الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآن على المسرح العراقي .. ثورة و حشيش

رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)

2020 / 2 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد استقالة و زارة السيد عادل عبد المهدي و بين ترشيح هذا و ذاك للمنصب ، ورفض و قبول ، و صمت و تأجيل ، و تبرير و تمرير ، و من ثم بعد تكرار للعبة الترشيح هذه ، انتهت المسرحية الساذجة بتكليف السيد محمد توفيق علاوي بتشكيل وزارة جيدة و الذي يبذل جهده حاليا لنيل ثقة البرلمان به و بأعضاء وزارته .
و في دوامة الحال العراقي المضطرب هذا ، يطرح أكثر من سؤال نفسه حول جدوى اللعبة السياسية الحالية ( المكشوفة و ليس الغامضة ) و عناصر تحريكها و أهدافها ، و السؤال الأهم هو كيف و بأي اسلوب سيتم فرض الوزارة الجديدة على الشارع العراقي الرافض أصلا لكل رموز و مؤسسات و رجالات النظام و طباع نهج الحكم الحالي في العراق ، و هل يجدي نفعا و ينال قبولا أن يمنح برلمان ( فاقد لثقة الشعب ) ثقته بالسيد علاوي و وزارته ، و هل يحترم الشارع العراقي هذه الثقة البرلمانية بالوزارة الجديدة و وعود رئيسها المكلف الذي و حسب تأكيدات العديد من المراقبين و الأوساط الشعبية و الأعلامية كان عضوا في الحكومات السابقة و من رجالات احزابها و ممن عليهم ملاحاظات حول تورطهم بقضايا فساد مالية .. المهم انه وفق تأريخه السياسي لا يمكن و صفه بالشخصية السياسية المستقلة التي جاءت من خارج حلقة الساسة المهيمنين على الحكم و المتهمين بالفساد و التبعية للأجنبي و خضوعهم لمشيئتهم و أوامرهم .
الواضح و المؤكد من الأمر حتى الأن ، ان ترشيح رئيس الوزراءالمكلف محمد توفيق علاوي جاء بعد اجتماع لأقطاب و قادة احزاب شيعية معروفة بولائها لإيران مع مسؤولين إيرانيين في مدينة (قم) الأيرانية ، و إن قبول ترشيحه و تكليفه رسميا لتشكيل الوزارة من قبل رئيس الجمهورية جاء سريعا بعد قصة الرفض و القبول للعديد من المرشحين قبله ، ليأتي الأمر كمسرحية مرتجلة ، ركيكة الحبكة يراد منها اقناع لشعب العراقي بجدية نوايا اتخاذ مسار و نهج جديد في الحكم يختلف عن سابقاته في كل شيء .. حكومة تتبنى كامل مطاليب الشباب العراقي المنتفض ، و إصلاح الحال العراقي بالكامل ( بين ليلة و ضحاها ..!!)
الصورة كما قلنا مكشوفة ، لا تخفي لا في ظاهرها و لا في باطنها الكثير من الأسرار ، خصوصا ما يتعلق بالأطراف التي تسند السيد علاوي ، و ان سيناريو تقديمه للشارع العراقي (كقائد منقذ) و كما يقول العديد من ابناء الثورة العراقية ضد الفساد ، ليس سوى جرعة ( حشيش ايراني ) لتخدير و تهدئة غضب الشارع العراقي و ذلك بعد ان لم تفلح التضحية بوزارة عادل عبد المهدي و لا الأندساس بين صفوف المتظاهرين و المعتصمين و لا القتل و التهديد و الصاق تهم العمالة بالثائرين في ذلك . و لربما كان هناك( ومن عدة أطراف ) من يعلق الأمال على الوزارة الجديدة و تصريحات رئيسها المكلف ، و لنفرض انه فعلا تنصل عن ماضي ارتباطة بالشلة المهيمنة على الحكم و انه جاد و مصر على ما قاله و قدمه من وعود و في نزعته الأصلاحية ، لكن من الصح و ضرورة القول و التنبيه من أن شبكة النفوذ الأيراني المحكم النسيج في باحتها العراقية ، لن تسمح ابدا لأي كان عبور ماتراه انتهاكا لمصالحها ونفوذها ، بل ان الموقف الأيراني بهذا الخصوص بات أكثر تشددا و يمضي نحو تشدد أكثر خصوصا بعد مصرع رجلها القوي ( قاسم سليماني ) و تصاعد الصراع الأمريكي الأيراني الى عنف مسلح ، و عليه فإن ايران لن تتقبل من دون رضاها و مباركتها بأي شكل من الأشكال دخول أي كان من خارج دائرة نفوذها في العراق الى مركز السلطة و القرار في البلد و المتمثل بالحكومة و رئاستها .. أو القبول حتى لو كان بالمتواضع من مطاليب ثورة الشباب العراقي الذين تراهم ايران و ازلامها القابعين في العراق عملاء ( للصهيونية والأستكبار العالمي ) و خونة مارقين تمردوا على نفوذها الروحي السياسي في العالم الأسلامي الشيعي ، و إن العقلية الأنتقامية لقادة نظام الحكم في ايران لا يمكنها أبدا أن تنسى هتافات الشارع العراقي الرافضة للتدخلات الإيرانية في الشأن العراقي و رموزهم و احراقهم لصورهم و القنصليات الأيرانية في أبرز و أهم المدن المقدسة لدى شيعة العالم قاطبة . و بإختصارو لتوضيح الصورة أكثر فالنظام الايراني لن تسمح بتراخي قبضة نفوذها في العراق الذي تراها خندقها الأمامي الذي يحسم صراعها مع العالم الديمقراطي بما فيها امريكا .
و بعد فوز المحافظين المتشددين في الأنتخابات الإيرانية العامة (22-شباط – 2020) - التي شابتها الكثيرمن التلاعب و التزوير و ضغوط السلطة و الحرس الثوري بحسب مراقبين محايدين و شهود عيان ايرانيين و فيديوهات مسربة تؤكد ذلك - فإنها ( أي ايران) ستأخذ وضعا أكثر تشددا بل وحتى الى ممارسة القمع الشديد ضد كل معارض لسياساتها داخل ايران و في عموم مناطق نفوذها تعزيزا و تقوية لهذا النفوذ .
خلاصة القول لا يتوقع من الحكومة العراقية الجديدة فيما اذا باشرت بمهامها أن تخالف و تنحرف عن اساسيات النهج الذي سارت عليه الحكومات السابقة إن لم تكن بتطرف أكثر ،وهذا يعني استمرار تحكم العقلية الشوفينية المذهبية بمنهاج الحكم في العراق و التي تسببت بإضطهادها للسنة في العراق بظهور داعش و غيرها من التنظيمات الارهابية ، كما و تسببت برؤيتها العنصرية الضيقة الأفق للمطاليب الكوردستانية القانونية و الدستورية المشروعة و ضغوطها الأقتصادية و المالية بحجب رواتب الموظفين و إستحقاقات المزارعين المالية في اقليم كوردستان العراق و غلق كافة ابواب التفاهم الايجابي و الجاد مع حكومة اقليم كوردستان العراق على المشكلات العالقة بين بغداد و اربيل ؛ كانت من محرضات شعب إقليم كوردستان العراق للأستفتاء على حق تقرير مصيره ردا على الغبن العنصري الظالم الواقع عليه و الذي انتهى بنسبة تصويت أكثر من 93% لصالح استقلال الأقليم .
و ختاما ، السؤال الذي هو محور محور كل التساؤلات العراقية في الوقت الراهن هو هل يبّر رئيس الوزراء المكلف بوعوده و يمضي بوزارته قدما نحو اصلاح الحال العراقي و تصحيح أخطاء من سبقوه ؟
أم أنّ ( و القول للشارع العراقي ) ترشيحه و اختياره ليس سوى جرعة حشيش إيراني ، فهل يفلح الحشيش هذا في تهدئة الغضب العراقي ؟!
ربما ، و لكن إلى حين ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل