الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد توفيق علاوي وأسلحته السرية

جعفر المظفر

2020 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


معرفتنا أن الوضع السياسي في البلد معقد جدا, مع تفحص سريع لعهوده الأحد عشر, تجعلنا نعتقد بأحد أمرين, فأما ان يكون السيد محمد توفيق علاوي يمتلك بالفعل قدرات سحرية خارقة, أو أنه, ربما بتأثير من تطرفه الإسلامي السابق, بات على يقين أنه المهدي المنتظر. ولأنه يقينا لا هذا ولا ذاك, فلا بد وأن يعطينا الرجل حق الظن أن غاطس تكليفه بتشكيل الوزارة هو أكبر بكثير من عائمه.
لقد حاول الرجل أن يقنعنا أنه الأقرب لجماهير الإنتفاضة وأنه ليس مع الطبقة الحاكمة في العراق وضد أحزابها السياسية, وأنه سيشرع فورا بتقديم قتلة المتظاهرين إلى العدالة, مهما كان موقعهم في الدولة العراقية, وأنه سيتخذ على عاتقه تغيير الحالة الإنتخابية, مؤسسة وآليات, وبشكل يفضي في النهاية إلى القضاء على سلطة الأحزاب السياسية الفاسدة, وتقديم الفاسدين للعدالة وإعادة ما سرقوه إلى خزينة الدولة وأنه, وأنه, وأنه.
ولعل كل ذلك : من إبهامية الترشيح إلى صعوبة تحقيق العهود, يجعلنا بحاجة ماسة إلى أن نبحث عن المخفي تحت السطح أكثر من ذلك الطافي فوقه.
نحن نعلم أن الخلل الحقيقي يكمن في بنية النظام نفسه, وهو خلل يجعل من الصعب إصلاح الحالة من داخلها. ونعلم أيضا أن الأحزاب الحاكمة لا يمكن أن تتخلى عن الدجاجة التي تبيض ذهبا. وبغياب القدرة على الإصلاح من جهة, وإنعدام الإستعداد للتخلي عن الحكم من جهة أخرى, يصعب علينا تصور وجود حل للأزمة الحالية إلا من خلال الإنتصار الكاسح لأحد طرفي الأزمة نهائيا على الآخر, وما يؤكد ذلك أن الثوار باقون على وعدهم الثبات في ساحات التظاهر حتى تتحقق كل مطالبهم, وهي مطالب لا شك أنها سهلة من جهة وممتنعة من الجهة الأخرى, فهم يريدون وطنا وهذا هو السهل, غير ان ذلك يصعب تحقيقه من قبل نظام مغرق في الفساد وغارق في التبعية, وهذا هو الممتنع.
ودون أدنى شك أتوقع أن يكون هذا هو الذي نظنه.
غير أننا لا نتحدث هنا عن ما نظنه نحن, وإنما نتحدث عن ما قد يظنه علاوي.
وما (قد) يظنه علاوي هو أننا ما زلنا ننظر إلى الأمور بعين واحدة وبرؤى قديمة, أما هو فلم يقبل المهمة إلا بعد أن تيقن أن الأمور قد اصابها الكثير من التغيير. فالسيد علاوي ربما بات يعتقد أن بوسعه الإمساك بكثير من حبال اللعبة في وقت واحد, فإذا صدقنا بوجود ميول لديه لترضية الشارع, وإستعداده لبدء مشروعه الوزاري بإنجازات يظنها ستكون مقنعة, وإنه على الجهة الأخرى يعتقد, أو حتى يعلم, أن أطراف (البيت الشيعي), وبنصيحة وإشراف من إيران وحزب الله اللبناني, باتت في مواجهة أن تفقد الدجاجة وبيضها لو أنها لم تتحرك لإحتواء الأزمة بأساليب سياسية ماكرة, أو حتى بتقديم بعض التنازلات, فسنكون بهذا أمام علاوي الواثق من قدرته على النجاح دون حاجة إلى عصا موسى, والمعتقد أن مسألة نجاحه قد تكون صعبة لكنها لن تكون مستحيلة.
ثم أني أراه وقد بات متيقنا أن مرجعية النجف قد صارت في مواجهة تحدي تاريخي لعله الأخطر عليها منذ التأسيس, وهذا ما (قد) يجعلها تراه بهيئة المنقذ الذي بإمكانه أن يمنع فقدانها كاملا لمكانتها بين صفوف الأغلبية من الشباب الشيعي, الذي سيصل حتما إلى فقدان الثقة بها لو أنها لم تصطف معه في معركته العادلة ضد النظام الفاسد. ثم ما قيمة أن تكسب المرجعية النظام الفاسد وتخسر ناسها الأتباع, الذين لا معنى لوجودها إلا بوجودهم. وبهذا يكون علاوي قد ضم إلى جعبة أسلحته سلاح المرجعية ذاتها. وفي هذه المعركة أنت قوي إذا عرفت كيف تستعمل أسلحتك, وأنت قوي إذا تعرفت على مكامن الضعف عند الآخرين.
وفي كل الأحوال سيكون من الخطأ حساب ترتيب القوى في الحالة العراقية من خلال التمعن في هذه الساحة لوحدها. قبل فترة كان العامل الإقليمي الإيراني هو الأكثر تأثيرا. مع (أوباما) كانت تلك هي الحقيقة. أما مع (ترامب) فقد تغير الأمر كثيرا.
النظر إلى تاثير الحصار المفروض على إيران يجعلنا نعتقد أنه, وحتى الأكثر غباء في منظومة الحكم العراقي, بات يؤمن ان النظام في إيران ماضٍ إلى هلاك لو أنه لم يلحق نفسه ويرضى بالشروط الأمريكية. ذلك بالحق يغير كثيرا من معادلات القوة والضعف في الساحة العراقية نفسها, فهو سيجعل التأثير الأمريكي فيها أكثر قوة من قبل, وحتى أكثر من التاثير الإيراني نفسه, ونعلم أن أمريكا لم تستعمل بعد ولو الجزء اليسير من أوراق ضغطها على النظام, وأن علاوي الذي ظل أكثر من شهر في واشنطن قبل التكليف ربما حصل من الأمريكين على وعود بدعمه.
ويوم تتراجع قوة النظام وثقته بإمكاناته القمعية وتأتيه أخبار التصدع الإيراني فإن المتظاهرين السلميين سيكونوا هم الطرف الأقوى.
وأجزم أن علاوي قد حسب ذلك بنفسه مثلما سمع من قوى النظام ومن إيران أيضا ما جعله يؤمن أن بإمكانه النجاح في مهمته الصعبة, مثلما ظن أن المطالب التي تنادي بها التظاهرات هي سقوف يمكن النزول إلى ما تحتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الطائفية ومآلها
Muwaffak Haddadin ( 2020 / 2 / 23 - 23:17 )
إن من يحكم إعتمادا على الطائفية ، لن يحكم طويلا سواءً كان لديه عصاً سحرية آو آمن بنبوءته شيعته (جماعته أو حزبه).
إن الطغمة الفاسدة في بغداد - والعلاوي أحدهم- قد حكموا على انفسهم بالإعدام.
مع تحاتي للدكتور المظفر
موفق حدادين/عمان
24 / 2 / 2020

اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة