الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميليشيات بغداد ضحايا الفقر المتواصل .....

عمر عبد الكاظم حسن

2020 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لو تصفحنا تاريخ العراق المعاصر لوجدنا ان اغلب المنتمين الى الميليشات والاحزاب الدينية والمؤمنين بها في بغداد هم من المنحدرين من محافظة ميسان اولا ومن ثم ياتي المنحدرين من محافظة واسط ثانيا من حيث الاعداد البشرية ومن ثم ياتي تباعا المنحدرين من باقي المحافظات الجنوبية ومحافظات الفرات الاوسط باعداد اقل نسبيا من هذين المحافظتين .
يرجع السبب الاساسي الى النسب العالية للمؤمنين والمنخرطين في هذا التدين الشعبوي للمنحدرين من محافظتي ميسان وواسط الى واحد من اهم الاسباب التاريخية الا وهو الاقطاع الذي اخذ بالاضطراد والتوسع والتجذر بعد الاحتلال البريطاني للعراق الذي فرض كامل سيطرته على التراب العراقي عام 1918 .
فقد شجعت السياسة البريطانية الابقاء على سلطة شيوخ العشائر لضمان مصالحها وتعاون مع رؤيتها للسيطرة على العراق بعض رجال الحكم الملكي وبعض شيوخ القبائل وكان من اهمهم شيوخ لواء العمارة ولواء الكوت .
لهذا كانت اول طلائع الهجرة من هذين المحافظتين الى مدن بغداد والبصرة وكركوك .
لكن النسبة الاكبر للهجرة من الريف الى المدينة كانت الى مدينة بغداد .
وكان السبب الرئيسي و الاول للهجرة من هذين المحافظتين هو تميز سلطة الاقطاع القاسية جدا فضلا عن جشع واستعباد الفلاحين حتى وصل الامر الى نظام الرق للفلاحين وعوائلهم..
من قبل بعض شيوخ العشائر من البو محمد وال زيرج وغيرهم في لواء العمارة و شيوخ ربيعة ومياح وغيرهم في لواء الكوت لهذا تعاون شيوخ هذين المحافظتين بشكل كبير مع الاحتلال البريطاني والحكم الملكي لضمان مصالحهم والسيطرة بالحديد والنار على ابناء قبائلهم واستعبادهم .
وبهذا حصلت اكبر هجرة من الريف الى المدينة في تاريخ العراق من هذين المحافظتين تقريبا من منتصف اربعينات حتى منتصف خمسينات القرن الماضي وبهذا شكلت هذه الكتل البشرية الهائلة الفقيرة التي سكنت اطراف بغداد اكبر عامل اضطراب لاحقا في السياسة العراقية .
فلدوافع نفسية واحساس هائل بالمرارة والفقر والتمييز والاستخفاف والاذلال على طريقة معيشتهم وسلوكهم الريفي من قبل سكنة المدن المتحضرين انخرط هؤلاء المهمشين الفقراء في بادئ الامر بالتيارات اليسارية والماركسية التي كانت هذه الايدلوجية تضمن لهم توازن نفسي .
حيث تدعوا هذه الايدلوجية الشمولية والتي اتت متناغمة مع عواطفهم ومشاعرهم المكبوتة الى التحرر والمساواة بين الاغنياء والفقراء ... الخ من شعارات هذه الايدلوجية والتي في الحقيقة هي استخدمتهم كمواد وارقام في الصراع على السلطة لم يحصلوا منها على اي شي غير احلام وردية تداعب عواطفهم .
لكن بعد صعود حزب البعث للسلطة من خلال انقلابه في 8 شباط وتصفية اليسار والماركسيين العراقيين لاحقا ظلت افكارهم الوردية تداعب احلام الفقراء الى وقت ليس بالقصير وبعدها انكفئ هؤلاء الى مجتمعاتهم منزوين مخذولين مرة اخرى .
ومن ثم بعد مغامرات حزب البعث وعبثه وحروبه المتكررة التي ادت الى انهيار الطبقة الوسطى وانهيار المجتمع المدني العراقي وانهيار الفكر الوسطي التقدمي في المجتمع انتشر الاسلام السياسي وافكاره المتطرفة خاصة في تسعينيات القرن الماضي .
لهذا تلقف هؤلاء وخاصة المنحدرين من هذين المحافظتين ميسان وواسط الفكر الديني المتشدد الذي بثه رجال الدين والاسلام السياسي وبدوافع نفسية مضطربة ايضا وجروح لم تلتئم من الماضي المرير ورواسبه النفسية اصبحوا المادة الخام وارقام ايضا ليس لها اي قيمة وادوات يتم استخدامها للصراع على السلطة .
لهذا على الدولة مستقبلا ان كانت عازمة على تهيئة مجتمع مدني متسامح ان تعد برامج متطورة لانتشال هذه الفئات السكانية المضطربة ذات الجذور الريفية التي لم تتخلص منها حتى الان من واقعهم البائس لدمجهم اكثر في المجتمع العراقي حتى يكونوا اشخاص منتجين وفاعلين وليس ادوات بشرية هدامة يتم استغلالها في الميليشيات والاجرام والتعصب بحجج شتى لانهم في النهاية ضحايا تركة اجتماعية وسياسية ثقيلة جدا .........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24