الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انسحاب القوات المتعددة الجنسيات

طارق الحارس

2006 / 6 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لماذا يطالب بعضهم بانسحاب القوات المتعددة للجنسيات من العراق بلا جدولة ولا قيد ولا شرط ولا تأخير ، تلك القوات التي يصر هذا البعض على تسميتهم بقوات الاحتلال مع أن التسمية الرسمية للحكومة ( حكومة العراق المنتخبة من قبل الشعب ) والتسمية الدولية ( هيئة الأمم المتحدة الأمم ) هي القوات المتعددة الجنسيات ؟ .يصر هذا البعض على هذه الفكرة بالرغم من أن الظروف الأمنية لا زالت سيئة جدا .. هل هي مزايدة بين هؤلاء والأغلبية من أبناء الشعب العراقي على الوطنية ، على حب العراق . لا يطرح البرلمان العراقي الذي أنتخب من قبل أغلب العراقيين هذه الفكرة .
أضع بين أيديكم نموذجا يطرح هذه الفكرة هو الكاتب حسن العاني الذي يكتب عمودا في جريدة الصباح الجديد التي تصدر في بغداد .
حسن العاني يطرح فكرة خروج هذه القوات من العراق بلا جدولة أو قيد أو شرط ولا تأخير ويضع سؤالا حول هذا الموضوع الخطير بطريقة مبسطة تصل الى حد السذاجة أو هي محاولة للضحك على ذقوننا . يضع العاني هذا السؤال في مقالة عنوانها " لست معتوها " نشرت في جريدة الصباح الجديد بهذه الصيغة :( ماذا سيحصل أكثر مما حصل لو انسحبت هذه القوات؟ هل يسوء وضع الكهرباء مثلاً ؟ هل تسوء أوضاعنا مع النفط والبنزين والغاز، أم هل يستشري الفساد المالي والاداري أكثر من استشرائه حتى أصبحت الرشوة هي الشيء الوحيد الذي يخضع الى تسعيرة رسمية ؟ ).
نحن نتساءل : هل هذه هي مشاكل العراق وأهل العراق حاليا .. هل هذه هي معاناة أهلنا الحقيقية ... هل وضع الكهرباء أو وضع النفط والبنزين والغاز أو الفساد المالي والاداري أو الرشوة هي المشاكل التي يعاني منها المواطن أم أن هناك مشكلة أكبر من هذا وذاك .. وهل أن وجود هذه القوات هو من أجل هذا وذاك ؟
معاناتنا فوق أزمة الكهرباء وأزمة البنزين وغيرها ، معاناتنا تتجسد في أن قوى الظلام من الصداميين وفلول القاعدة لا زالوا يواصلون جرائمهم بحق أهل العراق . لقد تحدث العاني في مقالته المذكورة عن الوضع الأمني المتدهور في ظل وجود الاحتلال ، لكنه يختصر ذلك بجملة واحدة هي ( لترحل هذه القوات كي لا يقتل العراقيون بالخطأ ولاتتكرر فضائح ابو غريب وحديثة ) وهذا منافي للحقيقة التي تقول أن هناك العديد من العراقيين الذين يقتلون نتيجة تفجير انتحاري لنفسه في مطعم أو مدرسة أو جامع أوسوق شعبي أو محطة لنقل الركاب . هذا المشهد الدموي يتكرر يوميا في ظل وجود هذه القوات . السؤال الآن هو :
هذا هو حال العراق في ظل وجود القوات المتعددة الجنسيات ، سيارات مفخخة ، وعبوات ناسفة ، وأحزمة ناسفة هدفها دائما وأبدا قتل العراقيين في الشوارع والمطاعم والجوامع والحسينيات ومحطات نقل الركاب والأسواق الشعبية والجامعات والمدارس وتطول القائمة .. هذا هو الحال في ظل وجود هذه القوات ، فكيف سيكون في حالة مغادرتها الآن ؟
أما الجواب فهو :
هكذا سيصبح حال العراق في حالة خروج هذه القوات : محافظة الأنبار ستصبح امارة طالبانية يكون أميرها الزرقاوي المبارك من أسامة بن لادن ، وكردستان ستعلن نفسها دولة لأنها وببساطة ليست لها علاقة بالحرب الأهلية التي ستحصل في العاصمة بغداد التي ستهجم فيها مدينة الثورة ( الصدر ) على مدينة الأعظمية لينتقم بعدها أهالي الأعظمية من أهالي منطقة الكريعات الشيعية ، وسيُرغم المسيحيون على ترك منطقة الدورة ، وسيُقتل السنة في مناطق الشعب وحي أور والبنوك ، وسيُقتل الشيعة في العامرية وحي العدل والغزالية ليس بالشكل الذي يحصل في هذه الأيام ، بل تكون الجثث بالآلاف كل يوم ، ولن نحدثكم عما سيحصل على جسر الكاظمية ، إذ أن الجميع سيترحم على اليوم الذي استشهد فيه ألف شهيد على هذا الجسر في زمن وجود القوات المتعددة الجنسيات ، أما محافظة ديالى فالمجازر فيها ستزيد ، إذ ستحرق فيها مدن كاملة . الجنوب سيعلن دولته وستحصل كارثة في البصرة بعد أن يسيطر عليها الأحزاب الشيعية ويقومون بقتل وطرد السنة . في الموصل ستحدث كارثة بين أهل الموصل والقوات الكردية ( البيشمركه ) التي ستدخل قواتها المدينة لحماية الأكراد في هذه المدينة بعد الهجمة الشرسة التي حلت عليهم من الصداميين والتكفيريين في الموصل . لن نحدثكم عن تكريت فهذه المدينة أثبتت جبنها يوم دخلت القوات الأمريكية اليها ويوم وجدوا بطلها ( صدام ) في حفرة كأي جرذ ، إذ أن أهل هذه المدينة سيسعدهم ما حل بأهل العراق الذين لم يساندوا( ابنهم البار ) في حربه الأخيرة . الارهابيون في سامراء سينسفون ما تبقى من ضريحي الامام علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام.
هذه هي الصورة التي سيصل لها العراق في حالة خروج القوات المتعددة الجنسيات الآن ، تلك القوات التي نتمنى أن تخرج من بلدنا بعد أن نقول لها شكرا على الانجاز الكبير التي حققته لنا ( الخلاص من النظام الصدامي ) ، لكن يحصل هذا حينما تكون لدينا حكومة قوية لها قوات من الشرطة والجيش بامكانها السيطرة على الارهابيين ومن يدعمهم .
هل وصلت حكومتنا الى هذا الحال ؟ لا نعتقد ، فلم المزايدة على الوطنية بهذه الحجة التي لو تمعنا في من يطالب بها ، أي يطالب بخروج هذه القوات الآن ، لوجدنا أنهم قلة من العراقيين ، من الذين لهم مصالح شخصية أو انتقامية ضد التغيير الكبير الذي أحدثته هذه القوات بالعراق ، نقصد الخلاص من النظام الصدامي .
وتبقى أخيرا فقرة في مقالة العاني التي يقول فيها : " ما الذي يحصل أكثر مما حصل ؟ هل يتعالى الصوت الطائفي بين السنة والشيعة ؟ بالله عليكم هل سمعتم يوماً صوت الطائفية قبل وجود الاميركان وولادة المحاصصة ومجلس الحكم؟ "
نقول له أن هذا الصوت كان موجودا فالشيعي كان متهما ومجرما وخائنا ، أما السني ، وهذا المعنى لا يشمل جميع أهل السنة ، فقد كانوا الدولة ، والحكومة ، والمراكز الحساسة والكبيرة . كان الشيعي لا يستطيع أن يرفع رأسه . هذا ليس معناه أن صدام كان سنيا فصدام بلا دين وحاله من حال محمد حمزة الزبيدي وطارق عزيز وبقية الجوقة ، لكنها الحقيقة التي يريد بعضهم أن يغيبها وهي أن الدولة كانت للسنة والسجون للشيعة . مقارنة بسيطة في سجلات السجون والمقابر والجماعية والذين أعدموا دون أن تسلم جثامينهم الى ذويهم فستجد جوابا للمفهوم الذي طرحته .
نعتقد أن من يطرح فكرة خروج القوات المتعددة الجنسيات في هذا الوقت مثلما ذكر العاني في مقالته فأما أن يكون ارهابيا أو بعثيا أو طائفيا أو معتوها أو من أصحاب المصالح الذين أضرهم التغيير الذي حصل بالعراق بعد التاسع من نيسان من العام 2003 أو ربما أنه لا يحب الخير للعراق والعراقيين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس