الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتحر وحدك بعيدا عنّا

موفق الرفاعي
كاتب وصحفي

(Mowaaffaq Alrefaei)

2020 / 3 / 4
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


المراقد الدينية والجوامع في العراق، ليست أقل كثافة بشرية من المدارس والجامعات التي أغلقت بقرار من وزارتيّ التربية والتعليم العالي العراقيتين.
على الوقفين السني والشيعي العراقيين، إغلاق الجوامع والمراقد وتعليق الصلوات والزيارات. كما على رجال الدين الدعوة إلى التوقف عن زيارتها، حتى لو تطلب ذلك إصدار فتوى ملزمة لمقلديهم.
هناك من يروّج اليوم إلى حملات لزيارة تلك المقامات تحديا لفيروس كورونا.
كورونا فيروس خطير. والكارثة إنه يصيب الجميع عن طريق العدوى، سواء من ذهبوا لتلك الزيارات أو من احترموا عقولهم ولم ينساقوا وراء تلك الدعاوى.
جميعنا في سفينة واحدة ولا يحق لأحد أن يقول، أنه عندما يثقب فإنما يثقب المكان الذي هو فيه.
وإذا لم تستجب الجهات المعنية لذلك فعلى الحكومة إغلاق تلك المراقد بالقوة ومنع الزائرين الاقتراب منها أو شد الرحال إليها وبالقوة كذلك.
أمس استجابت المنظمة الدولية، إلى مخاوف أعضائها من انتقال الوباء عبر اجتماعاتها الدورية. فأدخلت تعديلات على ثاني أكبر اجتماعاتها السنوية للجنة وضع المرأة والذي كان سيشارك فيه ما بين 10 آلاف و12 إلف شخص من جميع دول العالم وحصر الحضور بالمندوبين الدائمين والسفراء الموجودين اصلا في نيويورك بدلا من إرسال وفود رفيعة المستوى من 193 دولة. على أن يقتصر الاجتماع على يوم واحد بدلا من 11 يوما وهي المدة المعتادة لهذا المنتدى.
في حوار مع أحدهم يحتج بالآية على استحالة أن تكون مراقد ائمة أهل البيت وسيطا لنقل العدوى بالآية القرآنية.. "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا". وهو في احتجاجه هذا، يكشف عن جهل فاضح. فهو من جهله حتى بالصياغات القرآنية، لا يمكنه التمييز بين التطهير والتعقيم وبين الرجس والفيروس. وهو حتى لا يستطيع التمييز بين أهل البيت وبين مباني مراقدهم وزائريها.
السعودية علّقت العمرة وهي فريضة دينية، وربما تعلّق فريضة الحج هذا العام لو استمر الوباء.
وها هو الحرم المكيّ، كما تنقل لنا الصور، يخلو لأول مرة منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من المتعبدين والمتنسكين.
قبل أيام، شاعت مقاطع فيديو لرجل في مدينة قم الإيرانية وهو يلعق شباك أحد تلك المراقد، تحديا لفيروس كرونا كما يزعم. وآخر لم يكتف بلعق الشباك بل اصطحب معه طفله ليلعق معه. وهذا الأخير لو كان في دولة تحترم نفسها وفيها قوانين تحمي الطفولة والصحة العامة، لكانا وُضِعا بالحجر الصحيّ، قبل أن يودع الأب في السجن بتهمة نشر الفيروس ولفصلوا طفله عنه وأودع إحدى دور رعاية وحماية الطفولة.
إنه وباء مميت، سريع الانتشار، وليس مجرد مزحة ليتم التعامل معه بهذه الخفة أو بالعناد والتحدي والمناكفة.
هو وباء، للآن لم يُكتشف له لقاح للوقاية منه ولا علاج للأعراض القاتلة التي يسببها. وحتى لو اكتشف مستقبلا فسوف يستغرق تصنيعه وطرحه، ما بين 9 شهور و12 شهرا في افضل الأحوال، حسب منظمة الصحة الدولية ومراكز البحوث المُعتبرة والمتخصصين.
في بلداننا، ما زال منظر من يحرص على وضع الكمامة الواقية، يثير السخرية والاستهزاء وربما الضحك. ولهذا يتجنب كثر منا استخدامها.
في بلداننا، ما لم تحضر مجلس عزاء فستكون عرضة للعتب وربما للمقاطعة.
في بلداننا، ورغم كل التحذيرات، عندما نلتقي بمن نعرف وبمن لا نعرف، نلجأ إلى احتضانه وتقبيله.
هل بلغ بنا الاستهترار إلى هذا الحد وإلى هذه اللامبالات بصحتنا وأرواحنا وصحة وأرواح الآخرين؟ أم هل نسعى إلى الخلاص، عبر الانتحار بوباء هو الأخطر من بين كل الأوبئة المعاصرة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمات سودانية: مشروع من أجل تعزيز الصحافة المحلّية في السودا


.. فراس العشّي: كاتب مهاجر من الجيل المطرود




.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن