الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيها الاصوليون : الاغتيال كان يستحقه جمال وليس السادات !

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2020 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


تصاب الشعوب احيانا بفقدان الذاكرة او وهنها ، فيقوم حاكم من نفس نموذج الذي قبله بالاجهاز عليها ، او تشويهها لضمان ان لا يقع له ما وقع لسلفه دون اي احترام للحقيقة العنيدة التي ستتسلل يوما ، وتقف شاخصةً امام اعين الجميع لتهتك ستر ما كان مخفي !
وهكذا الماضي يُنسى اذا لم نُهيج ونلكأ جروحه لاخذ الدروس والعبر ، واعطاء لكل ذي قدر قدره سلباً او ايجابا ، ولا مكان لتقديس البشر المنفر الذي جر علينا ولا يزال من الويلات والمآسي ما لا يتحملها حتى البعير لو حُمل بها لبرك !!
ان الاعتماد على الهبة الانفعالية للشعوب وتقييمها لقادتها من سارقي الفرص الذين يفرضهم الامر الواقع لهو ضرب من الغباء ! فالشعوب العربية منذ نشأت الدولة الحديثة في بدايات القرن الماضي ، وهي شعوب مبرمجة ومهيأة لعبادة وتقديس القائد الفرد الصمد الذي لم تنجب الامة له مثيل . فكانت ولا تزال تعمل بالتوجيه عن بعد … تُحشَّد كالقطيع وتهتف وتهلل وتكبر وترقص وتنصرف حسب الطلب من غرفة عمليات خاصة تابعة لرئاسة الدولة ، او بلاطها الحكومي الذي يشرف عليه مختصون محليون واجانب على اعلى المستويات .
فالناس في كل الازمنة هتافون حسب الضرورة والعرض والطلب … هتفوا للشئ ونقيضه : للعدل والظلم ، للقاتل والمقتول ، للملكية والجمهورية ، للديكتاتورية والديمقراطية … وهكذا
الشعوب العربية شعوب مغلوبة على امرها الذي لا تملك منه شئ ، فالحاكم يصادر الدولة ومن عليها ملك صرف … ارضاً وشعبًا وثروةً وتاريخاً ومستقبلاً له ولازلامه ولافراد اسرته وعشيرته … وهذا الحال ساري المفعول في كل البلاد العربية على مر التاريخ وللان …
كان المفروض ان يكون الاغتيال لجمال وليس للسادات !!
جمال الذي مزق الامة العربية بمؤامراته ودسائسه ودس انفه فيما يعنيه وفيما لا يعنيه فسبب ما سبب من كوارث للعرب في اليمن والعراق وسوريا … الخ انسحب تأثيرها الى عقود بعده ، وضرب كل من لم يسر في ركبه وركب نظامه الفاشي ، لقد كان قائدا كارتونيا من صنع الاعلام بامتياز ، ولم يكن قائدا حقيقيا كما يصوره المخدوعون السذج بشخصيته الوهمية بل جاءت به الفرصة الى الحكم ولم يُخلق له … كان فاشلا بكل المقاييس ومحاطا بزمرة من نفس نوعيته اذا لم تكن اسوء .
لكن المرض المستوطن في كل شعوبنا العربية في تقديس الاشخاص والزعيم الفذ الاوحد الملمَّع والمنفوخ في قدراته الخارقة من قبل الاعلام ورجاله من ذوي الاختصاص امثال هيكل وغيره الذين صنعوا منه قائدا رمزا لا يستحقه .
كان رجلا مريضا بتورم الذات الذي يعاني منه كل الزعماء العرب … وكان ثمة جلاوزة مختصين باشباع هذا النهم المرضي عنده وعند غيره من القادة بالحشود المصطنعة وبالهتافات والتهليل والتكبير ، وكيل المديح لهم ولانجازاتهم الوهمية في كل وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية ، والتي كان يُصرف عليها ملايين الدولارات !
اذا كان ثمة من حساب فالمفروض يخضع له جمال على النكسة المروعة التي حصلت ليس للجيش المصري فحسب وانما لكل الامة وجيوشها وشعوبها واجيالها اللاحقة … وآثارها النفسية والمعنوية المدمرة التي تعيش تبعاتها لحد الان بسبب غباء وغرور هذا القائد الورقي وغفلته وغطرسته ، وعدم تقديره لحقيقة قوة إسرائيل ، ولا مبالاته وزهوه الزائد بنفسه ، وقادته العسكريين الذين لا يقلون عنه غباءً وغروراً واستهتاراً وانصرافاً الى اللهو والاستمتاع بالعلاقات الخاصة والليالي الحمراء وحفلات الانس والطرب وغيرها ولم يكونوا بمستوى المسؤولية .
اما مسرحية تنازله الهزلية عن الحكم بعد النكسة التي راح ضحيتها ارواح الاف الجنود ومساحات شاسعة من الاراضي ، ودغدغته مشاعر الطيبين والسذج من المصريين الذين خرجوا بالالوف لثنيه عن الاستقالة والعودة ليكمل ما بدءه ، وكأن الام المصرية لم تلد غيره ! ولو بقي حيا لاوقع مصر والعرب بمصيبة امر وادهى مما قبلها !
اما سياسته الداخلية فقد حول مصر الى دولة بوليسية نموذجية مترعةً بالقمع والقهر وانتهاك ادمية الناس … تطارد الجميع وتعد انفاسهم تحت تهم واهية ، ولم يسلم منه ومن مخالب وانياب امنه ومخابراته احد … سجون ، تعذيب ، اذلال ، اغتصاب ، موت ، لم يترك من وسيلة ذل ومهانة الا واستعملها مع المصريين ، وسلط عليهم ارذل اوغاد امنه ، فاستباحوا اعراض وشرف وكرامة المصريين دون محاكمة عادلة ولا قضاء اصلا ، فدولة الامن الموازية المكلفة بحماية النظام ورموزه لها الحق في اعتقال وتعذيب واهانة واغتصاب من يرميه حظه العاثر في طريقهم … والتهم تنتشر بالعدوى وبالهواء ، والتي طالت الكثير من الابرياء الذين خسروا حياتهم ومستقبلهم دون ذنب ولا جريرة … ضرب الكل تحت الشعار الفاشي ( إعترف … ؟ ) فيضطر المتهم والبرئ ان يعترف بشئ فعله او لم يفعله تحت التعذيب الوحشي !
والغريب والمقزز في نفس الوقت ان بعض العرب جعلوا من هذا الفاشل ايقونةً ورمزاً و خطاً ( نضالياً ) يحتذى به ، ومدرسة خائبة باسم الناصريين العرب ، ولا ادري على اي فشل ونكسة وخيبة استندوا في ذلك ؟!
اما السادات فبالرغم من كونه واحدا من بطانة جمال ونظامه الفاشل الا انه بعد استلامه الحكم كان منسجما مع نفسه على الاقل ، فكان واضحا مقدرا لقوة مصر والعرب ، ومدرك لعدم قدرتهم على مواجهة اسرائيل المدعومة من الامريكان والغرب ، وبدلا من ان يدعي شيئاً ليس عنده ، ويسحب الجميع الى الهاوية ! واجه الحقيقة بكل شجاعة وكان ما كان من ذهابه الى اسرائيل وكامب ديفد بعد ذلك ، ولكن بعد ان رد الاعتبار او شئ منه الى الجيش والامة المكلومة بالهزيمة والانكسار التي سببها جمال وتركها ارثا ثقيلاً لمن بعده … وما الاحداث الدراماتيكية التي حصلت بعد ما يسمى بانتصار اكتوبر الا رد فعل لفعل سبقه بطله جمال عراب النكسة المشؤومة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرارات بتطبيق القانون الإسرائيلي على مناطق تديرها السلطة الف


.. الرباط وبرلين.. مرحلة جديدة من التعاون؟ | المسائية




.. الانتخابات التشريعية.. هل فرنسا على موعد مع التاريخ ؟ • فران


.. بعد 9 أشهر من الحرب.. الجيش الإسرائيلي يعلن عن خطة إدارة غزة




.. إهانات وشتائم.. 90 دقيقة شرسة بين بايدن وترامب! | #منصات