الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور القوى الموازية في حماية نظام الحكم

سلام قاسم
كاتب وإعلامي

(Salam Kasem)

2020 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


القوى الموازية هي قوات يخلقها النظام الحاكم لغرض حماية نظام حكمه، نتيجة للاضطرابات التي تحصل من قبل قوى خارجية أو نتيجة للتحركات الداخلية للأحزاب والقوى المعادية للنظام.
على اثر تحركات القوى الوطنية ابان الحكم الملكي ونتيجة لكثرة الاضطرابات والانقلابات والمظاهرات، نجح نوري السعيد وبإشراف الانكليز من تقوية قوى الأمن (الشرطة) وجعلها قوة (موازية) ضاربة وداعمة له في مواجهة الشعب، وتقليل وتقليص نفوذ الجيش حتى جعل الجيش العراقي ثلاثة فرق فقط فرقتين قتالية وفرقة تحت التدريب، وتسريح الضباط والمراتب.
بعد ثورة 14 تموز 1958 لم يتمكن عبد الكريم قاسم من تأسيس قوة موازية لحماية نظامه، بل كانت (لجان شعبية) سرعان ما أمر بحلها، معتمداً على الجيش الذي سرعان ما انقلب عليه بقيادة حزب البعث في 8 شباط 1963 وتم اعدام الزعيم قاسم. حيث استلم الحكم خلفاً له عبد السلام عارف. على الرغم من أن أحمد حسن البكر قاد الانقلاب إلا أنه سلم الرئاسة إلى عبد السلام عارف. ويبدو أن حزب البعث أدرك بأنه لن يقدر ان يحكم العراق بمفرده نظراً لقلة عدد أعضائه في ذلك الحين الذين لم يتجاوزا الثلاثة آلاف. لم يمارس عبد السلام عارف ولا أعضاء الحكومة في الأشهر الأولى للانقلاب أية سلطة فعلية بسبب قوة الجناح العسكري إذ أن السيطرة على الشارع كانت (للحرس القومي) بقيادة (منذر الونداوي) وهو تابع لأمين سر القيادة القطرية لحزب البعث (علي صالح السعدي)، ويتلقى أوامر منه مباشرة، وكان هذا بدوره نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للداخلية. قام البعثيون بالتنكيل بالشيوعيين بلا رحمة، اعدموا قياداتهم وسحقوا قواعدهم سحقا وبشكل لا سابق له في تاريخ العراق الحديث.
بعد أن سيطر حزب البعث على النقاط المفصلية عبر منظمته (الحرس القومي)، أمر قادة الوحدات العسكرية، والشرطة، والحرس القومي، بقتل كل شخص يُعكر صفو الهدوء والسلام، ودعي أبناء الشعب للتعاون مع السلطات بالإخبار عن مكامن الشيوعيين، فاعتُقل عدد كبير من قادتهم ومؤيديهم، وتم إعدام الكثير منهم مثل (سلام عادل) السكرتير الأول للحزب. استمرت هذه الأعمال طيلة بقاء حزب البعث ممسكاً بزمام السلطة حتى قيام عبد السلام عارف بانقلاب على البعثيين في 18 تشرين الثاني 1963.
أسس عبد السلام عارف بعد انقلابه على البعثيين قوات (الحرس الجمهوري) وهي قوة عسكرية موازية للجيش. أغلب منتسبيها هم من قبيلة (الجميلات) التي ينتمي اليها (عبد السلام عارف) لحماية نظامه. توفي عبد السلام عارف في 13 نيسان 1966 إثر سقوط طائرته الخاصة بمنطقة القرنة في حادث غامض.
استلم عبد الرحمن عارف رئاسة الجمهورية على اثر وفاة اخيه عبد السلام عارف، وكان عبد الرحمن، بسيطاً ويفتقر الى الطاقة، والدهاء، والسلطة القوية لاتخاذ القرار، وكان ضعيفاً، متردداً في اتخاذ القرارات، ينقصه الحزم والحنكة والحذر واليقظة التي يجب ان يتصف بها رئيس الجمهورية. لذلك انقلب عليه البعثيين في 17 تموز 1968. استمر نظام حزب البعث حتى عام 2003، نجح هذا النظام بقيادة أحمد حسن البكر ومن بعد وفاته صدام حسين، من تأسيس قوات (الحرس الجمهوري) و قوات (الجيش الشعبي)، التي تمكنت من حماية النظام خصوصاً في عام 1991 عندما اندلعت انتفاضة الجنوب، مارست تلك القوات أشد انواع العنف قساوة مع أبناء الوسط والجنوب والتي راح ضحيتها آلاف الشهداء. كما كان (للحرس الجمهوري و الجيش الشعبي) الدور الفعال في الحرب العراقية الايرانية. سقط نظام صدام حسين القمعي بعد تدخل الامريكان في عام 2003.
تحول نظام الحكم بعد 2003 الى نظام برلماني تعددي لكن سرعان ما تعرض هذا النظام الى هزات متتالية، بسبب فساد الأحزاب التي حكمت البلاد من ناحية، وبسبب الحرب الطائفية عام 2006 التي راح ضحيتها العديد من الأبرياء، ومن ثم تواجد تنظيم القاعدة، ومن بعده تنظيم داعش الذي احتل مناطق عديدة من العراق بدعم داخلي وخارجي.
تم تأسيس قوات الحشد الشعبي لحماية البلاد على اثر فتوة مرجعية السيد (السيستاني)، تمكنت قوات الحشد الشعبي ومعها قوات الجيش والشرطة الاتحادية وقوات مكافحة الارهاب من صد هجمات داعش ودحرها. لكن خرجت فصائل مسلحة تعمل بإسم الحشد الشعبي لكنها لم تنتمي اليه، نسبت اليها اعمال قتل وخطف بحق ناشطين مدنيين بصورة خاصة وبحق ابناء الشعب بصورة عامة. ومازالت تلك القوات المنفلتة تمارس اعمال العنف بحق الحراك الجماهيري المستمر منذ 1 اكتوبر 2019 وحتى هذا اليوم، وقد عجزت الدولة والأحزاب الحاكمة من تلبية طلبات المحتجين، رغم مرور أربعة اشهر وتقدم أكثر من 700 شهيد.
النتيجة أن عجز الأنظمة الحاكمة في أغلب الاحيان عن حماية أنظمة حكمها تلجأ الى تشكيل قوات موازية لحماية النظام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون