الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيروس كورونا ومستقبل الحراك البشري

أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة

2020 / 3 / 5
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


منذ ظهور فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر 2019 ومع الانتقال الجغرافي للفيروس لأماكن أخرى في العالم من أهمها إيران وإيطاليا، وعلى الرغم من الفيروس لم يتحول لوباء عالمي، اتخذت العديد من الدول إجراءات تقييدية على الحراك البشري سواء داخل الدولة الواحدة أو بين الدول.
في البداية اتخذت الصين إجراءات صارمة تحد من حركة الأشخاص داخل المناطق التي ظهر فيها الفيروس وبينها وبين المناطق الأخرى ما أدي إلى توقف العديد من المنشآت الصناعية والتجارية عن العمل ما سيؤثر في المستقبل القريب على الاقتصاد الصيني وبالتالي الاقتصاد العالمي برمّته من خلال التأثير السلبي على سلاسل التوريد العالمية وهو ما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على إنتاج السلع وتقديم الخدمات التي يدخل في تصنيعها/تقديمها منتجات صينية وهي في الحقيقة لا تحصى ولا تعد.
أدى ذلك أيضا، وفي المدى القصير، إلى تأثر سوق البترول العالمية نتيجة لانخفاض الطلب الناتج عن توقف بعض المصانع الصينية ومن المتوقع أن نشهد إختلالات كبيرة في سلاسل التجارة العالمية من خلال تزثير المضاعف multiplier effect وما يمكن أن يستتبعه من موجات إنكماشية أو ربما ركود.
بالنسبة للحراك البشري ومع الهلع من الفيروس الصيني، استعاد الناس ذكريات الأوبئة السابقة مثل سارس وإيبولا على الرغم من محدوديتها وظهورها في دول غير مركزية بالنسبة للعالم مثل الصين. استعاد أكثر الناس تشاؤما ما الطاعون الذي ضرب أوروبا في القرن الرابع عشر والذي أدى إلى إبادة نصف سكان أوروبا في ذلك الوقت. استعاد المالتوسيون من خبراء السكان تحذيرات القس الإنجليزي روبرت مالثوس ونظريته المتشائمة التي ترى أن الحروب والمجاعات والأوبئة قد تكون أحد حلول الزيادة السكانية، وذلك مع اقتراب عدد سكان الكوكب من ثمانية مليارات نسمة.
في مقابل الإجراءات الصينية للحد من إنتشار الفيروس بالحد من الحراك البشري داخل الصين، اتخذت الدول الأخرى خطوات احترازية من بينها وقف الرحلات الجوية بينها وبين الصين، وبدأت بعض الدول في استقدام مواطنيها من الصين ووضعتهم في مستشفيات عزل لفترة حضانة الفيروس لمدة 14 يوما قبل السماح لهم بدخول البلاد.
مع إنتشار الفيروس في بلدان أخرى أهمها إيران وإيطاليا اتخذت تلك الدول إجراءات أكثر حدة للتضييق على الحراك البشري حيث أغلقت المدارس والجامعات في كل من إيران وإيطاليا وألغيت صلاة الجمعة في إيران وألغيت التجمعات العامة وأغلقت العديد من الميادين والأنشطة الفنية الجماعية والأنشطة الرياضية.
على المستوى العالمي ألغيت العديد من المؤتمرات واللقاءات والفعاليات الدولية والإقليمية وكذلك انخفض التمثيل في المؤتمرات التي كان مخططا لها في الفترة الأخيرة نتيجة اعتذار بعض الحضور أو مشكلات التضييق على الحراك البشري مثل منع القادمين من بلدان معينة أو من خلال بلدان معينة من دخول بعض الدول. أضف إلى ذلك المناكفات السياسية واستغلال هذا الموضوع لتصفية حسابات سياسية أو منع جنسيات معينة من دخول بعض البلدان.
بعض الجامعات بدأت في وضع خطط وبرامج لاستكمال العام الدراسي من خلال الاستعانة بالتكنولوجيا لتقديم تعليم أشبه بالتعليم عن بعد. بدأت بعض الجامعات في إعداد برامج لتدريب المحاضرين على إستخدام تكنولوجيا التعليم عن بعد. بالنسبة للمؤتمرات الدولية زاد الاعتماد في الآونة الأخيرة على إستخدام برامج تكنولوجية لاستضافة من لم يتمكنوا من الحضور بسبب الفيروس.
على الرغم من أن هذا هو مستقبل المؤتمرات الأكاديمية وغير الأكاديمية إلا أن هذا النوع من أنواع الاتصال يفتقد اللمسة الإنسانية ويجعلنا نتحول إلى ماكينات أو أدوات تكنولوجية.
إذا استمر انتشار الفيروس بهذا الشكل أتصور أن الحراك البشري سيضرب في مقتل وربما تعلن شركات النقل عموما والطيران بشكل خاص إفلاسها. كما أن التأثير على سلاسل التجارة العالمية وتوقف المصانع سوف يؤدي إلي تسريح ملايين العمال الذين ربما يفكروا في الرحيل إلى أماكن أخرى تعاني هي أيضا من العديد من المشكلات.
عندما أصاب أوروبا وباء الطاعون في القرن الرابع عشر لم يخرج الوباء خارج أوروبا نظرا لمحدودية وسائل المواصلات في ذلك الوقت. نحن نعيش الآن في قرية كونية وما يحصل في قرية صغيرة في العالم الثالث يمكن أن يهز العالم كله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة