الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى سقوط دولة بني عثمان!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2020 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الخلافة الاسلامية !؟ ، محاولة لفهم عصري !!؟
في ذكرى سقوط الامبراطورية العثمانية المسلمة !.
○○○○○○[ حدث في مثل هذا اليوم 3 مارس!؟]○○○○○○○○○○○○○○○○○○
في مثل هذا اليوم من عام 1924 م أعلن (أبو الترك)(مصطفى كمال أتاتورك) سقوط دولة وامبراطورية السلطنة العثمانية المسلمة ! ، ولا أقول هنا كما هو سائد وشائع (دولة الخلافة الاسلامية !؟) ، فتلك الدولة المسلمة التي انهارت كانت ، في تقديري ، دولة العثمانيين ، دولة بني عثمان التي سيطر عليها الاتراك ، وهي تدخل تحت مسمى مرحلة (الملك العضوض) او (الحكم الجبري) التي تنبأ بها النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في حديث منسوب اليه وذكر بأنها ستخلف دولة الخلافة الراشدة التي تكون على منهاج النبوة في الخلق القويم والرشد السياسي ، فدولة العثمانيين المسلمين دولة اسلامية او مسلمة كغيرها من الدول الاسلامية التي قامت وظهرت بقوة السيف والتغلب عبر التاريخ والجغرافيا ثم سقطت واندثرت كدولة بني أمية ودولة بني عباس ..الخ.... فكلها ، عربية أو غير عربية ، دول وممالك وسلطنات مسلمة وراثية ديكتاتورية جبرية ولكن لا يمكن اعتبارها تجسد مفهوم وقيم دولة الخلافة الاسلامية كما وصفها النبي وحاول الخلفاء الراشدون تجسيدها في زمانهم حسب امكانيات زمانهم ! ، ففي دولة الخلافة الراشدة تختار الأمة بالشورى وبكامل ارادتها ووعيها ورضاها من يقودها ويخدمها باعتباره هو الخادم العام لها وهي المخدوم وليس هو الحاكم وهي المحكوم ! ، بل الجميع في دولة الخلافة الاسلامية الراشدة السليمة يكونون محكومين ويقعون تحت حكم الشرع وحكم العقد الاجتماعي والسياسي للامة (الدستور)(وأمرهم شورى بينهم)(المسلمون عند شروطهم) فذلك هو مفهوم وروح دولة الخلافة الاسلامية الراشدة ، اما ما قام منها على التغلب او الوراثة فهي دولة مسلمة تلتزم بالشرع حسب طاقتها وحسب اخلاق وقوة ايمان حكامها وملوكها وشعوبها ولكنها ، مع هويتها الاسلامية العامة ، تظل دولة حكم جبري او ملك عضوض لا دولة خلافة راشدة ! .

عموما ، ففي مثل هذا اليوم سقطت دولة وامبراطورية السلطنة العثمانية المسلمة بعد ستة قرون من الملك العضوض و التي كانت في تلك الحقبة من القرن العشرين قد ساءت احوالها وفقدت حيويتها وقوتها حتى اصبح المستعمرون الاوروبيون المتحفزون على نهش اطرافها يسمونها بالرجل المريض او بمعنى ادق (الرجل العجوز المحتضر !) الذي يعاني من الموت السريري كما كان حال امبراطورية الاتحاد السوفيتي في آخر عمرها القصير ! ، وفي داخل اعماق هذه الدولة العثمانية المسلمة كانت الحركة القومية التركية الطورانية العلمانية الصاعدة تكتسح عقول الاتراك وقلوبهم الى ان احكمت سيطرتها على مؤسسات الدولة والرأي الشعبي العام بينما كان العالم العربي خصوصا في المشرق يتململ وينتفض ضد ديكتاتورية وبطش الاتراك ومحاولتهم فرض سياسة التتريك وفرض الهوية العثمانية والتركية بالقوة على العرب ! ، فكانت الثورة العربية الكبرى بقيادة والي مكة (الشريف حسين) التي استغلها الانجليز وامتطوها كعادتهم وخبرتهم في امتطاء الاحداث ومحاولة تسخيرها لتحقيق اغراضهم واهدافهم ومصالحهم الاستراتيجية ! ، حيث استغلوا فرصة تضعضع قوة العثمانيين وتململ العرب ورغبتهم في التحرر من سيطرتهم الغاشمة ! ، وركبوا موجة الثورة العربية في الشام والعراق والجزيرة العربية اولا لتوجيهها ضد دولة الرجل المريض ، اي دولة السلطنة العثمانية المسلمة ، وثانيا ضد خصمهم الاستعماري الفرنساوي المنافس لهم على نهش أكبر قدر ممكن من مستعمرات هذا الرجل المريض ( الامبراطورية العثمانية المسلمة) ، وهكذا ، ووفق سنن الله في خلقه ، انهارت دولة بني عثمان المسلمة ليحل محلها حكم قومي تركي علماني قوي أزاح الشريعة والهوية الاسلامية عن تركيا وفرض العلمانية وكتابة اللغة التركية بحروف لاتينية بعد ان كان العثمانيون يكتبونها بالحروف العربية !! .

علينا نحن العرب والمسلمين اليوم ان نعيد قراءة وكتابة تاريخنا القديم والمعاصر بشكل جديد ودقيق وعميق بعد أن نحرر عقولنا من الهيام المطلق مع نظريات المؤامرة وعقدة الاضطهاد ولعب دور الضحية المسكينة المغلوب على امرها ! ، وان ننظر لتاريخنا ، وكذلك حاضرنا ، بشكل واقعي وبطريقة عادلة ومعتدلة قدر الامكان بلا افراط ومبالغات وتقديس للذات ولا تفريط في ثوابت هويتنا وجلد للذات! ، كما علينا ان نسمي الامور وفق مسمياتها الموضوعية الصحيحة ، فالاسماء الخاطئة تزيف حقائق الاشياء وحقائق التاريخ في عقول الاجيال الجديدة ! ، فالتاريخ هو ذاكرة الأمم والشعوب ، والذاكرة هي اساس الشعور بالهوية ، فمن يتعرض الى فقدان او تشوه ذاكرته ، ولو بتشويه الاسماء والمصطلحات ، سيتعرض الى فقدان او تشوه هويته ، حاله كحال من اصيب بمرض فقدان الذاكرة او داء شيخوخة خلايا الذاكرة (الزهايمر) !.. وما يسري على الفرد في هذا الخصوص ، اي ارتباط الهوية بالذاكرة ، يسري على الشعوب!.

وبقدر حزننا على سقوط الامبراطورية العثمانية المسلمة وتفككها فإننا نتفهم ونفهم الاسباب الكونية لسقوطها اذ ان المؤامرات الغربية لنهشها ليس هي السبب الاساسي في سقوطها وانهيارها كما قيل لنا بل هي الحلقة الاخيرة في مسلسل الانهيار الذاتي وفق سنن الله في الدول المجتمعات التي تفقد الحيوية والمرونة والقدرة الضرورية على اعادة تشكيل ذاتها وتطوير مهاراتها وتعديل وتجديد وسائلها وفق المتغيرات والمستجدات التي تخلقها آلية التقدم العلمي والتقني المطردة ! ، كما اننا مع حزننا واسفنا على سقوط تلك الدولة والامبراطورية المسلمة العظيمة نرفض اعتبار دولة بني عثمان سواء في عز شبابها وازدهارها او حتى عند شيخوختها وانهيارها هي دولة الخلافة الاسلامية كما فهمناها من تعاليم الله ورسوله في الشأن العام ومن تطبيقات الخلفاء الراشدين بل هي في حقيقتها ليست سوى صورة من صور دول الملك العضوض والحكم الجبري كما هو الحال في زماننا ! ، هي دول مسلمة لكنها ليست دولة الخلافة الاسلامية كما طبقها الخلفاء الراشدون ، رضي الله عنهم ، بحسب امكانيات عصرهم وحضارة زمانهم والتي جوهرها أن (الخليفة ليس هو حاكم الامة ولا سيدها بل هو خادمها الاجير وأن الامة هي المخدوم) ، فالسلطات او الولايات العامة هي ملك للامة تماما كما ان المال العام والثروات الجماعية العامة هي من ممتلكات ومال الامة ، حيث أن الامة مستخلفة في السلطان العام والمال العام عن الله تعالى الملك الحق والحقيقي والمالك الحق والحقيقي للمال والسلطان ! ، وبالتالي فالخليفة هو عامل مستخدم عند الامة ، تستعمله الامة وفق شروطها لخدمتها وخدمة دولتها وحراسة هويتها وثروتها الجماعية الوطنية العامة وتحقيق العدل فيها وتحقيق عزتها ، الخليفة هو عامل المسلمين وخادمهم العام وليس حاكمهم وملكهم وسيدهم الجبار ! ، اذ ان الملك ، برفع الميم ، هو للامة لا لفرد او لعائلة ، والحاكم الفعلي هو شريعة الله بفهم الفقهاء والعلماء المجددين المستنيرين المعاصرين حسب معطيات وحاجات زمانهم ومكانهم ، هذا هو روح ومفهوم الخلافة في الاسلام ، وأما شكل الخلافة فيتجدد بتجدد الظروف والاحوال وبتطور تجارب البشر السياسية ، ومن هنا نرى ان (الديمقراطية) المحكومة بأخلاقيات وتعاليم الاسلام من جهة وشروط الامة المتجسدة في دستور مكتوب هي التجسيد العصري للخلافة الاسلامية وليست تلك الصور القديمة التي كانت ابنة ظروفها التاريخية والحضارية ! ، فهذا هو مفهوم الخلافة الراشدة وهذا هو التجسيد العملي والشكلي المعاصر لها في زماننا ، اي ان معاني ومقاصد نظام الخلافة يمكن ان تتجسد في صورة دولة ديموقراطية مسلمة ! ، ديموقراطية ليست علمانية بل محكومة بالاسلام حيث يكون الاسلام هو دين هذه الدولة الديموقراطية المسلمة وهو المصدر الاساسي في وضع الدستور وسن القوانين ، وغير هذا اما انه حكم قومي علماني كحكم الأتراك الطورانيين بقيادة مصطفى كمال أتاتورك ، او حكم اسلامي ديكتاتوري مستبد على غير نهج الخلافة الراشدة بالمفهوم الذي ذكرناه ، بل هو حكم جبري او ملك عضوض ! ، اذ أن مفهوم (الخلافة) وجوهرها هو أن يكون الملك ملك الامة والمال مال الامة تستخلف فيه من تشاء كما تشاء وفق شرع الله من جهة ومن جهة اخرى وفق شروطها التي تضعها على من توليهم امرها العام وتستخدمهم كخدم وموظفين عموميين يقومون على خدمتها وكقادة محكومين بشرع الله ودستورها السياسي لقيادة دولة الامة وفق منهج مرسوم الى أجل معلوم! ، هكذا يمكننا فهم نظام ونظرية الخلافة الاسلامية في زماننا وبشكل عصري يتناغم مع ثوابت هويتنا الدينية من جهة ومن جهة ثانية يتناغم مع مقاصد ووظائف مفهوم الخلافة ذاتها ومن جهة ثالثة يتمشى مع تقدم وتعقد الحياة وتغير الظروف الحضارية والمعطيات العصرية وتراكم الخبرات السياسية للمجتمعات البشرية ! .. والله هو خير مرشد وهو خير معين.
ك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا يزال وهم وخرافة الخلافة الراشدة
عدلي جندي ( 2020 / 3 / 3 - 18:11 )
يسيطر ع عقول شعوب غادرت عصور التكنولوجيا بسبب تغلب ثقافتها الدينية واعتقد ليس هناك أمل ف القريب العاجل ان يتغير الوضع طالما تظل النخبة قابعة ف جبة رسولها او تتمتع بالسلطة والمال كما وفي حال رجال الازهر
١-;-٤-;-٠-;-٠-;- عام وتزيد ولا يزال الوهم قابع والعقل خانع
تظل دولة حكم جبري او ملك عضوض لا دولة خلافة راشدة ! .
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

اخر الافلام

.. القصف الإسرائيلي يجبر سكان أحياء شرق رفح على النزوح نحو وسط


.. عرض عسكري في العاصمة الروسية موسكو بمناسبة يوم النصر على ألم




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بعد عودة وفد التفاوض الإسرائ


.. مستوطنون يغلقون طريقا بالحجارة لمنع مرور شاحنات المساعدات إل




.. مراسل الجزيرة: جيش الاحتلال يواصل السيطرة على معبر رفح لليوم