الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثوراتنا العربيه لن تعرف التوقف الا قليلا

عدلي محمد احمد

2020 / 2 / 17
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


رغم ان التحركات الثوريه للثورات والانتفاضات العربيه قد ساهمت في رفع وعي الجماهير فيما يخص قضاياهامه, الا ان هذه الجماهير التي اندفعت للثوره غير معتمده الا علي قواها وامكانياتها العفويه الخاصه, علي صعيد الوعي وبالتالي علي صعيد الحركه , ستظل حتي تمتلك قيادتها الثوريه متعرضه لخداع اعدائها الطبقيين المدججين بالخبره والتنظيم والاسلحه , في ظل افتقادها لبديلها الثوري.
الا انه مع كل انخداع يتحسن وعي الناس بعد مرورها بهذه التجربه , فالجماهير لا تتعلم الا من خلال تجربتها الخاصه , ويظل المؤكد ان الاعداء الطبقيين لا يملكون اي قدره علي صرف الثورات بصوره نهائيه ولفتره طويله , ولا يستطيعوا بسهوله هزيمتها, فما كان وضع الصراع الطبقي يسمح به في سابق الثورات ما عاد قائما.
فالثورات التاريخيه القديمه كانت ثورات البرجوازيه ضد الاقطاع من الناحيه الموضوعيه ,رغم الحضور الشعبي والعمالي الطاغي علي الصعيد الذاتي ,والذي كانت البرجوازيه تستغله في معركتها الطبقيه حتي تطيح بسلطة الاقطاع , وبعد ذلك تدير البنادق في وجه جماهيره, فتتمكن من قهر الطبقات الشعبيه لعقود لاحقه.
فان ما كانت تمتلكه هذه البرجوازيات من طاقات كامنه تعوق تفعيلها سيطرة الاقطاع, باعتبارها ممثله لنمط انتاجي جديد هو نمط الانتاج الراسمالي الاكثر تقدميه بلا شك من زاوية قدرته علي تطوير قوي الانتاج, كان يمنح هذه الطبقه الجديده التي هزمت اعدائها سواء الاقطاع او الطبقه العامله قدره علي الانجاز من زاوية التوظيف او تحسين الاجورعن حالة القنانه القديمه ,او استيعاب الغضب الفلاحي من خلال قوانين واجراءات الاصلاح الزراعي, وهي انجازات كانت تتيح لها هذا التخلص من شبح الثوره ,خصوصا مع انتقالها للحاله الاستعماريه الكولونياليه التي كانت تتيح لها نهب تراكم البلدان المستعمره, فتتمكن من رشي عمالها.
ولقد حافظت البرجوازيات الامبرياليه في البلدان المتقدمه بصوره كبيره علي هذه الحاله المستقره نسبيا من علاقات القوي داخل مجتمعاتها, حتي مع سيادة علاقات التبعيه الجديده التي اعقبت الكولونياليه في اعقاب الحرب العالميه الثانيه.
اما في البلدان المستعمره وعرفت طريقها للاستقلال السياسي بعد هذه الحرب فان صيرورة علاقة الطبقات الراسماليه التي سيطرت علي السلطه وظلت تابعه كان لها مسارا آخر, حكمه من الناحيه الاساسيه قيمة تراكمها في ظل السيطره الاستعماريه, ومدي علاقتها بطبقة ملاك الاراض القديمه التي اطيح بسلطتها , ومدي قوة الحركه الشعبيه التي نمت في مواجهة السلطه الاقطاعيه , والتي غالبا ما كان السعي الحثيث من جانب الراسماليات المحليه وادواتها الحزبيه والعسكريه لانتزاع السلطه من الاقطاع الا في مواجهة هذه الحركات الشعبيه قبل ان يكون في مواجهة كبار ملاك الارض , فقطع الطريق علي تطورها خصوصا بعد بروز دور الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العظمي كان له اولويه قصوي.
ومهما يكن من شئ , فان هذه الراسماليات المتفاوته في تبعيتها لم تتمكن في كل الاحوال الا من ازاحة شيح الثوره الشعبيه الا لعقود قليله يطلق عليها الباحثين زمن الصعود البرجوازي, والذي ما ينفك يتدهور تحت وطأة الخصائص الاساسيه لهذا النمط الجديد , باعتباره نمطا استغلاليا ايضا ومؤقتا , لتشهد الطبقات الشعبيه تدهورا في حياتها يدفع بها للثوره ضد هذه الطبقات التي كانت قديما قادره علي تقديم حد ادني يمكن من استمرار الحياه .
ثوراتنا العربيه من هذا النوع الاخير , شأنا شأن نضالات شعوب امريكا اللاتينيه والاسيويه والاوروبيه في العقود الاخيره من هيمنة سياسات العولمه.
حالة الافلاس التي تعاني منها الطبقات الراسماليه في زمن هبوطها وازمتها الشامله , يحرمها من القدره التي كانت متاحه لها في زمن صعودها , والتي كانت تسمح لها بالنجاح في محاصرة اشباح الثوره معتمدة علي انجازاتها الاجتماعيه.
ومن هنا فان الثورات العربيه الراهنه لا يحيط بها هذا المناخ الثوري العالمي فقط , بل وتواجهها طبقات افلست لا تستطيع صرفها الا مؤقتا في اسوأ الاحوال, ومؤقتا جدا.
واضافة الي هذه المسأله فان هناك مسألتين لا تقلا اهميه فيما يتعلق بفهم علمي سليم لطبيعة الظروف الاجتماعيه التاريخيه التي تحيط بالثورات العربيه وغيرها من ثورات.
المسأله الاولي وهي المتعلقه بمدي الحاجه اصلا الي الثوره للانتقال من نمط الي انتاجي الي نمط آخر, فقد اشار موريس دوب الي ان ثمة طريقين للانتقال من الاقطاع الي الراسماليه, اولهما وهو الاكثر سياده تاريخيا هو نمط الانتقال البروسي , وهو الذي تجري في سياقه تحولات راسمالية الطابع علي طبقة كبار الملاك , ومع نموها وسيادتها يتحول معها المجتمع الاقطاعي الي المجتمع الراسمالي دون ثوره , حيث تكون هذه التغيرات قد حققت بالفعل عبر تراكمها الثوره الاجتماعيه في اطار نمط الانتاج الاستغلالي القديم.
اما نمط الانتقال الثاني فهو ما اطلق عليه نمط الانتقال الفرنسي , وهو الذي يشهد الثورات.
ودون استرسال , فان ما اود الاشاره اليه هو ان الانتقال من نمط استغلالي كالاقطاع الي نمط استغلال آخر كالراسماليه , يدعمه ويدفع به للتحقق من الناحيه الاساسيه ما راكمه النمط الراسمالي الجديد في ظل سيادة علاقات الانتاج الاقطاعيه وفي ظل سلطة الاقطاع السياسيه.
وهوالامرالذي يمكن ان نستنتج منه كما استتج دوب بسهوله ان الثورات في مواجهة الاقطاع كانت محدوده , وليست حتميه.
اما في حالة الثورات في مواجهة الراسماليه والتي لا يمكن لها ان تجد مبتغاها الاجتماعي الا في ابتكاراشتراكيتها, فاننا نجد العكس تماما فالاشتركيه لن تتحقق دون ثوره عماليه وشعبيه تاريخيه,لان نمط الانتاج الاشتراكي ومهما كانت صيغته لا يمكن له ان يتحقق الا من خلال ارتفاع وعي العمال والطبقات الشعبيه الي ذري غير مسبوقه.
ومن هنا فان الثورات الاشتراكية الطابع ستفرض نفسها كحاله عامه تشمل البلدان التابعه باسرها خلال السنوات ولا اقول العقود القادمه, فلا مبالغه بالمره في اننا نعيش الآن زمن ثورات شعبيه طويلة الامد, ولا مبالغه ايضا في استنتاج ان ثوراتنا العربيه وفي مقدمتها الثوره المصريه لن تتوقف موجاتها مهما طالت الفواصل بين هذه الموجات , فالانظمه الحاكمه لم نعد الا بؤر للمزيد من التخريب الاجتماعي والافتئات علي حقوق الاغلبيات الشعبيه.
ولان نمط الانتاج الاشتراكي يشترط مستويات متقدمه من وعي العمال والطبقات الشعبيه , فان كل ثوره منها غالبا ستتحقق من خلال عدة انتفاضات شعبيه وثورات سياسيه , حتي تتمكن الثورات المتقدمه منها في انتزاع السلطه تماما والشروع في بناء الاشتراكيه.
فمهما ناورت هذه الطبقات التابعه الرجعيه وقمعت فان الثورات بشكل او بأخر وبحكم مستويات تجريف اجتماعي هائله ستتمكن من التخلص من كل نواحي ضعف وعيها بدورها وبقدراتها وبالافلاس التام لاعدائها ,وبالتالي ستتمكن من حيازة قيادتها الثوريه التي لن تكون الا علي صورتها.
واذا كان من نصيحة هنا , فلتعض الثورات علي ما انتزعته من حريات بالنواجز
والعزاء ان الطبقات الرجعيه المافياويه الرثه الحاكمه كلما نجحت في خداع الجماهير واجلت موعد نهايتها , فانها تحولها الي نهايه دراميه فاقعه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص