الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفن بلا وصاية

صموئيل ميشيل نسيم
(Samuel Michel Nessiem)

2020 / 2 / 17
الصحافة والاعلام


القانون لا يمنع الجرم ، المنع لا يمنع القبح . مؤسسات مجتمع تُدار بالشعارات العنترية الغير منهجية وبالتالي حلولها غير مجدية . بعد العصر الناصري – برائحة بقايا الملكية - وبدايات السبعينيات من القرن العشرين وعملية إحلال للشخصية والذوق المصري تبدأ تحت رعاية المؤسسات الحكومية إلى أن بلغ ذروة التغيير في حقبة مبارك وتداعت تماماً أعقاب الخامس والعشرين من يناير.
يأتي اليوم الذي يحاول من يصفوا أنفسهم بالمثثقفين وحاملي رسائل الفن في فرض وصاية على الذوق العام للشعب بمنع نوعية من الفن ، الفن الذي هو مرآة للشعوب ، يقول الفيلسوف الصيني كونفوشيوس " إذا أردت أن تعرف مدى تقدم أمة وحضارتها ومدى وعيها ، فاستمع إلى موسيقاها " ومن الواضح أن وعي أمتنا لا يختلف كثيراً عن موسيقى المهرجنات القبيحة.
الطبيب الماهر لا يعالج العرض لكن يقضي على مسبب المرض ، المشكلة ليست في نوعية الفن الرديئة المُقدمة لكن في تشكيل الوعي والذوق الراقي. هناك ثلاث مؤسسات حكومية يجب أن تحاسب بالأولى على استحسان وعينا للقبح ، الأولى وزارة التعليم التي لم تكتفي بتقديم محتوى ومنهج لا يحث العقل على التفكير بل أطاحت بالجانب الإبداعي في شخصية أبنائنا بإهمالها للمسرح المدرسي الذي فيه يتعلم الحدث كيف يتذوق صنوفاً من الفن ، يتشكل في وجدانه منهج سليم في فرز الجيد من الردئ.
الثانية هي وزارة الثقافة والتي لا أعرف أي دور لها سوى مجموعة من البزات الرسمية في حفلات الأوبرا لفئة محدودة جعل مستواهم المادي يظنون أنفسهم بأنهم الطبقة الرسمية للفن الراقي وحاملين لواء الثقافة ، وزارة بقصور ضخفمة في كل الربوع وقصور أعظم في عدم تقديمهم أي محتوى ذات قيمة فنية للعموم.
الثالثة وزارة الإعلام التي كانت في الماضي مسيطرة على بث الشاشة الصغيرة بتقديم محتوى مفيد ، ممتع ، تعليمي وهادف إلى حالة من عشوائية المعروض والبحث عن حرب الكلمات والمشاهد الرخيصة لربح مادي فقط .
ختام الأمر أن القبح لا يواجه بالمنع فهو أشبه بقانون منع المخدرات في مجتمع مدمن على الرغم من محاولات الأمن في فرض السيطرة على تجاره إلا أن منعه مستحيل ولو سُن ألف قانون فهي مسألة تضمن شق اجتماعي وشق نفسي وآخر ديني فمابالنا بمنع موسيقى وأفكار وكلمات تسبح عبر الأثير . الهواء الجيد يذيح الفاسد خارجاً ، الوعي واستيعاب وتذوق الفنون السليم يطرح الأبتذال والاسفاف بكل قوة. قبل أن تنتفخ أوداجكم عليهم حاكموا أنفسكم لأنكم أخففقتم في أدواركم ، لأنكم حجبتم الجمال فطفا القبح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا