الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا ما جناه ملوك الطّوائف من -ديمقراطية بريمر-

طريق الثورة

2020 / 3 / 4
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لم يقدر النّظام الطّائفي الرّجعي في العـراق على تجاوز أزمـته وعلى النّجـاح في وضع حدّ للاحتجاجات الشّعبيّة المنجرّة عن الازمة الاجتماعيّة للطّبقات الكادحة في هذا البلد. فقد تخلّى رئيس الـوزراء المكلّف بتشكيل الحكومـة عن مهمّته بعد أن كان مقرّرا التّصويت عليها في البرلمان يوم أمس الأحد 1 مارس 2020، ففي آخر لحظة وجّه رسالة إلى رئيس الدّولة معلنا فيها اعتذاره عن تقديم تشكيلته الوزاريّة إلى أعضاء البرلمـان وذلك بعد ان تأكّد أنّها لن تنال الثقة بعد أن أدرك معارضة الكتل السنيّة والكرديّة. وهذا التخلّي يؤكّد أنّ المحاصصة الطّائفيّة هي التي تتحكّم في الحياة السياسيّة الرّسمية التي تتحكّم في البلاد، وهي محاصصة داخليّة ترتبط بموازين قوى خارجيّة أوصلت البلاد والمجتمع إلى أزمة حادّة لم يعد في مقدور النّظام الحاكم حلّها بل إنّ هذه الأزمـة انتقلت بشكل واضح إلى المؤسسات الحاكمة نفسها التي أصبحت تتخبّط في مشاكلها الدّاخليّة تتقاذفها الصّراعات والخلافات. وبالتّالي فإنّ النّظام العاجز عن إيجاد حلّ للصّراعات التي تشقّه لن يكون قادرا على حلّ الأزمـات الاقتصاديّة والاجتمـاعيّة التي تحاصره.
وفي ظلّ هذه الأزمـة التي يعاني منها النّظام يتزايد الضّغط الشّعبي في الشّوارع والسّاحات رفضا للمحاولات اليائسة نحو ملء الفـراغ الحكومي بالاعتماد على نفس الآليات القديمة القائمة على ترضيات ممثّلي الطّوائف الذين لا يمثّلون في النّهاية إلاّ دمى تحرّكها قوى إقليميّة وعالميّة خارجيّة. وقد كان للانتفاضة التي اندلعت منذ شهر أكتوبر الماضي الدّور الحاسم في تعريـة الطّبيعة اللاوطنية واللاشعبيّة للنظام وتمكّنت من إجهاض كلّ محاولات القضاء على جمرة الاحتجاج والغضب سواءً بالرّصاص والنّـار والاغتيالات او بتقديم بعض التنازلات السياسيّة أو عقد المـؤامرات، وحتّى بعض التدخّلات الخارجيّة لم تقدر على إسكات صوت الانتفاضة أو احتوائه. فالجماهير المنتفضة التي قدّمت مئات الشّهداء والشّهيدات وآلاف الجرحى والمعتقلين والمخطوفين رفعت شعار الوطن وإسقاط النّظام في تناقض تامّ وواضح مع الرّجعيّة الحاكمة التي باعت الـوطن وسمحت بنهب ثرواته وتقسيمه إلى مرجعيّات دينيّة وطائفيّة واثنية ووزّعت الغنـائم في ما بينها.
ويحـاول النّظام من جديد أن يحلّ أزمته الدّاخليّة، ويبدو أنّه لن يتخلّى عن المقاييس القديمة التي دأب على استعمالها، لذلك يتّجه رئيس الدّولة إلى تكليف شخصيّة أخرى في ظرف أسبوعين للقيام بتشكيل حكومة، وذلك عمـلا بنصوص الدّستور. ولكنّ الدّستور الذي سيتمّ الاعتماد عليه هو نفسه الدّستور الذي وضعته تلك الائتلافات الطّائفيّة الحاكمة بإشراف مباشر من الامبريالية الأمريكيّة ومن حلف النّاتو وطبعا لن يقدر هذا الدّستور على إخراج الحكّام من المـأزق الذي رمت بهم فيه الانتفاضة الشّعبيّة.
لقد غرق خلفــاء بريـمر، الذي "جلب الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان" من وراء البحار ليزرعها في تربة العراق، في ما زرعه ذلك الحاكم من خيرات فجنوا السّلطة السياسيّة وتحصّلوا على نصيبهم من الثّـروة والنّفوذ التي وزّعوها على عائلاتهم ومريديهم وصنعوا ميليشيات مسلّحة تحميهم من "أعداء الفسـاد" مع وفائهم لأسيادهم في الخارج الذين يواصلون نهب النّصيب الأكبر من ثروات الشّعب العراقي تطبيقا لمقولة بريـمر "العراق قطعة من قلبي". وإذ نجح هؤلاء في مشروعهم فإنّ ذلك النّجاح مؤقّت لأنّ الثروة التي كدّسوها والغنيمة التي اقتسموها أصبحتا مصدرا للصّراع الدّاخلي بينهم في ظلّ بلد بلا سيادة وشعب يعاني التّجويع والتفقير والتّجهيل. فقد ساهم بريمر وخلفاؤه في رسم حاضر ومستقبل أسودين لأبناء الشّعب وبناته معتقدين أنّ "ديمقراطيتهم وحقوقهم" ستحجب على الجماهير الكادحة الوعي بواقع الاضطهاد والاستغلال الذي يكبّلها وواقع الاستعمار الذي يهيمن على الـوطن وبالتّالي لم يتوقّع هؤلاء أن ينهض أولئك الكادحون والكادحات ويهبّوا إلى الشوارع والسّاحات ليفتكّوا وطنهم وثرواتهم من الأيادي المغتصِبة ويقدّموا التضحيات تلو التّضحيات ويكسّروا الأغلال التي تكبّلهم من أجل غد أفضـل.
ويبقى الحلّ الوحيد للقضاء على الأزمـة السياسيّة والاجتماعية والاقتصاديّة بيد الشّعب الثّـائر حين يتّحد ويوجّه أسلحته نحو تحطيم النّظام القائم بمختلف أجهزته ومؤسساته ويشرع إثر ذلك في بناء نظام وطني ديمقراطي شعبيّ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضباط شرطة يدخلون كلية مدينة نيويورك لاعتقال وتفريق المتظاهري


.. اقتحام الشرطة الأميركية جامعة كولومبيا واعتقال العشرات من ال




.. شرطة نيويورك تعتقل عددا من الطلاب المتظاهرين في جامعة كولومب


.. الشرطة في جورجيا تشتبك مع متظاهرين خرجوا ضد مشروع قانون -الع




.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا وتعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطيني