الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية تمر وقمعول ... ابداع السرد

عبد السلام الزغيبي

2020 / 2 / 23
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


تمر وقمعول
... ابداع السرد



تبدأ الرواية بصاحب السرد وهو يتجول في شوارع الحي الذي يسكن فيه، يرمي نوى التمر في عشب حدائق الالمان، دون ان يكترث لنظراتهم المستهجنة، معتمدا على حسن  وحفاوة استقبالهم له، واستجابة لدقات قلبه، وحنينا الى بلاده، الذي يغني لها:" موح النخل خطر علي بلادي.. ياريتني وليت مني غادي" وحسرة على البلد الجديد الخالي من اشجار النخيل الذي يعشقها، وفي محاولته لايجاد البديل، يلجأ لطريقة رمى نوى التمر على عشب الحدائق في محاولته لزرع الخير والنماء في ملجئه الجديد، ربما تعوضه عن نخيل بلاده ...
ويتابع معنا الكاتب رحلة سرد روائي ممتع، يجعلك تسير معه بارادتك الكاملة مع الذكريات والتخيلات عن الوطن البديل والوطن المسكون فيه، رغم البعاد والغربة..

في الرواية اخذني محمد الاصفر معه في رحلة الى الشقة والحي الذي يسكن فيه، والاستدعاء الذي وصله من البلدية للتحقيق حول عملية رميه للنفايات في الشارع العام، وحكايته مع السنجاب الالماني والجربوع الليبي، وعن النخيل الذي نبت في غير ارضه..وعن القنبلة التي تم العثور عليها وانتشالها اخر الامر بسلام. وعن علاقته الوثيقة بالنخيل والشعور بالغربة لغيابه،مما تسبب له في ارق وحزن ووحدة.

وياخذنا الكاتب معه في سرد جميل ليحكي لنا قصة مأوى المسنين، وعن ابنته مهجة، وعلاقتها الروحية مع احدى السيدات التي اتخذت منها" جدة " وابنه جبير الذي يلعبا لشطرنج مع احد نزلاء المأوى.ومشاركتهم في احتفال المأوى بالعيد الخمسين لتاسيسه، وتطوع زوجة الكاتب للعمل في المأوى وكانت اللحظة الفاصلة المؤثرة في الرواية هي تعرف الراوي على شخصية" سيد موشي" نزيل المأوى وهو يهودي ليبي، رحب بالعائلة الليبية التي كانت تحضر حفل ماوى المسنين، غونى لهن اغنية مرسكاوية على شرفهم، شكرا لهم على منحه حبات التمر وعلى النخيل الذي زرعوه بالقرب من دار المسنين...

ويستمر الراوي في سرده الجميل، ونحن نلهث وراءه لنعرف نهاية القصة المشوقة، وحكايات وذكريات اليهودي الليبي الذي عاش في بنغازي ورحل عنها مرغما الى فلسطين ثم هجرته مرة اخرى الى المانيا، لكنه لم ينسى يوما بنغازي، بل وتمنى زيارتها، قبل ان يرحل عن الدنيا، فهو يعشقها وكل امله ان تطأ قدمه مرة اخرى تراب بنغازي الذي عاش فيها احلى ايام حياته وعنده فيها جميل الذكريات..

ومع صفحات الرواية نتابع ما يحدث في دار المسنين وحكايات موشيه وليلة عيد الميلاد والسناجب والنخيل وهدية رأس السنة وشرطية الحي الذي يسكن فيه" جولدا" وحكاية القعمول" خرشوف بري" ينبث فقط في أقليم برقة بشرق ليبيا وعلاقة اليهودي الليبي موسيه بالقعمول، وعودته الى مدينته بنغازي بعد فبراير 2011 والترحيب الذي وجده هناك وعن الانتخابات التي جرت في البلاد لاول مرة، وترشحه فيها تحت راية "حزب القعموله" ونجاحه فيها، واهتمامه بحماية البيئة واقامة محمية للجرابيع...قبل ان يتم اضطهادها وهجرتها غير الشرعية الى ايطاليا ومن ثم مغادرتها الى المانيا حيث تعيش هناك بامان..

وفي سرد اخر في الرواية، نعرف ان موشيه وزوجته قد عادا الى المانيا ثانية، لبعض الوقت، ثم غادر ثانية لبنغازي، وعمل على انجاح عيد النخلة، ومرضه وتحقق امنيته، بالموت على ارضها، ودفنه هناك، بحضور صديقه الليبي، الذي فرك القعمولات اليابسة مع شوكها ونثر خليطها فوق قبر اليهودي الليبي...

ويتابع الاصفر سرد خيط الذكريات منذ ولادته في منطقة الساحل قرب وادي كعام وعلاقته بجد ووالده وامه، وعشقه للطيور والنخيل والكروم، ثم انتقاله لطرابلس وعمل والده في صناعة مصابيح الزيت والقناديل وبيعها، ولم ينسى ان يحكى لنا عن مرضه الجلدي ومعالجة امه له بماء بحر سيدي الشعاب في طرابلس، ومن ثم رحيل العائلة الى بنغازي..وحياته هناك وتطوراتها في العهد الملكي وسنوات حكم القذافي وقيام ثورة 17 فبيراير وما جرى بعهدها من احداث وحروب داخلية وهجرته الى بلاد الغرب واندماجه الايجابي في الوطن الجديد، دون ان ينسى بلده الاصلي" الوطن حيث تعيش سعيدا"..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو