوته، ساد اعتقاد، أن للشياطين علاقة في موضوعة الإنجاب ولن تخرج سوى بالكي، حبلت فضة بعد حادث الكي، ساعدتها الصدفة بإنجاب ابنها الوحيد جورج النبر، وشم ذقنها وشم الفرح والعزة.
أصبح لجميلة أخا وحيدا، لم تعرفه ولم يلتقيا إلا بعد سنوات طويلة، زارها في بيتها، فلسطين سنة 1998 بجواز سفر أمريكي، مكث في بيتها الصغير الكائن في الرملة عدة أسابيع، آخر بيت انتقلت إليه. تركت الزيارة الوحيدة أصداء كبيرة في نفسها لا تقدّر بثمن، تعززت روحها اليتيمة وسما وجدانها بشعور الأخوة.
هاجر شقيقها جورج النبر من الأردن إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد تقاعده من الجيش، شغل منصب هام في القوات المسلحة الأردنية، استقر مع أبنائه في نيويورك، شمل والدته بعد وفاة والده، انتقلت فضة إلى أمريكا، عاشت معززة ومكرمة بين أحفادها العشرة، توفيت بين يدي ابنها عن عمر فاق المئة عام في نيويورك، توفي جورج أيضا في نيويورك سنة 2009. كانت لا تزال جميلة حية ترزق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟