الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكورونا... والعمى

رحمن خضير عباس

2020 / 3 / 5
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات



كتب خوسيه ساراماغو روايته العمى. والتي تدور أحداثها في مدينة ما من هذا العالم ، ولكن العمى الذي تخيله الكاتب شديد الشبه بكورونا، من حيث العدوى وإثارة الرعب بين الناس. وذلك لأن العمى ظلّ ينتقل بشكل سريع بمجرد اللقاء بالمصاب إو الاقتراب منه. مما جعل السلطات تلجأ إلى حجرالمرضى العميان ،وعزلهم ومعاملتهم بشكل لا إنساني ، فقد تم نفيهم إلى أماكن معزولة ، وارسال ما هو ضروري لهم. وبمرور الوقت تبدأ أعراف جديدة بين ضحايا المرض. ، فيحاول البعض منهم ابتزاز البعض الآخر واضطهاده من أجل الحصول على مأكله. لقد كوّن الضحية سلطته وأصبح جلادًا ومتسلطا .
وهذا ليس غريبا علينا ( كعراقيين)، فالذين يدّعون مظلومية الأمس ، قد أصبحوا جلادين ومتسلطين وظالمين أكثر من جلادهم. لذلك فقد قاموا بقتل وجرح وتعذيب المقهورين من شباب العراق الذين انتفضوا ضد ظلمهم وتخلفهم واستهتارهم بالوطن.
ورغم أنّ الرواية تجنح إلى خيال محض ، ولكنها ذات أفق فلسفي ، تتحدث عن العمى الفكري والمعرفي ، عن ضعف الانسان وعزلته ، وعن تحوّل الضحية إلى متسلط .
وإذا كان وباء العمى حسب الرواية يرمز إلى عمى البصيرة ، والذي لخّصتْه زوجة الطبيب ،وهي الوحيدة التي لم يصبها العمى بقولها :
" لا اعتقد بأننا عمينا ،بل أعتقد أننا عميان يرون "
الكورونا التي اجتاحت العالم الآن. كشفت عن حالة عمى شاملة أصابت العالَم. حيث الحروب المستمرة في كلّ مكان ، وحيث انتهاك لعذرية الطبيعة الأم، التي أسئنا إلى معاييرها وتوازنها الطبيعي في عبث ممنهج ، كتلويث الطبيعة ، باقتلاع غاباتها وتدمير أرضها وتسميم المياه بكيمياوية التصنيع. وتلويث البحار والبيئة والهواء .
ففي الوقت الذي يتم رصد الأموال الأسطورية في تجارة الأسلحة التي تفتك بالإنسان والطبيعة ، لا يتم سوى رصد النزر اليسير من الميزانية للبحث العلمي ، هذا بالنسبة للدول المتقدمة ، أما دولنا التي تعتمد على ريع الطاقات الناضبة ، فأمره يدعو للرثاء ، فليس هنلك بحث ولا خطط ولاتدبير. عالم يعيش على الصدفة ، لا يرى دربه ففقد البصر والبصيرة.
مرض الكورونا شكّل مفاجأة للجميع ، وأثبت لنا بوجوب مراجعة قناعاتنا الجاهزة وحساباتنا الخاطئة . فالصين هذا البلد العملاق صاحب السور العظيم. والذي يمتلك نسبة سكانية تفوق بني الأرض جميعا. كما يمتلك تجارة هي الأكبر في العالم في كل شيء ، في نفوسه ودقة عمله وكثرة مصانعه ووفرة تجارته وضخامة بنائه. هذا البلد العظيم وجد نفسه تحت رحمة فيروس لا يرى الا بواسطة المجهر . فكيف بنا ونحن غير قادرين على خياطة جواريب أحذيتنا ؟
لقد أفرزت الكورونا ظهور بعض التمييز العنصري ضد الآسيويين ، وكأنهم قد صنعوا هذا المرض وصدّروه إلى غيرهم ، مع أن الصين وبعض الدول الأسيوية تقوم بأدوار بطولية ، لمحاربة هذا المرض والحدّ من انتشاره. وهي بريئة منه ، لأن هناك طفرات في تطور الفايروس ،ولا علاقة لهذه الطفرة بمكان دون آخر. فطاعون فرنسا قبل قرنين ليس فرنسيا ، والحمى الاسبانية لم تُصنع في مدريد .
لقد عرّت الكورونة فكرة المقدس ، والمتمثل بالأضرحة أو الأديرة أوالمعابد. والتي يحج لها الناس لطلب المُراد، في الصحة والعافية والرزق. لقد أصبحت هذه الأماكن الدينية غير قادرة على وقاية نفسها من عدوى الأمراض ، فعمدوا إلى رشّها بأنواع من المعقمات .لذلك فطلب الصحة ليس بالأماكن الدينية وانما بالمستشفيات. وبالتوعية الفكرية والصحية.
لقد كشفت الكورونا زيف الكثير من رجال الدين، واعني الذين يتاجرون به ،فهؤلاء الذين صدعوا رؤوس اتباعهم بالمفاهيم الغيبية. هؤلاء اقتنوا الكمامة ونصحوا اتباعهم بقراءة الأدعية!
ستنتهي محنة هذا المرض قريبا، كما انتهت امراض واوبئة ، فتكت بالبشرية ، وحصدت الملايين من البشر .
ولكن نهاية أيّ وباء لايتمّ بالتمني ، وانما بتكثيف الجهود العلمية ،والبحوث المختبرية من أجل إيجاد اللقاح المناسب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كورونا والمنطق (1)
عامر سليم ( 2020 / 3 / 5 - 06:55 )
ألمنطق وعناوين الأخبار.
في مسرحية - مدرسة المشاغبين- تسأل الأستاذه طلابها سؤال المسرحيه الوحيد : ماهو المنطق؟
في حينها اعتبرنا السؤال ساذجاً وسخيف ليشغل هذا الحجم لدى طلاب الثانويه, وكان هذا نفس تصور طلبة المسرحيه والدليل بأستجابتهم الساخره له.
وبعيداً عن الجواب الساخر - لمرسي الزناتي - الطالب المشاكس الصايع المترف والغبي , ندرك بعدها ان المنطق هو بالحقيقه سؤال كبير وهو روح التعليم واساس بنيانه .
المنطق بتعريفه المختصر المختزل , هو طريقة التفكير السليم في الأستقراء والأستدلال والأستنتاج وربط قوانين المعرفه الحقيقيه للوصول الى الفكره المطلوبه ومن ثم طرح القراءه المستحصله دون الحاجه الى حيلة الأجتهاد والتفسير والتأويل والتلاعب بالألفاظ والتوريه واللف والدوران.
الفكر الديني والميتافيزيقي هو عكس المنطق بالتمام والكمال وبالضد منه, ففي تراثنا قول مشهور - ”من تمنطق فقد تزندق“ أي ان هذا الفكر لايمكن سبر اغواره بالمنطق ولكن بالأيمان والقناعه ودون إعمال وإشتغالات العقل والتفكير.
حسناً لنضرب مثلاً حياً يشغل الجميع هذه الأيام ونربطه في هذا الموضوع .
بسبب فايروس كورونا نقرأ في عناوين الأخبار
يتبع


2 - كورونا والمنطق (2)
عامر سليم ( 2020 / 3 / 5 - 06:59 )
السعوديه تعلن رسمياً وقف زيارات العمره.
إيران تعلن الغاء صلاة الجمعه و زيارة الأماكن المقدسه وخاصة مدينة قم.
العراق يوقف الزيارات الى المراقد الدينيه في كربلاء والنجف.
الفاتيكان في إيطاليا تلغي قداسات وفعاليات دينية لمناسبة بداية الصوم الكبير.
ماذا يقول لنا المنطق في عناوين هذه الأخبار؟
الله يعجز عن حماية ضيوفه وزوار بيته من هذا المرض, ويعجز عن حماية الذين يصلّون له جماعه , ويعجز عن حماية الصائمين له في الفاتيكان .
في حين يعجز الأئمه والأولياء والصالحين في شفاعة زائريهم لأنقاذهم من العدوى والمرض, هذه الشفاعه التي يلجأ اليها ملايين الزائرين كل عام!.
أو ان الله والأئمه والأولياء والصالحين يمتنعون عن حماية زائريهم ومؤدي الشعائر لأنهم منافقون يقولون ما لايفعلون!
خياران منطقيان, احلاهما مرْ.
أما ماذا يقول لنا اللامنطق سنتركه لمن يتمتع بخيال واسع في التأويل والتفسير والتحايل ومشتقاتها من اللف والدوران ..الخ.
نتمنى الشفاء للمرضى من هذا الداء , وكلنا امل بالعلماء والباحثين والمجتهدين المختصين ان يجدوا اللقاح الشافي له , كما هو ديدنهم في انقاذ البشريه مرات و مرات.
ويبقى - الأنسان أثمن رأسمال -.

اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران