الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النموذج الواقعي لاشتراكية ديمقراطية

حسين موسى البناء
أكاديمي وكاتب

(Hussein Albanna)

2020 / 3 / 1
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


نموذج الديمقراطية الاشتراكية الواقعية:

الدكتاتورية في جوهرها هي احتكار السلطة من نخبة قليلة، أكانت فردا أو حزبا أو طائفة، وكذلك الرأسمالية في جوهرها هي احتكار الثروة من نخبة قليلة، كرجال الأعمال والمصرفيين وكبار الصناعيين و التجار.

إذن في كلتي الحالتين فإن الرأسمالية كنظام اقتصادي، و الدكتاتورية كنظام سياسي، يقومان على فكرة السيطرة و الاحتكار من القلة!
في المقابل، فإن فكرة الديمقراطية كنظام سياسي تشاركي للسلطة تنسجم مع الاشتراكية كنظام اقتصادي تشاركي للثروة، حيث أن الاشتراكية تضمن توزيع الثروة على أوسع نطاق من المجتمع، والديمقراطية تضمن توزيع السلطة على أوسع نطاق من الشعب.
نجد -في الواقع العملي- بأن الأنظمة الرأسمالية في غالبها ديمقراطية، بينما نجد الأنظمة الاشتراكية في غالبها دكتاتورية، لدرجة أننا نتصور دوما ذلك و نفترضه كمتلازمات برغم الخروج عن القاعدة في شواهد عدة. لقد تم تضليل وعينا نظريا و عمليا لنعتقد بأن الحرية السياسية و الاقتصادية تنسجم مع الرأسمالية (كحرية اقتصادية) و الديمقراطية (كحرية سياسية) ، و كذلك التصور في حالة الدكتاتورية الاشتراكية التي تكبح الحرية السياسية و الاقتصادية معا.

ذلك يمثل أكبر عملية خداع للإنسان في التاريخ الحديث؛ فالنظام الديمقراطي الذي يوزع السلطة على الشعب، فعليا هو يحتكر الثروة في نخبة ضئيلة من المجتمع الرأسمالي.
وبالتالي نجد بأنه من الناحية العملانية تقوم النخبة الاقتصادية تلك بامتلاك أدوات الإنتاج و المصارف والإعلام، والتي بدورها ستحكم المجتمع لاحقا بفضل توحد الطبقة الثرية على مجمل قيم تسلطية و احتكارية لإدامة السيطرة على الدولة والسلطات كذلك نظرا لتوظيف الإمكانات الهائلة في هذا الهدف.
عملية الخداع الكبرى تلك تضمن رضى عامة الناس و استدامة النظام الرأسمالي الديمقراطي؛ فالجميع يعتقد بأنه كاسب، الشعب يتوهم بأنه يحكم نفسه بفضل الانتخابات، لكنه يجهل مدى السيطرة عليه وعلى وعيه وعلى خياراته التي يتحكم بها رأس المال والأنظمة الداعمة له كالإعلام.

النموذج الأكثر عدالة و إنسانية يتشكل في الديمقراطية الاشتراكية؛ حيث يتم توزيع الثروة على الشعب عبر الاشتراكية الاقتصادية، و كذلك يتم توزيع السلطة على عامة الشعب عبر الديمقراطية كممارسة سياسية، وهذا النموذج يضمن الحرية و العدالة في ذات الوقت، على العكس تماما من الديمقراطية الرأسمالية التي يحتكر فيها رجال الأعمال كلا من السلطة و المال بينما يتوهم العامة بأنهم العنصر الفاعل في الإدارة والحكم كونهم يشكلون جملة الناخبين في الصناديق التي ستشكل السلطات التشريعية و التنفيذية.

هنالك انتقاد واقعي للاشتراكية بأنها تكبح الكفاءة الاقتصادية و الابتكار و الريادة و التحفيز للعاملين؛ فالقطاع العام يتسم بالبيروقراطية و الرسمية والجمود، وهذه حقائق، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات الفساد و الرشوة و سوء الإدارة.

القطاع الخاص يتسم بالكفاءة الاقتصادية وسرعة الاستجابة و المرونة و الحد الأدنى من الفساد وسوء الإدارة بسبب إدارة المالكين و رقابتهم الحريصة على النجاح و النمو لاستثمارهم الربحي. برغم ذلك، فقد ثبت بتجارب عدة تسلل ممارسات الفساد و سوء الإدارة للشركات، وخاصة الشركات المساهمة العامة حيث تنفصل الإدارة عن الملكية، و يمارس المدراء أعمال في مصلحتهم الفردية عوضا عن خدمة مصالح حملة الأسهم، خاصة في ظل ممارسات حوكمة ضعيفة.

النظام الاشتراكي الديمقراطي العصري هو مزيج من النمطين، حيث يقدم القطاع العام الخدمات العامة لجميع الناس بمساواة، كالمصارف والائتمان، و الخدمات الصحية والعلاجية، والتعليم المدرسي والجامعي، وخدمات الماء و الكهرباء، و إدارة التموين للأغذية الرئيسية للعامة، كل ذلك تحت جودة مقبولة وتليق بكرامة الإنسان، مدعومة برقابة شعبية و برلمانية و صحفية لضمان الرقابة و حسن الإدارة. في المقابل، يترك المجال مفتوحا أمام الاستثمار الخاص، بحيث تقدم الشركات الخاصة على منافسة القطاع العام بشكل مواز و يمنح القادرين على الدفع من الناس المفاضلة ما بين خيارات الجودة و التكلفة بين القطاعين. بذلك نضمن الانتفاع من مزايا القطاع الخاص المعروفة سابقا، و نضمن حق العامة في تلقي مستوى مرضي من الخدمات العامة التي تليق بقيم العدالة و المساواة والحرية و تكافؤ الفرص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش


.. كلمة نائب رئيس جمعية المحامين عدنان أبل في الحلقة النقاشية -




.. كلمة عضو مشروع الشباب الإصلاحي فيصل البريدي في الحلقة النقاش


.. كلمة عضو مجلس الأمة سعود العصفور في الحلقة النقاشية -إلغاء ا




.. كلمة عضو مجلس الأمة أسامة الزيد في الحلقة النقاشية -إلغاء ال