الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمردنا و تمردهم

مازن كم الماز

2020 / 2 / 23
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


الاهتمام بما يقوله الآخرون و انتقادهم هو علامة على التقدم في العمر أو على العجز أو كليهما

لا توجد ثورة بحرينية بالنسبة لحازم صاغية و لا ثورة سورية بالنسبة لأسعد أبو خليل .. أكثر الأمور إثارة للسخرية أن ما يقوله الرجلان يأخذه الآخرون على محمل الجد و لا يثير لديهم الرغبة بالضحك

كنت أقدس الناس العاديين , البروليتاريا , الجماهير , الشعب , الأمة الخ حتى سمعت دوستويفسكي يقول أن أكبر إهانة يمكن أن تلحقها بإنسان في عصرنا و من جنسنا هي أن تنعته بأنه محروم من الأصالة و الإرادة , من أية ميزات خاصة و أن تقول عنه أنه رجل عادي

نبش القبور ليس أسوأ من قتل البشر .. لا يمكن قتل عظامهم كما أنها لا تتألم إذا تم تعذبيها كما يتألمون و هم على قيد الحياة .. التركيز على الموتى و القبور أكثر من الأحياء و الحياة قد يخفي وراءه ثقافة أو هوسا أبوكاليبوسيا

فاجئنا أن هناك شبان بيض أوروبيين غاضبون و أنهم قادرون على الكره و التمرد و أننا نحن بالذات بعض من يكرهونهم و يرفضونهم و يثورون ضدهم .. كلا , هذا غير صحيح , غير ممكن , لا يمكن لهؤلاء أن يدعوا الغضب أو التمرد .. الغضب و التمرد و الثورة هي لنا فقط , ماركة مسجلة لنا كشبان طبقة وسطى ولدوا في بلاد متخلفة كما قيل لنا , بلاد كانت مستعمرة و ما تزال تابعة , كما قيل لنا أيضا … خاصة إذا كنت فلسطيني كما كان حال أحمد أبو مطر مثلا , حتى لو حصلنا على جنسية نرويجية و عشنا و متنا في أبو ظبي سنبقى غاضبين و متمردين و ثائرين , لأننا نحمل فلسطين داخلنا , "بلادنا" التي كنا ذات يوم أولادها , بلاد مستعمرة و تابعة و متخلفة .. نحن ثوار هوياتيون , هويتنا هي عنوان ثورتنا و تمردنا , من دونها تختفي ثورتنا و تنتفي دواعي تمردنا و تموت أحلامنا في الصعود و النجاة في عالم قاس , بدونها نصبح مجرد أفرادا تائهين في عالم يخبط بلا معنى , كما نحن في الواقع .. ليس الثورة فقط , بل الهوية أيضا هي شيء خاص بنا .. لا يفترض بكم أن تملكوا أية هوية .. لا يفترض أن تنفوا أي آخر , أن تكرهوا , أن تتعصبوا , نحن من يملك فقط هذا الحق كأبناء لشعوب مستعمرة سابقا و تابعة اليوم .. ما الذي فعله ترامب : كره الآخر , احتقاره , تكفيره , نسبة كل النواقص إليه و تمجيد الأنا .. ترامب مشكلة و خطيئة إذا كان أمريكيا , لكنه محق , بطل قومي , في أسوأ الأحوال شخص يمكن فهم و تبرير سلوكه إذا كان عربيا أو مسلما ..

شيطان بودلير يختلف جدا عن شيطان أمل دنقل .. شيطان بودلير إله خانه الحظ , أمير الغربة , يعرف كل شيء , شافي البشرية من قلقها و حيرتها , يعلم الجميع حتى البرص و المنبوذين طعم الفردوس , لكنه إذا قهر نهض أقوى و أصلب .. أمل دنقل يمجد شيطانه معبود الرياح , من قال لا في وجه من قالوا نعم , من علم الإنسان تمزيق العدم , من قال لا فلم يمت و ظل روحا ابدية الألم .. لكن سبارتاكوس , شبيه الشيطان , أو شيطان الإنس , من قال لا , لا يتأهب للنهوض من على صليبه , إنه سيزيف و هو على وشك أن يرمي صخرته عن كتفيه .. يقول في لحظته الأخيرة أن خلف كل قيصر يموت قيصر جديد و خلف كل ثائر يموت أحزان بلا جدوى .. ينتهي شيطان أمل دنقل إلى أن يتصالح مع الحبل الذي يلتف حول عنقه فيموت غير حاقد .. أما بودلير فيناشد الشيطان أن يمنحه الراحة بجانبه تحت شجرة المعرفة .. يبدو شيطان بودلير أكثر تفاؤلا و قدرة من شيطان دنقل .. لماذا , هل لأن عصر بودلير كان أكثر تفاؤلا من عصر دنقل , أم لأن دنقل ينتمي إلى "أمة متخلفة مهزومة" أم بسبب اختلافات في المزاج و درجة الإحساس بالألم و اللاجدوى .. ( صلوات للشيطان لشارل بودلير , كلمات سبارتاكوس الأخيرة لأمل دنقل ) …

صبحي حديدي يشخص البريكست على أنه "حمية سيكولوجية عارمة أقرب إلى الاهتياج الجمعي قوامها استيهامات العودة إلى ما مضى , و انقرض و انقضى , من ماض استعماري بريطاني" .. عزيزي , ألا تجد أن وصفك هذا ينطبق أولا على الوعي العربي السائد نفسه من أقصى يمينه إلى أقصى يساره , على كل توهيمات و تنويعات أو تيارات الإسلام السياسي و القومية العربية و امتداداتها التي تدعي الليبرالية و العلمانجية , أي على كل ما نردده و نعتقده كعرب و مسلمين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة ترصد مخرجات اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي


.. غالانت: إسرائيل تتعامل مع عدد من البدائل كي يتمكن سكان الشما




.. صوتوا ضده واتهموه بالتجسس.. مشرعون أميركيون يحتفظون بحسابات


.. حصانة الرؤساء السابقين أمام المحكمة العليا الأميركية وترقب ك




.. انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض