الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السودان والكيان الصهيونى بين التطبيع والتوقيت

ابو الحسن بشير عمر

2020 / 2 / 23
القضية الفلسطينية


سبعة أيام فقط كانت هى الفاصل الزمنى بين توقيت اعلان ترامب ونتنياهو ما يسمى بخريطة صفقة القرن فى الثامن والعشرين من يناير / كانون الثانى لعام 2020 , وبين توقيت اللقاء الثنائى بين عبد الفتاح البرهان ونتنياهو فى الثالث من فبراير / شباط لهذا العام والذى تم فى العاصمة الاوغندية دون اعلان مسبق عن عقد اللقاء او عن تفاصيله , بل كان اللقاء مفاجئا للجميع عدا الدول الاطراف والدول الراعية وجاء محاطا بترتيبات سرية .
وقد كشف اللقاء عن أزمات داخلية تمر بها السودان تتمثل فى حقيقة الصراع على السلطة بين المجلس العسكرى وبين ممثلى التيار المدنى داخل المجلس السيادة الانتقالى وتحديد صاحب القرار الخارجى والتنازع حول الاختصاصات والصلاحيات المتعلقة بشئون الحكم فى السودان بين رئيس مجلس السيادة الوطنية عبد الفتاح البرهان وبين رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك , فعلى الرغم من أن البند الثالث من المادة الخامسة عشر من الوثيقة الدستورية الموقع عليها فى 17 أغسطس / آب لعام 2019 والتى منحت مجلس الوزراء الاختصاص فى المعاهدات والاتفاقيات الدولية .
إلا أنه عقب اللقاء الثنائى بين البرهان ونتنياهو عقد مجلس الوزراء السودانى اجتماعا طارئا ,وقد صرح المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء السودانى وزير الثقافة والإعلام، فيصل محمد صالح فى البيان الرسمى الصادر من مجلس الوزراء بإن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، لم يٌبلغ أو يحدث معه أى تشاور، فيما يخص لقاء رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في أوغندا , وربما يكون اللقاء قد كشف عن الحاكم الفعلى للسودان وهو مجلس السيادة الوطنية ولكن تحت وصاية واشراف المجلس العسكرى .
أما عن الأزمات الخارجية وردود الفعل الدولية والاقليمية فقد أحدث اللقاء مفاجأة صادمة لدى القوى الإقليمية والفاعلين الدوليين فى المنطقة عدا الرعاة لذلك اللقاء كالولايات المتحدة الأمريكية وإن لم تتصدر المشهد حينما تم اللقاء بين البرهان ونتنياهو , فبالنظر إلى تاريخ العلاقات الدولية للسودان واستقراء السياسات الخارجية للسودان ودورها فى الصراع العربى الاسرائيلى بداية من قمة الثلاث لاءت حيث اجتمع القادة العرب في العاصمة السودانية الخرطوم في عام 1967 واتفقوا على ثلاث لاءات هي لا للاعتراف بإسرائيل، ولا للسلام مع إسرائيل، ولا للتفاوض مع إسرائيل.
بالإضافة إلى تعمق العلاقات السودانية الإيرانية والتقارب الثنائى خلال فترة حكم البشير للسودان والتى انتهت فى عام 2016 بضغوط من المملكة العربية السعودية والامارات المتحدة , وكذا علاقة السودان بحماس والتى تمثلت فى التعاون والدعم المقدم من السودان لمنظمة حماس تحت رعاية الاحزاب الدينية فى السودان , والذى شكل تهديدا للكيان الصهيونى وما يعرف بنظرية " أمن اسرائيل " وقد اعتبرت الاخيرة أن ما تقوم بهد السودان يعد من قبيل الأعمال العدائية , وقامت فى المقابل بدعم انفصال جنوب السودان لتطويق نظام البشير ومحاصرته .
فانقسم الجميع حول اللقاء الثنائى ما بين مؤيد او متقبل و ما بين مستنكر ورافض , وقد حدث ذلك الانقسام نتيجة التناقض بين موقف السودان الرافض لوجود علاقات او تطبيع مع الكيان الصهيونى حتى الامس القريب وبين كيفية حصول ذلك اللقاء الثنائى وما نتج عنه من تقارب وربما يكون بداية للتطبيع مع الكيان الصهيونى من دولة ظلت تشكل مصدر تهديد لأمنه واستقراره بل ورافضة لوجوده , لكن يظل السؤال لماذا حدث هذا التحول السريع المفاجئ فى العلاقات بين الطرفين دون تمهيد او اعلان مسبق او مشاورات غير مباشرة مسبقة بين الطرفين .... والاجابة تكمن فى التوقيت وهو أخطر ما نتج عنه ذلك اللقاء الثنائى , كونه أعقب الاعلان عن خارطة ما سمى بصفقة القرن وكأنه اعلان عن موافقة السودان كدولة عربية فاعلة فى القضية الفلسطينية لتلك الصفقة وربما الأهم هو أن يتم ترويض الدول الرافضة لوجود الكيان الصهيونى لتقبل الصفقة .
فحصول ذلك اللقاء الثنائى عقب الاعلان عن خارطة الصفقة بسبعة أيام هو بمثابة تأكيد لتمرير تلك الصفقة وانفاذ بنودها دون رافض او معترض , كما يأتى ذلك اللقاء قبيل اجراء انتخابات الكنيست الاسرائيلى فى مارس / آذار 2020 والتى ستحدد مستقبل نتنياهو السياسى , ليدعم بذلك اللقاء موقفه ويحسن صورته أمام الناخبين , إن ما يتم الأن من تقارب عربى اسرائيلى نحو تطبيع للعلاقات مع الكيان الصهيونى يصب فى مصلحة اليمين المتطرف فى الكيان الصهيونى والذى يتزعمه نتنياهو , ويدعم انفاذ بنود صفقة القرن ويقضى على القضية الفلسطينية برمتها بل ويعيد تشكيل التحالفات الاقليمية لمصلحة الكيان الصهيونى وفى الحفاظ على أمن واستقرار ذلك الأخير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه