الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المرجع الشیعي و النظام السیاسي القائم في العراق: توأمان
عدنان كريم
2020 / 2 / 19مواضيع وابحاث سياسية
أصبحت الدیمقراطیة في نسختها العراقیة لعبة مقززة في بازار السیاسة لیس في داخل البلاد بل و في عموم المنطقة. فبعد شهور من حرکة إحتجاجیة عارمة مطالبة بصوت هادر برحیل رئیس الوزراء عادل عبدالمهدي ، لم ترد السلطة إلا بعد مطالبة المرجع الشیعي علي السیستاني بإستقالته في ٢٩ نوڤمبر ٢٠١٩ حیث سارع عبدالمهدي إلی إعلان إستقالته بعد ساعات من دعوة السیستاني اي بعد شهرین من مطالبة الملایین من جماهیر العراق المنتفضة ضد سلطته.
ولم تأت دعوة المرجع الشیعي من فراغ ودونما مقدمات مدروسة سلفا فصمام الأمان ( کما درج سیاسيي الشیعة علی تسمیة مرجعهم ) هو صمام أمان في الواقع ولکن تبین مرة أخری ، کما في مرات اخری سابقة ، بانها صمام أمان للسلطة الحاکمة تنجده حینما یهب علیها ریاح الازمات و تعصف بها مخاطر السقوط. هکذا لم تأت دعوة علي السیستاني إلا لذر الرماد في عیون ناشطي الحراك الشعبي و لدق اسفین في صفوفهم بصدد دور المرجعیة و رجال الدین الشیعة کردیف مباشر وسند قوي للسلطة القائمة علی المحاصصة المذهبیة التي تؤلف الإئتلاف الشیعي عموده الفقري.
کما مثلت دعوة المرجع الشیعي الأعلی عملیة توزیع للادوار ، عملیا او ضمن إتفاق مسبق وحسب مقتضی الحال ، بین المعممین و التیار السیاسي ضمن الکتلة الشیعیة فتولي السلطة السیاسیة یتولاها الاحزاب الشیعیة بینما یتولی المراجع مبارکتها و دعمها ودعوة العراقیین للتصویت لها والإدعاء بإنتقادها وتقویم إعوجاجاتها، ذرا للرماد في العیون ، حینما یسقط اوراق التین من جسدها المهتريء.
ولکي تلعب المرجعیة دورها في هذ المرحلة ، أي بعد اندلاع و إستمرار الحرکة الاحتجاجیة الهادرة لابد من تغییر نمط خطابها شکلا و مضمونا. فبعد إستفحال ازمة النظام التوافقي المبني علی قواعد الدین و المذهب و العرق و بعد سقوط کل الاقنعة عن نظام الحکم العراقي الغارق في اوحال الفساد وإنهیار الوضع الإقتصادي وتفشي شتی إفرازات إستفحال تلك الازمة المستعصیة علی الصعید الإجتماعي و خاصة في صفوف الشباب والطبقات الشعبیة، باتت عملیة التسلط السیاسي بإسم الدین و المذهب و بمبارکة المراجع الدینیة ( الشیعیة هنا ) موضع تساؤل بل وإستنکار عارمین لا ینفع معها الخطاب الدیني المتهالك السابق بصدد "مظلومیة الشیعة " و أحقیتهم بممارسة السلطة تعویضا عما لحق بهم من مظالم ایام الفاشیة البعثیة.
لم تفرز ١٦ عاما من ممارسة الاسلام الشیعي سوی الدمار و التفکك الإجتماعي و تمرکز الثراء في احد قطبي المجتمع العراقي و البؤس و الفقر و الشقاء في قطبه الآخر. لقد تراجعت الاسس الحضاریة و قیم المجتمع المدني في ظل و کإستمرار للنهج الطائفي لسلطة المحاصصة البغیضة کما إنهارت وتفککت اسس و بنیان المجتمع العراقي کنتیجة مباشرة لسلطة الاسلام السیاسي بشقیها الشیعي و السني في إئتلافهما اللامقدس مع التیار القومي الکردي. فبلوغ مستوی الفقر ٥٢٪ في محافظة المثنی کما هو موثق في بیانات وزارة التخطیط لیس إلا مؤشر خطیر لعملیة نهب منظم لثروات البلاد من قبل طغمة فاسدة لا یربطها بمصیر و مقدرات الشعب العراقي سوی تولي نهب ثرواتها و ترکها ممزقا، متخلفا و طعما لکل العاهات الإجتماعیة. کما بات التدخل الایراني في کل مفاص الحکم و الحیاة السیاسیة مادة للتندر . ولا تلعب المراجع الدینیة السنیة منها والشیعیة في هکذا أوضاع سوی تجهیل العالمین و تحریف أذهانهم بصدد مسببي شقائهم و مهندسي و مصممي فقرهم ودعوتهم لسلوك مسار تبعیة السلطة القائمة طالما تقیدت بخواء الخطاب الدیني و المذهبي ولم تخرج عن بیت الطاعة و الولاء "للمراجع العظام". فلم تلعب المرجعیة الشیعیة و بشخص علي السیستاني و منذ ٢٠٠٣ سوی لعب دور قابلة ولادة النظام السیاسي المبني وفق قاعدة التشظي الدیني و المذهبي و القومي للمجتمع العراقي الذي أضفی بدوره ستارا سمیکا من الوهم علی أکبر عملیة نهب في تاریخ الانظمة السیاسیة من قبل شلة من السیاسیین الذين تمت تعمیدهم و مبارکتهم في کل الدورات الإنتخابیة من قبل المرجع الشیعي الاعلی. وتفیأ التیار الشیعي السیاسي في کل ذلك بخطاب موبوء مذهبي شکل البنیة الفکریة لبرامج تلك الاحزاب السیاسیة انتجه و مرره بین عقول العراقیین سلطة المراجع لا غیرها.
مثل ذلك دور المرجعیة في المراحل العادیة وفق عملیة توزیع الادوار والذي یلعب فیها السلطات الایرانیة دور المایسترو أي قبل شروع عملیة الصحوة التي هزت جسد المجتمع الشیعي في العراق و خاصة منذ ٢٠١٤ – ٢٠١٥.
هکذا إذن ، فتیاري الاسلام السیاسي الشیعي، المعمم و المتحزب، متوازیین ، متناسقین و لاعبین اساسیین في نفس العملیة السیاسیة أولهما بفتاویها التي تتجاوز قوة القانون الوضعي من حیث قوتها ( کالفتوی الکفائي بصدد شرعنة عمل المیلیشیات المسلحة وإستمرار دورها في القتل و الترویع کما هو جار في خضم الحرکة الشعبیة ) وثانیها بتربعها علی السلطة السیاسیة المزکیة بالمذهب وبمبارکة مراجعها.
ولکن الآیة إنقلبت خاصة منذ ١ اکتوبر ٢٠١٩ حینما أثمرت الصحوة الفکریة و السیاسیة بین صفوف الشباب الشیعي عن مرحلة بدأت تتخمر منذ سنین مضت. کان العنوان الرئیسي لهذ المرحلة المتجذرة في الصحوة المذکورة هو المطالبة بوطن مزدهر ینعم المواطن بخیراته بالتساوي ونبذ مرحلة التسلط السیاسي تحت یافطة المذهب و المراجع وبناء عراق مزدهر مستقل حر وهجرکل ما یمت بصلة بالدین و المذهب و القومیة و العرق في بنیة النظام السیاسي و في میدان العلاقة بین الحکم و المواطن.
هکذا قلبت الحرکة الإحتجاجیة کل الأوراق و تطلب ذلك و خاصة بعد تجذر الحراك الشعبي و تجاوزها للکثیر من الخطوط التي کانت تعتبر في السابق من الخطوط الحمر، ان تعید تیار المرجعیة وتیار المتحزبین رسم الادوار للمرحلة الجدیدة. هکذا بدأت المرجعیة تعید صوغ خطابها لتقف مسافة أبعد من السلطة متدثرة بزي الناصح للجموع الشعبیة وداعیة ایاها لعدم تجاوز الخطوط الشرعیة و نبذ کل " تطرف " و " نزعة رادیکالیة " و التمسك بالطرق التي تطرحها هي لحل " إشکالاتها " مع السلطة والدعوة ، خلطا للاوراق ، " لعدم اللجوء للعنف " دون ان تنبس ببنت شفة بصدد القمع الدموي التي تمارسه المیلیشیات التي امر المرجع الشیعي نفسه بتشکیلها و قوات النظام بینما یعرف القاصي و الداني من هو المعتدي ومن یقف في طرف الدفاع عن النفس.
هکذا و في ظل تجربة الدیمقراطیة وفق النموذج العراقي تتربع المرجعیة بصورة مموهة علی هرم السلطة السیاسیة في ظل التداخل والتشابك بین المؤسستین و کل ذلك یمهد الطریق للمؤسسة الدینیة الشیعیة بلعب دورها لکیلا تخرج الاوضاع عن السیطرة و تفقد الاسلام السیاسي الشیعي هیمنتها علی الحکم.
ولکن الحراك الشعبي الجارف هز ما کان یسمی بثوابت العملیة السیاسیة وتمکن من قلب المعادلات رأسا علی عقب علی سدنة المعممین و المتحزبین من الاسلام السیاسي الشیعي.
إن مستقبل الحرکة الشعبیة العراقیة الجاریة و ظفرها یکمن، ضمن شروط اخری ، في سد کل الطرق علی المؤسسة التي کانت تدعي بأنها الناطقة بإسم جموع الشیعة أي المرجع الشیعي بأن تقتات علی نضالها و مسعاها لإنقاذ العراق من المستنقع التي صنعتها ربیبة المؤسسة ذاتها. ولا یمکن تحقیق تلكم المهمة العظیمة سوی برسم جدار فاصل و خط لا یمکن تجاوزه بین الدولة بکل مؤسساستها و بین المؤسسة الدینیة و في مقدمتها المرجع الشیعي الأعلی بکل کیاناتها و رموزها. ولتکن واضحة للجمیع بأن مؤسسة المرجع الشیعي لن تضحي في خضم الصراع الجاري في البلاد بالسلطة القائمة کأحد اکبر منجزاتها المبارکة في تاریخ العراق الحدیث.
شباط ٢٠
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - ادخال الدين في السياسة كان سبب فشل الدولة
سمير آل طوق البحراني
(
2020 / 2 / 19 - 17:22
)
إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ .لا يخفى على احد بان الشيعة الاثاعشرية يعتقدون ان الحكم هو للائمة الاثا عشر بعد النبي وان امة الاسلام خالفت نبيها وتبنت الشورى للمهاجرين والانصار وبعد الخلفاء الراشدين اصبح الحكم وراثيا والى وقتنا الحاضر ولكن فقهاء المذهب الشيعي هم الناطقون الرسميون باسم الامام وممثليه الا ان التمثيل كان في الولاية الخاصة الى ان اتت ثورة الامام الخميني وقلبت الموازين ورسخت ولاية الفقيه العامة بتكوين دولة باسم الامام الغائب.وبالرغم من عدم الايمان بولاية الفقيه العامة لدى بعض الفقهاء الا ان ميول كل فقهاء المذهب هو الموالاة الى دولة الفقيه بطريق مباشر او غير مباشر كما هو الحال في العراق. ان تكوين نظام المحاصصة من قبل الامريكان بمباركة المرجعية كانت فرصة ذهبية للاحزاب الاسلامية للاستيلاء على الحكم باسم مظلومية اهل البيت.
2 - ادخال الدين في السياسة كان سبب فشل الدولة 1
سمير آل طوق البحراني
(
2020 / 2 / 19 - 17:22
)
وبما ان مبدا التقليد هو التقيد بفتاوى الفقيه وهو ما فتح الباب للمرجعية الشيعية للتدخل الغير مباشر في نظام الحكم لتكريس الطائفية والاذعان لولاية الفقيه الايرانية الممثلة الشرعية للامام الغآئب لان التقليد يوجب الامتثال لراي المقلد في كل شيء. هل يجوز الخروج على فقهاء المذهب؟؟. كلا! لان الخروج عليهم هو الخروج على الله ورسوله وائمة اهل البيت لذى ترى المرجعية لم تفصح عن رايها في شهداء الانتفاضة بل كان جل اهتنامها هو على من يخلف رئيس الوزراء برئيس وزراء آخر من نفس الفصيلة لتكريس نظام المحاصصة. ان نظام المحاصصة غير قابل للتبديل الا بتضحيات جسام او حرب اهلية او تقسيم العراق الى دويلات ولكن الامل كل الامل في شعب استيقض بعد سبات طويل ونفض غبار التقديس عن عينيه وهو مستعد لتقديم الاضاحي في سبيل العزة والكرامة. اخي الكريم لا شك ان المرجعية الشيعية ونظام الحكم السياسي توأمان بالرغم من وجود دستور متفق عليه ولكن بقاء الحال من المحال.
ستبدو لك الايام ما كنت جاهلا ** وتاتيك بالاخبار ما لم تزود
المجد والخلود لشهداء الانتفاضة.
.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من
.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال
.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار
.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل
.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز