الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تآكل الدولة الوطنية العربية..ونهوض القوى الشعبية!!(1)

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2020 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن الدولة العربية الحديثة التي وضعت اتفاقيات سايكس/بيكو حدودها الجغرافية ، وخطت على الرمل عصا السير بيرسي كوكس لبعضها حدودها الدولية قد انتهى عمرها الافتراضي ، وأخذت تترنح الآن وتهتز بعنف تحت قوة الرياح الدولية العاتية واستحقاقات الداخل ومتطلباته الشرعية!
وهذه الرياح الدولية التي لا ترحم ضعيفاً ولا تعين مغرماً ولا تراعي مسكيناً ، أخذت تهب على هذه (الدولة العربية الحديثة) بعنف واقتلعت بعضها من جذورها ، وتكاد تقتلع ما تبقى من هذه النظم العربية البائسة ، التي سميت (دولاً) بخطأ متعمد ، لأن شروط بقاء النظم السياسية في هذا القرن غير شروطه في القرون السابقة!
فهذه النظم العربية التي أسستها الدول الاستعمارية واعطتها استقلالاً شكلياً ، لم تؤسس لتكون كيانات أو دولاً حقيقية ناجحة إنما لتكون أشبه بالمحميات التابعة لها ، ودولاً فاشلة تسقط في أول امتحان سيواجهها!

وإذا كانت بعض هذه النظم السياسية العربية قد نجحت في الماضي عند مواجهتها للاستعمار والإمبريالية العالمية في تحقيق استقلالها الوطني ، فإن نجاحها ذك كان ضمن شروط وبيئة دولية مغايرة للبيئة الدولية الحالية بكل تفاصيلها ، فقد كان هناك الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي وحلف وارسو والحرب الباردة ، تستطيع الدول المُسْتَعْمَرة والضعيفة أن تناور بينهما ، كما أن شعوب تلك النظم كانت تقف معها جنباً إلى جنب ، وفي الطليعة لمحاربة الاستعمار ومقارعته واقتلاعه ، لإنجاز مهمات التحرر الوطني لبلدانها!

أما اليوم فقد اختلفت البيئة الوطنية والدولية عن تلك البيئة التي كانت سائدة في منتصف القرن الماضي اختلافاً جذرياً ، فاليوم هناك هيمنة امبريالية مطلقة على العالم بأسره بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق والمعسكر الاشتراكي ، وهناك شعوب لم تجني من الاستقلال الذي أنجزته بدمائها وناضلت لأجله طويلاً ، إلا الظلم والدكتاتورية وامتهان كرامة الإنسان والبطالة ونهب الثروات والفشل التام في التنمية الوطنية وإقامة العدالة القانونية والمساواة الاجتماعية ، مما سهل لعودة القوى الاستعمارية القديمة لتحكم البلدان العربية التي حررت من قبضتها من جديد بشكل مموه ، وتحت ذرائع الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان و "مكافحة الارهاب"!
ولهذا أصبحت هذه النظم السياسية العربية الهشة التكوين والضعيفة بنيوياً ، تحت مطرقة الإمبريالية المهيمنة على العالم ومطالبها وسندان شعوبها ، التي لم تعد تحتمل ذلك الظلم والجوع وهدر الكرامة وضياع حقوقها ، فهبت ـ الشعوب العربية ـ مجتمعة تطالب بحقوقها التي اغتصبت منها على مدى عقود!
*****
فتحت ضربات تلك المطرقة الامبريالية القوية وسندان شعوبها التي هبت لاسترجاع حقوقها ، وبعد أن قطعت تلك النظم العربية كل الخيوط التي كانت تجمعها بشعوبها ، وفككت بيدها لحمتها الوطنية الداخلية ، فقدت الدرع القوي الذي كانت تحتمي به من جهة وفقدت معه استقلالها الوطني من الجهة الأخرى ، فأصبحت كالريشة في مهب الريح ومخترقة من جهاتها الأربع ، من قبل القوى الامبريالية العالمية والقوى الإقليمية الطامحة .. وهي دول عرية كثيرة:
كالعراق ، وليبيا ، واليمن ، ودول الخليج ، وحتى مصر وسورية التي لا زالت تدفع ثمناً باهضاً من دمائها يومياً!

ولهذا أصبحت الدولة العربية الوطنية الحديثة تتآكل من الداخل وتفقد مقومات وجودها كدول الواحدة تلو الأخرى ، وتتحول تدريجياً إلى نظم سياسية فاشلة ، تريد مجرد البقاء في السلطة وليس دولاً وطنية وكيان وطني راسخ ، فلجأت إلى مستعمرها القديم لتحتمي به من شعوبها ، وتفتح له جميع أبوابها لإقامة قواعده العسكرية في أراضيها وبتمويل منها ، دون أن يتحمل هو درهماً واحداً من تكاليف تلك القواعد!
*****
فالدولة أية دولة ، حينما تصل إلى هذه الحالة المرضية يتغطى جسمها كله بالشروخ والشقوق ، فتدخل من خلالها إلى روحها وجسدها الديدان والحشرات وفايروسات الظلم والعجز والفساد الشامل ، الذي سيوصلها حتماً إلى حافة موت سريري ، فتتخلى طوعاً أو بالأصح تعجز عن أداء دورها كدولة وطنية ، وبالتالي غير قادرة على حماية شعبها وثرواته الوطنية وحدوده الدولية واستقلاله الوطني ، فتأخذ مقومات وجودها كدولة بالتأكل التدريجي ، فتنهض القوى الشعبية لتسد جميع هذه الفراغات التي لم تعد الدولة قادرة على ملئها!
لكن هذا النهوض الشعبي سيأخذ عدة وجوه بعضها إيجابية وأخرى سلبية.. وقد تكون على الوجه التالي:
أولاً: بروز قوى وطنية ومقاومة شعبية!
ثانياً: قوى رجعية وفاشية دينية مقاتلة!
ثالثاً: عصابات السلب والنهب والقتل!
[يتبع]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة