الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبض الكيبورد في حديقة الكتابة

احمد جمعة
روائي

(A.juma)

2020 / 3 / 4
الادب والفن


الكتابة تشعرني بأنني حي.
حديقة الكتابة تأخذني لكون خارج المحيط تشغله فصول الكتابة الموزعة على الرواية والعمود الصحفي والخطاب السياسي والكتابة الحرة في أي مناخ وظرف، هذه الفصول تلازمني مثل الربيع والصيف والخريف والشتاء، لكل فصل مذاقه، فيه نكهة البحر أو المطر أو الرطوبة أو رائحة النرجس، لكن تظل الراوية كفصل الخريف الذي أبدأ فيه كل سنة لحناً جديداً يحمل معه غلافاً لرواية جديدة تحلق مع رواياتي الأخرى اللاتي وَلِدنَ من كل خريف مضى.
حديقة الفصول تمتلئ بالموسيقى المرافقة، فحين أشتغل بالرواية تسيل الموسيقى كخرير الماء من بين الصخور ما يلبث أن ينساب معها موزارت وتشايكوفسكي وفوكنر ورمسكي كورساكوف، ورحمانينوف، بتهوفن، وشتراوس، باخ وغيرهم، ترافق الألحان أصابع اليد وهي تعزف الأخرى على الكيبورد جملاً وفقرات تتناسق حتى يتشكل هيكل الرواية ليبدأ النسيج يتوالى.
حين أعكف على كتابة العمود الصحفي يغريني بياض الصفحة بفتح جراح الكتابة على فصل من الفصول وأشبهه بالصيف حيث الحرارة والرطوبة والسباحة والغيوم الصافية تغريني مرة أخرى بمرافقة صوت فيروز وربما غيرها كعبدالوهاب وأم كلثوم لمجرد الرفقة خلال إحتدام الأصابع وهي تنقش المقال في أي اتجاه يَصْب وأين يُصيب؟ وعادة ما يكون خشناً وجارحاً ولكنه يداوي جروح الوطن الذي أُثْخِن هو الآخر بالجراح خلال المراحل المتلاحقة والمؤامرات المتواصلة، يأخذ المقال أو العمود الصحفي مجراه خلال الأسبوع مرتين أو ثلاث، هو سهل وسلس ولا يحتاج لسوى دقائق ينضج خلالها ويصبح جاهزاً لسفره عبر البريد الالكتروني.
يستدعيني البيان السياسي أو الخطاب السياسي بصفتي أعيش في فصل الشتاء وهو عالم السياسة النابض بالغيوم والسحب الكثيفة منها البيضاء والسوداء والداكنة والكثيفة والمتفجر بالأمطار والبرق والرعد، هذا هو عالم السياسة مثل الشتاء لا تثق متى يأتيك الزمهرير؟ ويفرض عليك الخروج حتى لو كنت على حافة الفجر أو عند منتصف النهار لا فرق في عالم السياسة، إلا حين تتنازل عن الوقوف في منتصف الطريق وتتلفت حولك لتتأكد من أن لا أحداً هناك يتربص بك ليطعنك من الخلف، تحمي حياتك المشتعلة دائماً بالحراك عبر الكتابة وهي البوابة التي منها تعبر للموقف والقرار.
أما الربيع فهو البساطة والزهو والبهجة والكتابة الحرة في أي اتجاه، سواء كان رسالة لصديق أو كلمات محلقة في فضاء حر لا يحدها سواء رغبة التوصيل، الكتابة الحرة تشمل كل ما يغريك الكيبورد أن تخطه أو تطلبه اللحظة منك، وأجمل ما في ربيع الكتابة هو الجمال والحرية وعدم الالتزام بتوقيت أو حدود، أينما وَجَدت الوقت أكتب.
حينما أغادر فصل العمود الصحفي وأهرب لساحة الرواية أشعر برغبة في تحطيم الحدود ورسم الخرائط من جديد، في العمود الصحفي أكتب أفكاراً وفي الرواية أكتب مشاعر وأحاسيس، المقال أنا أَكتبه ليصيب شيئاً ورد في بالي وفي الرواية هي التي تكتبني، أختزل الأمر أنا أكتب العمود و الرواية هي من تأخذني في عالم كوني أذوب فيه مع أسرتي التي هي أبطالها.
في النهاية الكتابة هي فصولي الأربعة بزمن الكتابة الذي أولد منه كل دقيقة وأتنشق هواء الحروف والكلمات وموسيقى الروح بنبض الكيبورد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محلناش حاجة.. انهيار طالبات الثانوية العامة عقب انتهاء امتحا


.. صباح العربية يرشح لك أفلاما تستحق المشاهدة




.. نظرة الغرب للثقافة السعودية تغيرت في السنوات الأخيرة


.. بدء امتحان اللغة الأجنبية الأولى للثانوية العامة..التعليم: و




.. عمرو الفقي: التعاون مع مهرجان الرياض لرعاية بعض المسرحيات وا