الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ليلةٍ آتية ..

نصيرة أحمد

2020 / 2 / 18
الادب والفن


لابأس في فراشٍ أبيضَ ووسادةٍ بيضاء لايُهمها الرأس الذي يطفىء وحدتها في الصباح الباكر البارد..والغرفة البيضاء التي أنهكتها نوارس دجلة وهي تجوس الساحل الصامت .
كان الشتاء ثقيلا على القلب الخائف في الغرفة الباردة ..أرقب الاقدام الخفية من تحت الباب ، تروح ُ وتغدو ولاشىء يوقفها سوى هدنة الليل ،... أرقامٌ مرعبةٌ لتهاوي القلوب الرخيصة ...من يداريها ويأويها ويمنحها الحياة ثانية ...؟ ..لكن ..لمَ تحيا تارة أخرى..ومازال الوطنُ بلقعا تخنقه موجات الجراد المسعور كل ربيع..؟ لاتبقي ولاتذر....فلمَ الحزن أن نرحلَ عن أرضنا التي أنكرتْ التعريف بأسمائنا في مؤتمرات المجرّات المجهولة ..؟...
ألا تبّا وسحقا لقلوبنا الرخيصة ..وأقدامنا الرخيصة ..ودمائنا الرخيصة..واحلامنا الغالية.....
كلّ شىء نخبؤه بين الوسادة والوسادة ....تحت الكلمات السماوية التي أضناها التوفيق بين القلب والقلب وباتت تتأمل إجحاف الحقوق المادية لعبيد النار ...ومازال القلبُ خائفا في الغرفة الباردة ..بانتظار الموت أن يسلبهُ ذلك النبض الدافىء ..والصوت العذب ..والعينين المتعبتين ...لاأملك سواهما أن تديمان احتضاري ..وازدهاري .....من يعشقهما سواي ؟ من يخافهما ...؟ من يرتجفُ مثلي ...ويرتبكُ عندما تتأملني ..؟...كلّ النساء تفعلُ ذلك.....أنتِ فقط......كلا..براءة متناهية تحصدها كل ليلة ....
وجهك َالعاشقُ الذي يسبّح ُ بالكلمات المنفعلة ،...
وجهكَ الصامت الذي يعبثُ بالدم المراق على ساحل الشاطىء الخائف ...
وجهكَ الخائن الذي اغتال لهفتي واندهاشي ....
مرّة كنت تهذي بحضرة الحب المتساقط من أعلى النهار ..كنتَ تبكي وأنا أرتجفُ ..ماذا أفعل لهذه الروح النقيّة ..؟ وأشجار السرو تحوطنا من كل ناحية ..كدت َتسقط وأنا أتسمّر في مكاني حيث الصخور المتنازعة المخيفة ....من يُسقطني هذا الشتاء في هذا المشفى المعفّر بالموت والبلاهة ..
سيكون الاعتراف الكبير شفاءً لكل الأقدام الرائحة والغادية في وطن أحالته شظايا التاريخ على رفّ الهمجية والأندثار ...، وانبوبة الحياة تمزّق شيئا من أوردتي ..على ايقاعٍ مملّ يكتسحُ الصمت والخيلاء....
في النبض الأخير ...ستتكالبُ ممرضات الصباح على قطع الجسد الدافىء ينتزعن بقايا التمثّل الأخير للروح المغادرة قبل الفجر...والآذان يصرخ بشدة ....
من يفتحُ الشباك بتؤدة ...من يذرع السقف جيئة وذهابا ..من يُسقط الستائر البيضاء المعدّة للثأر ..
من يلتفت خلفي ..؟ من يهمسُ بعدي ..؟ من يطرق شباك الغرفة الباردة ...من يحتضن الوسادة البيضاْء..ويلملم خصلا تجهر بعطرها ....
كم كرهتُ هذا السرير وهذا الباب الموصد والأقدام المجنونة والستائر الغاضبة ودجلة الذي لايبالي بعينيكَ..عندما تتبعاني وتشيعاني ...
كم كرهتُ هذا السقف الصامت وبلادة الوحدة...ودمعة تأنف من السقوط ..والألم يمسك بشهقة القلب المشرع للحرية ....الألمُ يغتالني ...الألمُ يعبثُ معي ويدّون الأحلام المحروقة في الساحل المقابل ..
كم كرهت أن أبقى ..وأخذلكَ أو تخذلني ..عند ارتشاف القهوة الساخنة في المقهى المقابل لشجرة الكالبتوس الضخمة اذ دُفن الحبّ في الأستدارة الأولى للشارع العاشق ...
لاجدوى أن تغيب او أغيب ..فالموت يزدحمُ عند الباب الكبير ، وكلانا يلتهمُ الأسى عند حافات القبر البارد ...لاجدوى أن أبعثر النوارس المشاكسة وأنا أحلم بالنهار ...لاجدوى من البقاء ..، فاليتم أولى بهذه الأرض المنكسرة التي ابتلعت شجرة التوت خاصتي ....، وانت تغدو وتجىء مع الأقدام البلهاء ....
من يُعينني على التشفّي ....من يُعينني على الصمت الدائم ...من يُعينني على ارتكاب حماقات أُخرَ بين الشاطىء والشاطىء ووجهُ الماء يكسرُ روحي ...
ليتك تبقى بعدي سنينا تلتهمكَ الأرصفة الشاحبة ...
ليتك تخذلك السماء ...وتخذلكَ الأرض ...وتلفظكَ ساحة الحرية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف


.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين




.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص


.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة




.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس