الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المأزق البنيوي الإستراتيجي للمشروع الصهيوني في فلسطين ؟

عبد الرحمن البيطار

2020 / 3 / 2
القضية الفلسطينية



من ألمانيا ، كتب لي صديق ، مُعَلِّقاً على ما كتبت مُؤَخراً
، ونَقَلَ لي مَرْئيات ذات قيمة ووزن بلا شك ، فكتبتُ لَه أقول :
أُحِبُّ فيكَ تفاؤلك وإصرارك على التّفاؤل ،… وأنا معك مُتَّفِقٌ…
أنا ، يا صديقي ، أعتقد أنَّ المشروع الصهيوني في أزمة بُنْيَوِيّة عَميقة ،… وأن كل ما يبدو من مظاهر قُوة وتَعَسُّف وتَعَجْرُف يُظهرها في كل مَنْحى من سلوكياته وسياساته ، ليست إلا مكياج لإخفاء مواطن الضّعف القاتلة فيه ….
المشروع الصهيوني هو مشروع عنصري باٌمتياز ، ولا يُمْكِن إلا أنْ يكون عنصرياً …
إذا ما تَجرَّدَ هذا المشروع من عُنصريته ، فَقَدَ مَعنى ومُبرِّر وُجوده ..
ولأنه كذلك ، ولأن الإنسانية لا يمكن لها أن تتعايش مع العُنصرية والتمييز واللامساواة ، فهذا مشروع لا مُستقبل له …
مأزق الصهيونية ، يا صديقي ، في عُنصريتها ،… وهي الكفيلة بقَتْلِها …
لهذا السبب ، علينا أن نُرَكِّز على كل ما يَفضح الطابع العُنصري للصهيونية، ومَشروعها الذي أقامته في فلسطين …
يا صديقي
بعد نحو قَرْن من بدء تنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين برعاية القوة العُظمى في تلك الايام ( بريطانياً العظمى) -وهي القوة التي خرجت منتصرة في الحرب العالمية الاولى -،… لم تتمكن الحركة الصهيونية من تهجير إلا نحو ستة ملايين يهودي إلى فلسطين ،… في حين بقي ما يُقارِب (٩) مليون يهودي يعيشون مواطنين في بلدان خارج فلسطين حسب تقديرات مكتب الإحصاء الإسرائيلي في نيسان من العام ٢٠١٨ .
ماذا يعني ذلك ؟
لو كانت الحركة الصهيونية، يا صديقي ، قادِرة على تهجير عدد اكبر من يهود العالم الى فلسطين لفَعَلت. ولكنها فشلت في التهجير الى فلسطين غير العدد الذي نجحت في تحقيقه ( ٦،٣ مليون يهودي) ، هذا على الرغم من كل ما تقدمه دولة الكيان الصهيوني العنصري من إغراءات لتشجيع هجرة اليهود الى فلسطين . إن هذا الفشل هو أحد مظاهر المأزق الذي يعيشه الشروع الصهيوني العنصري في فلسطين .
مأزق المشروع الصهيوني في فلسطين يتمظهر أيضاً في أنَّ عدد الفلسطينيين العرب في فلسطين في حدودها ما بين البحر والنهر ، بَعد التّطهير العِرْقي في العام ١٩٤٨، والنزوح في العام ١٩٦٧ ، والهجرة الطوعية والقسرية للفلسطينيين الى خارج فلسطين خلال قرن من الزمان ، يبلغ نحو ٦،٥ مليون فلسطيني ، أي ما يزيد عن عدد اليهود الحالي في فلسطين – نِصفهم تقريباً من اللاجئين الفلسطينيين الذين طُرِدوا من دِيارِهم الواقِعة في المناطق التي احتلتها وسيطرت عليها دولة الكيان الصهيوني في العام ١٩٤٨-.
يا صديقي : ما بَقِيَ هؤلاء في فلسطين ، فلا مُسْتَقبل لدولة صهيونية عُنصرية فيها ،
ولا مُستقبل لها أيضاً في ظل إمعان دَوْلة الأبارتهايد الصهيونية العنصرية في انتهاج سياسات ،وسن قوانين وتشريعات عنصرية ضد مواطنيها من الفلسطينيين العرب ( نحو ١،٩ مليون) ، وضد الفلسطينيين العرب (نحو ٤،٦ مليون ) ، من أصحاب البِلاد ، في المناطق من فلسطين التي احتلتها في العام ١٩٦٧، والذين يتعرضون لأفظع وأبشع أنواع الإضطهاد والقمع والإكراه والضغوط والتمييز العنصري .
لِذا ، فإن اليمين الصهيوني اليهودي المتحالف مع الجناح المُتَصَهيِّن من مسيحيي الولايات المتحدة ، يَسعيان ، في هذه المرحلة ، لإنقاذ المَشروع الصهيوني العنصري في فلسطين من خلال توليد ظروف قهرية بالغة القَسوة ، و في تَضييق فرص العيش والحياة للفلسطينيبن العَرب داخل فلسطين ، عبر حِصار المُدُن والقُرى الفلسطينية ، ومُصادرة الأراضي والممتلكات ، وهَدْم البُيوت ، والسَّيطرة على مصادر المياه ، و…..الخ ، ، وهذه سياسات واجراءات ترمي كُلّها الى دفع الفلسطينيين العرب الى الهجرة الطوعية أو القَسْرية ، وترك البلاد بحثاً عن الرِّزق ، وفي حال فشل ذلك ، فإن الحركة الصهيونية وكيانها العنصري الذي أنشأته في فلسطين ستسعى الى انتهاج سياسات وإجراءات تَطهير عِرْقي بصورة مباشرة وغير مباشرة لطرد الفلسطينيين وتهجيرهم الى البلدان المحيطة بفلسطين و أوْ الى الشّتات .
لقد تم ، يا صديقي ، تصميم ” صفقة القرن ” لتأطير ومَنْهَجة هذه العملية عبر توفير غطاء من القوة العظمى في عالم هذه الإيام وهي الولايات المتحدة الأمريكية .
يا صديقي
المشروع الصهيوني كي يَعيش ، فإنّه يَتَعَين على الصهيونية التَّخلص من الفلسطينيين العرب ، أصحاب البِلاد الذين يعيشون في فلسطين ، وطردهم الى خارجها .
وكي يتخلص هذا المَشروع الصهيوني الإستعماري الإستيطاني الإحلالي من مأزقه ، عليه تحويل الأردن -[أو أجزاء كبيرة منه، ( شَرْق خط السكة على وجه التحديد )، أي خارج المَناطق من الاردن التي تقع في مواطن يستهدفها المشروع الصهيوني ، وهي المَناطق من الاُْردن التي تقع غرب خط سكة الحديد ]-، أقول ، كَيْ ينجح ، عليه تَحويل تِلك المَناطق في الاْردن و / أو المنطقة الغربية الجنوبية من العراق ، و/ أو الشمالية الشرقية من سورية ، في رحلة لاحقة في المدى المتوسط ، إلى مناطق تُخَصَّص لاٌستيعاب الفلسطينيين العرب الذين يَسعى المشروع الصهيوني العنصري للتّخلص منهم ، وطردهم من بلادِهم في فلسطين من أجل تحويل فلسطين في حُدودها ما بين البحر والنهر -[أو ما بين البحر وخط السكة داخِل الاردن ( في مرحلة لاحقة )]- الى دولة يهودية خالصة نقية من أي بَشَر ٍغير يهود .
وعليه ، أيضاً ( أي على المشروع الصهيوني في فلسطين ، والكيان العنصري الذي أنشأه في فلسطين ) أن يسعى للسيطرة على مَوارد الاُْردن ، وتحويله الى مَمَر / معبر أو ميناء بري ،يَستهدف من خلال ذلك ، إختراق وغزو الأسواق العربية ، والسَّيطرة على مواردها قدر الإمكان ، لأنّه بذلك ، يكون قد وفر للقاعدة التكنولوجية الاقتصادية العلمية العريضة التي أسسها في فلسطين منذ العام ١٩٤٨، شُروط الإضطراد في النُّمُو والإرتقاء ، وتحقيق الهيمنة وقطف الثمار .
من خلال هذا المنظور ، يا صديقي ، فإن مُواجهة المشروع الصهيوني العنصري في فلسطين تَكْمُن ، في رأيي ، في العَمل على :
• تعميق مأزقه بالحيلولة دون تمكينه من طَرْد الفلسطينيين العرب من فلسطين ، و
• في تمكين الفلسطينيين العرب في فلسطين في البَقاء والصمود على ارضهم ، وفي دِيارِهم ، و
• مَنْع الإستفراد بالأردن ، ومقاومة مشاريع ربطه بالإقتصاد الصهيوني ، وتحويله الى مَمَر / معبر أو ميناء بري لاختراق الاسواق العربية ، وفي
• فضح عنصرية المشروع الصهيوني وسياساته وإجراءاته العنصرية القهرية ، لشعبنا في الاْردن ، وللشعوب البلدان العربية المحيطة بفلسطين أولاً ، ولشعوب باقي البلدان العربية ثانياً ، ولشعوب بلدان العالم في ذات الوقت ، وفي
• تقوية التيارات اللاعنصرية في المجتمع اليهودي المُقيم في فلسطين ، وفي بلدان العالم ، وبناء تحالفات وبرامج عمل نِضالية مَعها لأجل إقامة كيان ديمقراطي علماني لا عُنصري في فلسطين يعيش فيه الفلسطينيون العرب مع اليهود اللاعنصريين في فلسطين المُشاركين مع الفلسطينيين العرب وأحرار العالم في هزيمة المشروع الصهيوني العنصري في فلسطين ، وفي تخليص العالم ويهوده والإنسانية جمعاء ، من شرور هذا المشروع، على قاعِدة إحقاق حقوق الفلسطينيين العرب الذين اضطهدهم المشروع الصهيوني العنصري منذ إقامته في أيار ١٩٤٨ ، وألحق بهم أفدح الأضرار ، والحيلولة دون تكريس مبدأ إقامة غيتوات لليَهود والفلسطينيين العرب داخل فلسطين وخارجها ، وفي
• مُخاطِبة الرَّأي العام العالمي والإنسانية جمعاء ، بلُغة المجتمع الدولي الإنساني وبما يتفق مع مبادىء القانون الدولي وحقوق الإنسان ، من أجل بناء جبهة عمل ضاغِطة تَستهدف فَضح الطابع العُنصري للمَشروع الصهيوني في فلسطين ، والكيان العنصري الذي أنشئته الحركة الصهيونية العنصرية فيها ، والذي يتجلى في أوضح مظاهره بإنشاء غيتو راقي في فلسطين لنحو ٦،٣ مليون يهودي من يهود العالم ، مُطَوَّق بجدار فصل عنصري شاهق الإرتفاع ، وغيتوات بؤس وشقاء مُقامة للفلسطينيين العرب، خَلف الجدار في فلسطين ، وفي البلدان العربية المحيطة بفلسطين.
يا صديقي
التعليق الذي كتبته لي ، جَعَلني أكتب اليك ما كتبت .
أعتقد أنَّي أطَلت ،.. فاٌعذرني إِنْ كان ذلك ما فَعَلت .
لكن هذا هو رأيي


ملاحظة : [[نشر مكتب الإحصاء « الإسرائيلي » معلومات بمناسبة إحياء ذكرى القتلى اليهود في ما تسمى بالمحرقة اليهودية.
ووفقاً لموقع المستوطنين 7 الالكتروني، نقلاً عن الإحصاء « الإسرائيلي »، فقد بلغ عدد اليهود في أنحاء العالم 14.411 مليون يهودي من بينهم 6.335 مليون يهودي يعيشون في « إسرائيل ». و5.7 مليون يهودي في أمريكا، 460 ألف في فرنسا، 388 ألف في كندا ،290 ألف في بريطانيا، 181 ألف في الأرجنتين، 180 ألف في روسيا، 117 ألف في ألمانيا -113 ألف في أستراليا.]]









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟