الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اثخنوك الجراح يا بصرتي الجميلة

رزاق عبود

2006 / 6 / 6
الارهاب, الحرب والسلام


هكذا يتكامل مشهد العنف، يا بصرتي الجريحة، ويتعالى صخبه معريا مؤامرة الصمت، والادعاء، والسكوت، والدجل، ويصطادوك بشبكة ارهابهم، فتشملك ساحة جرائمهم، ويضمك ميدان مؤامرتهم. وتتوهج النيران في شوارع الفيحاء، وتتعالى حرائق الانفجارات اعلى من النخل، ومآذن الجوامع، وابراج الكنائس. ويطغى فيضان القتل، والاغتيال غاسلا بالدم الاحمر القاني دروب، وازقة، واسواق، ومدارس، وساحات المدينة الهادئة. وترتفع الاعلام السوداء على ابواب بيوت المدينة المسالمة منبأة بطاعون جديد. وارتفع دوي المدافع، وازيز الرصاص ليغطي على همس الحب، والاغاني الجميلة، ورقصات الهيوة، وصياح الباعة، وضجيج الاطفال، وعنفوان الشباب، وخرير المياه في بندقية العرب. انها لغة الانتقام، والثار، والحقد البربرية، وادوات الهدم الفاشية الظلامية. لينالوا من رفعة، وسمو، وسمعة المدينة الصابرة، الوادعة، المناضلة، المضربة، المنتفضة، الثائرة.

ينتقمون، ويغارون من تاج الخليج، وجوهرة الشط، ومولدالاحلام، والبساتين. يريدون جرح جبين الوطن كله، وشرخ جبهة الصمود، ولوي ذراع التحدي، وفقأ عين الحارس الامين. يريدون ازالة اكليل الشعر، والادب، والثقافة الذي يزين راس الوطن. يعملون لاطفاء الالق الذي يبعث النور، والشعاع للامل، والحياة الجديدة بلا جلادين، ولا اوصياء، ولا ظلاميين، ولا دخلاء.

البصرة منذ عرفناها، وتربينا، وتعلمنا، ونشأنا، ودرسنا بها، كانت واثقة الخطوات نحو درب الحرية، والتطور، والانطلاق. وذلك الشعب البصري المتسامي فوق الحقد، والنزاع. المتسامح الاخلاق، والطباع. الهادئ في تعامله، وعيشه، وسلوكه. المهذب في حديثه، وقوله، وتصرفاته. الشفاف المتفتح الذهن في علاقاته. الصادق في كرمه، وضيافته، وعزته، ووطنيته، وافكاره. القوي في مبادئه، ومواقفه، ووثباته، وانتفاضاته، واضراباته، ومظاهراته، ونضاله، وصموده.

جاء الغوغاء، واللصوص، والقتلة، وقطاع الطرق، والجواسيس، والمدعين، والملثمين من كل مكان ليسرقوك كما سرقوا كل الوطن. جاءوا لينهبوك، وهم يعرفون انك كنزالوطن المادي، ورصيده في النفط، والماء، والخضرة، والصناعة، والموانئ، والابداع. ومستودع الثقافة الحرة التي لا تداهن، ولا تهادن، ولا تتواطأ مع السفلة، والخونة، والعملاء، ومصاصي الدماء. ومعقل الفكر النير وقلعة الاباء. البصرة رمز في صفاء الضمير، وعمق المحبة، ونموذج الرفض الصريح، والعنيف لكل ممارسات، واساليب مصادرة الحق، وخنق الحرية، وسبي العدالة، وتشويه الجمال، وسرقة ينابيع الحياة.

جاءوا من داخل، وخارج الحدود ليسرقوك، ويغتصبوا بكارة الصفاء، والهدوء، والتسامح، والتعايش، والالفة. جاءوا يضعوا حدا لحياتك مثلما قتلوا ابناءك من قبل: ابو زيتون، وهندال، والسياب، وشاكر محمود، ومحمود البريكان. ومثلما شردوا سعدي يوسف، وعبدالكريم كاصد، ومهدي محمد علي، وطالب غالي، ونازك الملائكة، وفيصل لعيبي، والمئات، والالوف من المبدعين، والمناضلين. لكن احتجاجك الصارخ ابدا، والتمسك بتاريخ ثورة الزنج، وافكاراخوان الصفا، وارث الانفتاح، والتلاقح الحضاري، وقصائد المربد الاصيلة ضيع عليهم اكثر من مرة نية ابتلاعك، او مسخك. لكن الهجمة هذه المرة خطرة، منظمة، دموية، شديدة، قاسية، مستمرة، مداهنة، متسترة بالدين مرة، والمبادئ مرة اخرى. هجمة شاملة، ومتعددة الاطراف، ومتنوعة الاسلحة، ووضيعة الاساليب. فمن ينتصر: قبحهم ام جمالك؟ خبثهم ام صفاءك؟ حقدهم ام حبك؟ غدرهم ام وفائك؟ جبنهم ام شجاعتك؟ قسوتهم ام حنانك؟ ظلمهم ام عنفوانك؟ ارهابهم ام غناءك؟ ضجيجهم ام هدوئك؟ عربدتهم ام موسيقاك؟ كلابهم ام طيورك؟ ذئابهم ام حراسك؟ سيوفهم ام سعفك؟ مدافعهم ام نخيلك؟ فيضانهم ام ضفافك؟ نارهم ام مياهك؟ ظلامهم ام شمسك؟ قنابلهم ام تمرك؟ مفخخاتهم ام ابلامك؟ نعيقهم ام هديلك؟ صلافتهم ام وداعتك؟ سفالتهم ام نبلك؟ لثامهم ام صفاء وجهك؟ موتهم ام حياتك؟ صحرائهم ام بساتينك؟ ذباحيهم ام اطفالك؟ مذابحهم ام جداولك؟ مجرميهم ام شعرائك؟ معاولهم ام عمالك؟ عثتهم ام فلاحيك؟ بخلهم ام كرمك؟ ظلاميتهم ام تسامحك؟ حرائقهم ام منابعك؟ كوابيسهم ام احلامك؟

هل نقول وداعا لبصرة الامس الخيرة، ام ان الابتسامة عائدة لا محالة لثغر العراق الحر؟؟؟

رزاق عبود
4/6/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما رأيك بصبغ الشعر لتغطية الشيب لدى الرجال؟.. الناس ترد


.. طفلة فلسطينية: -نفسي الحرب تخلص ونرجع على دورنا.. ياريت العي




.. 13 قتيلا وجريحا في حادث دهس بمدينة سيول الكورية الجنوبية


.. الحرس الثوري الإيراني يقول إن الظروف غير مهيأة لاستهداف إسرا




.. فرنسا: -الذخائر الموقوتة-.. إرث مسموم من ألغام الحربين العال